مع استمرار تفشي جائحة كورونا حول العالم وتخطي عدد المصابين الإربعة ملايين وثلاثمئة آلف حول العالم واقتراب عدد الوفيات من ثلاثمائة آلف  وتطور عدد الاصابات في كثير من الدول صعوداً وخصوصاً روسيا التي اصبحت تحتل المرتبة الثالثة عالمياً بعدد الأصابات نجد أن المشكلة الحقيقية تكمن في كذب بعض الدول على مواطنيها في مايخص الوضع الصحي وحجم الأرقام الحقيقية المصابة  لديها ، وتكذب أيضاً في ما يخص طبيعة الفيروس وطرق انتشاره وعلاجه وهذا ما ينطبق أولاً على الصين البؤرة الأولى لهذا الوباء والتي كذبت على العالم أجمع  حين  حجبت المعلومات الحقيقية في مايخص طبيعة هذا الفيروس  ومنشأه وطرق انتشاره والاعداد الحقيقية من المصابين لديها لأكثر من شهر ، بل سمحت وقد يكون عمداً للكثير منهم بمغادرة البلاد مما تسبب في إنتشار الوباء في كافة أرجاء المعمورة ، وكما كذبت الصين على العالم ، مارست  إيران الكذب على العالم أيضاً  حين  تكتمت على حجم تفشي كورونا في مدينة قم المقدسة  وهي البؤرة الأولى  في إيران (والتي يزورها عشرات الآلاف يومياً منهم من داخل إيران ومنهم من قدموا من خارجها وعادوا إلى بلدانهم يحملون الفيروس معهم ) كذبت الحكومة الإيرانية  بخصوص كورونا حتى خرج الوباء عن السيطرة وأنتشر في جميع أنحاء إيران وأصاب قيادات عليا في السلطة وسبب وفاة عدد من نواب البرلمان ، وساهمت إيران من خلال تكتمها هذا بنشر فيروس كورونا في عدد كبير من الدول منها العراق وسوريا ، فيما أكدت  دول أخرى بأن حالات كورونا  الأولى المسجلة  لديها كانت لأشخاص قادمين من إيران سواء كانوا من حاملي الجنسية الإيرانية أو من زوار العتبات المقدسة في إيران .

ولا يختلف الحال مع النظام السوري الذي لازال يصر حتى اليوم على محدودية انتشار الفيروس في البلاد وبالكاد أعترف بوجود حالات خمس فقط في البداية  ليعود ويؤكد على اصابة أخرين ليصل عدد الحالات إلى سبعة واربعون حالة وليخرج رأس النظام قبل أيام ليحذر من خطورة انتشار كورونا في ظل الوضع الصحي السيء الذي تعيشه البلاد  ورغم التقارير الكثيرة التي تشير إلى وجود عدد كبير من الاصابات في  مناطق سيطرة النظام  مثل محافظتي طرطوس واللاذقية  والعاصمة دمشق حيث تقع  المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات الإيرانية وأماكن تواجدها وخصوصاً منطقة السيدة زينب التي منع الدخول والخروج منها ، وكذلك الحال  في محافظة دير الزور والمناطق المحيطة بها وصولاً إلى مدينة البوكمال  المحاذية للحدود العراقية والتي يتواجد بها عدد كبير من الميليشيات الإيرانية  حيث نقلت  تقارير محلية  انباءعن وجود حالات كثيرة للاصابة بكورونا في صفوف تلك القوات ، و حسب قول ممثل منظمة الصحة العالمية في سوريا في حينها بتصريح ل CNN :  ان هذا البلد من الدول الأكثر عرضة لتفشي فيروس كورونا بسبب الحرب المندلعة فيه منذ سنوات والنظام الصحي الهش والأفراد الأقل حصانة صحية أمام الإصابة بهذا المرض وأكد أن سوريا والعراق وإيران وليبيا على رأس قائمة الدول التي لم تصرح عن الاصابات الحقيقية لديها.

 وهذا يعني أن حكومات هذه الدول تكذب كما كذبت الصين قبلها فمدير مكتب منظمة الصحة العالمية في الصين أكد أن الحكومة الصينية لم تبلغ مكتبه رسمياً عن أي اصابة بفيروس كورونا حتى تاريخ الثالث من يناير أي بعد أكثر من شهر على أكتشاف أول حالة في مقاطعة ووهان الصينية وهذا يؤكده قول وزير الخارجية الامريكي بومبيو في بداية شهر مارس  في تصريح لقناة “سي إن بي سي” الأمريكية، إن “المعلومات التي حصلنا عليها في البداية لم تكن مثالية، وأدى ذلك إلى الوضع الذي نواجهه اليوم وجعلنا نتأخر عن التطورات”.

ثم عاد ليؤكد اتهامه للصين بأن تأخرها في مشاركة المعلومات حول  فيروس كورونا سبّب مخاطر للناس في أنحاء العالم، وقال إن هذا “عرّض حقا حياة الآلاف للخطر”. وكذلك الحال اليوم حيث تؤكد كثير من التقارير الأستخباراتية على أن الصين حجبت معلومات كثيرة عن العالم في مايخص الفيروس مما تسبب في تفش المرض بهذا الشكل ولا زال الرئيس الامريكي يشير في مؤتمراته الصحفية على مسؤولية الصين بشكل اوبأخر وهو الذي اطلق صفة الفيروس الصيني منذ البداية 

وبما ان ترامب وقبله بومبيو ايضاً يتهم الصين بالكذب  ولأن فيروس كورونا عزز خاصية الكذب لدى كثير من الحكومات  والسياسيين فقد حان الوقت  لمنح الصين جائزة نوبل للكذب وهي جائزة لسيت موجودة طبعاً  ولكن يمكن أن تكون كذلك في يوم من الأيام لضرورة الحاجة لها ، ولتحقيق ذلك يمكن أن ننشئ صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي نطالب بها الأمم المتحدة باستحداث منصب سفير الكذب أسوة بمنصف سفير النوايا الحسنة لديها ، ويمكن أن ننشئ عريضة على موقع آفاز لحملات المجتمع نطالب بها لجنة جائزة نوبل بتخصيص جائزة للكذب ، وقد ننجح في ذلك.

وقد نكون أكثر ابداعاً وننشئ حسابً خاصً للتبرع بدولار واحد فقط لدعم وتمويل جائزة نوبل للكذب ولكن علينا أن نضع شرطاً اساسياً لهذا التبرع وهو أن يكون المتبرع من المتضررين من سياسة الكذب في العالم وأثارها النفسية والاجتماعية والدينية والسياسية وحتى الفنية ايماناً منا بأن جمهور المتبرعين المتضررين سيكون كبير جداً.

ويجب في حال موافقة لجنة الجائزة على تخصيص جائزة للكذب أن تحدد مسبقاً الفئات التي يمكن لها ان تترشح لتلك الجائزة وكذلك تحديد شروط ترشح الفرد الكاذب ومؤهلاته وعليه أن يقدم في ملف ترشحه أثباتاً مادياً لأهم انجازاته في هذا المجال وان يرفق نسخة من أهم كذباته المنشورة أو غير المنشورة ، ويمكن للجمهور ترشيح أي شخصية أو دولة أو منظمة لهذه الجائزة  وقد تكون الفئات الاهم المرشحة لهذ الجائزة هي : فئة السياسة وهي باعتقادي الاكثر حظاً بالفوز لأنها تضم الكثير من الكذابين في صفوفها فرجال السياسة يكذبون ليلاً ونهاراً  في كل ما يخص  مشاكل البلاد   السياسية  والاجتماعية  وكذلك الوزراء  الذين يكذبون للحفاظ على مناصبهم مثل وزير الصحة الإسرائيلي  يعقوب ليتسمان المصاب بفيروس كورونا بعدما اتضح أنه ضرب بتعليمات احترازية أقرتها وزارته بعرض الحائط، ما تسبب في تفشي الفيروس داخل مدن وأحياء يقطنها المتشددون.ولا ننسى رؤساء الاحزاب الموتورين وهم كذابون بامتياز ومنهم  ذاك الذي خرج يطالب حكومته بحصار مخيمات الفلسطينين والسوريين لانها مصدر خطير لفيروس كورونا  ومثله فعلت نائبة في البرلمان في بلد عربي حين طالبت حكومتها بأبعاد كافة المقيمين في البلاد لأنهم مصدر فيروس كورونا وكأن كورونا يصيب المقيم فقط ولا يصب المواطن .

 ولا يمكن أن نستثني هنا رؤساء الدول فهم الاكثر كذباً على شعوبهيم  واذا أردنا أن نختار مثالاً لهم فسيكون الرئيس الأمريكي ترامب متصدراً لهذه الفئة فهو قد حطم الرقم القياسي في الكذب خلال فترة رئاسته التي لم تنتهي بعد .

وإذا ما ذهبنا لتصنيف الفئة الثانية التي يمكن أن تنال شرف الفوز في هذه الجائزة هي فئة الأعلاميين والفنانيين ، فعلى مدى عقود مضت تمرس الكثير من الاعلاميين الذين تصدرو المشهد في أهم الشبكات الاعلامية حول العالم  الكذب على مشاهديهم وقدموا لهم الكثير منه في نشرات الاخبار والمعلومات الكاذبة التي يتشدقون بها ليل نهار لتتناسب مع المطبلين والمزمرين لحكام تلك الدول .

وهناك الكثير من الممثلين الذين لعبوا ادواراً  كثيرة في الكذب على مشاهديهم من خلال ماقدموه من اعمال تلفزيونية ومسرحية وهؤلاء يمكن ان نسميهم كذابون حقيقيون بعكس أولائك الذين قدموا اعمالاً لم تكن تعكس حقيقتهم التي ظهروا عليها خلال أزمة كورونا كتلك الفنانة التي تصدرت منذ فترة وجيزة  وسائل التواصل الاجتماعي بموقفها المخزي من المقيمين في بلدها .

كورونا , بلا شك هو فيروس قاتل واذا ما تهمناه بأنه عزز غريسة الكذب لدى الكثير إلا انه حفز الشعور الانساني أيضاً لدى الكثير من المجتمعات حول العالم بالتضامن والتعاون لمحاربة هذه الجائحة وكشف أيضاً وعرى الكثير من النفوس المريضة والشخصيات الانتهازية التي شكلت صدمة كبرى للجميع عبرمواقفها السلبية  تجاه الانسان بوصفه انسان قبل أن يكون لاجئ أونازح او عامل مقيم.

كورونا  درس عميق للأنسانية  وسيترك  نتائجه  و تأثيراته  على صعيد حياة البشرية  و مستقبلها على الارض .