بيان من حزب الشعب الديمقراطي السوري  

   لأسبوعين وأكثر؛ يتعرّض قطاع غزة المحاصر من قبل إسرائيل لحرب إبادة جماعية، وفق سياسة الأرض المحروقة والعقاب الجماعي. تدميرٍ وحشيٍّ ممنهج يفتك بأرواح سكانه المدنيين، بمن فيهم الأطفال والنساء، إنها مقتلة علنية وجريمة حرب موصوفة ضد الشعب الفلسطيني، تستحضر زمن المحارق البشرية، لشعب يعاني من الاحتلال والاضطهاد والتنكيل الإسرائيلي منذ عقود، بتجاهل تام للقرارات الأممية بشأن القضية الفلسطينية، وبانتهاك صارخ لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. 

   القطاع كله بات ساحة قصف وحشي من قبل إسرائيل، حيث لا توجد ملاجئ تحمي الغزاويين، الذين قطعت عنهم كل مقومات الحياة حتى البسيطة منها، كالطعام والماء والكهرباء والغاز والمحروقات والأدوية …، ولا تتوانى إسرائيل عن قصف الأبراج والمساكن والمساجد والكنائس والمؤسسات والمشافي والطواقم الطبية، والإيعاز للمنظمات الدولية بإغلاق مقراتها ومغادرة القطاع، وإغلاق المعابر، ما يُنذر بفاجعةٍ أكبر. 

 إنها نكبة ثانية، لا تترك للفلسطيني سوى أحد خيارين كارثيين: إما الموت مع عائلته تحت الأنقاض، وإما التهجير القسري، وذلك تحت سمع ونظر عالم لا يجرؤ على إدانةٍ تغصب الكبار وانحيازهم في هذا الكوكب الموشك على التفسخ القيمي، والذي يراقب هذه الجرائم بصمت مخزٍ، يلامس حدود التواطؤ.

   يجب إيقاف هذه الوحشية ضد المدنيين، هذه المطحنة التي تأخذ في طريقها أطفالاً ونساءً وآمنين داخل بيوتهم، باتوا يحلمون فقط بالتعرف على جثثهم بعد موتهم، فيكتبون أسماءهم وأرقام هوياتهم على أيديهم.  

   حرب ستظلُ تدين الولايات المتحدة الأمريكية والدول الداعمة لإسرائيل، وجميع الأطراف التي افتعلتها وتغذيها؛ لزمن طويل؛ ولابدَّ من حراك عربي عالمي مؤثر؛ يسعى إلى تجريم إبادة الضعفاء. ومناصرة حق الحياة وحقّ تقرير المصير،

   فبعد ثلاثة عقود من إبرام اتفاقية أوسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين برعاية دولية فاعلة، وبعد أكثر من عشرين عاماً على مبادرة السلام العربية، التي أقرت مشروعاً لمعالجة القضية الفلسطينية والصراع العربي – الإسرائيلي، تستمر إسرائيل باحتلال الأراضي العربية وإنشاء المستوطنات. وانتهاك حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وخاصة حقه بإقامة دولته المستقلة، رغم اعتراف هيئة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بذلك. بالتالي ليس لأحد أن ينكر على الفلسطينيين حقهم في مقاومة الاحتلال.

   إن ما يجري في غزة وما حولها؛ يحمل مؤشرات خطر التفجر، ويهدد باتساع رقعة الحرب، وانهيار الأمن والاستقرار في المنطقة برمّتها، وانزلاقها إلى نفق مظلم. وهو ما يستوجب حضور الموقف العربي اللائق والداعم، الذي يستحقه الشعب الفلسطيني وتضحياته وطموحاته الوطنية، وخطورة مآلات هذه الحرب الظالمة. كما يرتب على المجتمع الدولي والمؤسسات الإنسانية والإغاثية مسؤولية كبيرة لمساعدة شعب يتلوى في فم حرب وحشية مجهولة النتائج.

   نحن في حزب الشعب الديمقراطي السوري؛ ندين صمت وتواطؤ المجتمع الدولي وتخاذل العرب أمام جرائم النازية الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وما يستتبعه من تهجير قسري لأهاليها. وندعو الأخوة الفلسطينيين بكل الحرص والقوة؛ إلى قراءة نقدية لتجربتهم المريرة، ونبذ الفرقة والانقسام والمقولات والشعارات الأيديولوجية التي أوصلتهم إلى هذه الكارثة، إن الوحدة الوطنية الفلسطينية وقرارها الموحد؛ هما الضمانة الأكيدة لنجاح أي خطوة تقوم بها المقاومة الفلسطينية على طريق حق تقرير المصير. والبحث عن أشكال نضالية جديدة، تحقق إرادتها وتحافظ على قرارها الوطني المستقل بسحب قضيتها من أيدي المستغلين مثل ملالي طهران والحكام المستبدين الذين دمروا القضية والبلاد، ويستثمرون في دماء أهل غزة ودمارها، ونشروا وينشرون ثقافة الموت والعنف؛ بديلاً عن ثقافة الحياة في المنطقة.  

 لابدَّ من الإشارة والتأكيد إلى أن أي عمل مقاوم؛ يفقد استراتيجيته وأهدافه ومشروعيته؛ عندما ينخرط في أجندات الدول ومصالحها المتبدلة. مما يستدعي الحرص والحذر من إمكانية استثمار الدم الفلسطيني في غير موقعه. وعلينا التعامل مع القضية الفلسطينية كقضية نضالية وطنية وعربية؛ تعمل لتحصيل حقوق شعبها وحياته الكريمة، وربطها بالحرية والكرامة والعدالة مع الشعوب العربية.

دمشق 22 /10 / 2023                                                                      

                                                                                      الأمانة المركزية 

                                                                   لحزب الشعب الديمقراطي السوري