صادمة ومؤلمة كانت الأنباء التي أعلنت عن وصول مقاتلين سوريين إلى ليبيا، ثم إلى أذربيجان وأرمينيا للمشاركة في العمليات العسكرية الجارية هناك بقيادة الدول ولمصالحها دون أن يكون لهؤلاء المقاتلين أي هدف يستوجب التضحية أو مصلحة تستحق التورط والعناء. فليس للقتال – من أجل المال وحده – بعيداً عن حدود الوطن وخارج مصلحته وأهدافه وقضاياه غير اسم واحد هو الارتزاق.

  لا شك بأن النظام هو المسؤول الأول عن حالة البؤس التي يعيشها السوريون، داخل البلاد وخارجها، والتي جعلت الشباب السوري فاقد الخيارات، يتقلب بين السيء والأسوأ. فأعمال القتل والتدمير والتهجير التي مارسها بوحشية ممنهجة لعقد من الزمن، ولاحقهم بها في وطنهم وإلى كل مكان حولت ملايين السوريين إلى لاجئين ضاقت بهم المخيمات وحدود الدول وانعدمت أمامهم سبل العيش الكريم والخروج من المحنة الطويلة.

  إن الشباب السوري الذي وقع في فخ التجنيد القسري / الاضطراري واضعاً نفسة في خدمة الآخرين وأجنداتهم ومصالحهم هو ضحية مزدوجة لحال الفاقة والتدمير الكلي التي أنتجها النظام ومليشياته المحلية والمستوردة وللدول المعنية وشركاتها الأمنية التي استغلت ظروفهم القاهرة وحولتهم من مقاتلين من أجل حرية شعبهم ووطنهم إلى بنادق مأجورة ومرتزقة لخدمة مآربها وسياساتها. وليس لأحد أن يُجَمِّل صورة ما حصل أو يبرره فهو عار على أصحابه وموضع استنكار من قبل السوريين. وحسناً فعل ” المجلس الإسلامي السوري ” الكريم في البيان الذي أصدره مشكوراً ، وعرى فيه هذا الفعل من أي شرعية دينية أو أخلاقية أو إنسانية نافياً أن يكون القتال لمقصد ” كجمع المال والارتزاق والرياء والسمعة ” جهاداً .

  إننا نحذر أبناءنا وإخوتنا من الشباب السوري في مختلف مناطق البلاد ودول الهجرة واللجوء من مخاطر الانجرار إلى هذا المنزلق الذي يشكل خطراً جدياً ومحدقاً بحياتهم الشخصية، وعاراً شعبياً واجتماعياً على أسرهم وعائلاتهم. وعلى المستوى الوطني يلحق الأذى بسمعة السوريين وتاريخهم ومهامهم الراهنة في مواصلة الثورة لإنقاذ شعبهم ووطنهم من النهب والطغيان والاحتلال. وندعو المجتمع الدولي والهيئات الأممية ذات العلاقة للقيام بواجباتها ومسؤولياتها الإغاثية والإنسانية نحو اللاجئين السوريين في كل مكان الذين تدفعهم مرارة العيش إلى ما هو أشد مرارة . 

  وندعو الدول والشعوب الشقيقة والصديقة التي فتحت أبوابها لاستقبال السوريين وقدمت لهم الكثير ووقفت معهم في ثورتهم من أجل الحرية والكرامة إلى تقدير ظروفهم في أوضاعهم الصعبة والمساعدة في إبعاد هذه الكأس المرة عنهم ، وتمكينهم من البقاء في المكان الصحيح وراء قضيتهم؛ ففي ذلك مصلحة للجميع وخدمة لمستقبل المنطقة في تحقيق الأمن والاستقرار والسلم الأهلي لجميع شعوبها .