ترجمة وتلخيص المهندس عبد الحميد الأتاسي


يرى المستشار في معهد مونتيني, ميشيل دوكلو مؤلف كتاب” الليل السوري الطويل”, وسفير فرنسا السابق قي سوريا ( بين 2006 -2009 ), في حديث له مع اللوموند, بخصوص التداعيات السياسية لمقتل 33 جندي تركي في محافظة ادلب يوم الخميس 27 شباط من قبل” الجيش السوري” المدعوم من القوات الروسية والإيرانية : أن” دورنا هو في إعطاء شيء من الأكسجين لأردوغان ” , ومن الضروري أن نوجه إلى الرئيس التركي ” إشارات تضامن “. لأن هامش المناورة لديه ضيق جدا في مواجهة القوة العسكرية المركبة من النظام السوري وروسيا.


ونظرا لصعوبة وضعه, أخشى من أن يرتكب الأخطاء. وهوما تشير له التصريحات الرسمية الأولية حول فتح الحدود للمهاجرين السوريين نحو أوروبا. ويتوجب على أردوغان أن يتوقف عن استعداء أوروبا والولايات المتحدة. فضلا عن أنه مكره على إيجاد تسوية مع روسيا. لهذا السبب يشير إلى أن عدوه الوحيد هو النظام السوري, وليس موسكو.


وهدفه ليس استرداد كامل ادلب والعودة إلى الحدود السابقة للطرق السريعة م 4 وم 5 , لأن ذلك غير قابل للتنفيذ. و حين يتكلم عنه, فهذا يعتبر كنوع من البلف. غير أن من الممكن الأمل بوقف لإطلاق النار على منطقة من 30 – 40 ك م . وإذا لم يتحقق له ذلك , وستعمل دمشق بكل جهدها لعدم تحقيقه, يبقى خياره الوحيد القول: فتح البوابات ( السكور) أمام الهجرة إذا, هو خطيئة العالم الخارجي الذي خانني.


وما اذهلني وصدمني مؤخرا : اعتراف “البرلمان ” السوري بالابادة الجماعية للأرمن ( في 13 شباط ) , في اللحظة نفسها التي أخذت تظهر فيها أنقرة بعض بوادر الانفتاح . وواقعة اختيار هذه اللحظة بالذات من قبل هذا الذيل للنظام كانت طريقة للقول بوضوح : لا تسويات. و ضربات مساء الخميس أرسلت نفس الرسالة, ولكن بصورة أكثر وحشية وشراسة.
وأزمة ادلب هذه ألا تضع تغافل أو انعدام شعور الأوروبيين في أيقونة ؟


ولا يمكننا تجاهل نتائج خياراتنا حول ثلاث نقاط رئيسية. أولا رفض الأوروبيون, منذ بداية الحرب, كل ما من شأنه الإشارة إلى منطقة آمنة أو منطقة عازلة. ثم, سماحنا منذ 2012, للنظام بإمطار السكان المدنيين السنة بالقنابل في المناطق المحررة من قبل المتمردين. وأرسلنا الرسالة التي تقول أن حياة السنة لا قيمة لها بالنسبة لنا.


وأخيرا, هناك مسألة تحالفنا مع حزب الاتحاد الديمقراطي , الفرع السوري من حزب العمال الكردستاني التركي. لا أعترض على احكام أجهزتنا الاستخباراتية وعسكريينا , وبحسب رؤيتهم لا يمكن التصرف بصورة أخرى. لكن يمكننا بنفس الوقت بدء مفاوضات سياسية مع حزب الاتحاد الديمقراطي, لتقليص الصفة غير المقبولة – دون إمكانية الغائها تماما – لهذا التحالف أمام اعين الأتراك.


ماذا ينبغي أن يفعله الأوروبيين إزاء الابتزاز بالمهاجرين ؟


الآن / في هذه الساعة ما زالت تركيا في طور/ حالة البلف. لكن الذي يقلقني كثيرا, هو الراديكالية المنهجية للخطاب في تركيا. منذ أربع أو خمس سنوات كنا نجد أيضا وزراء أو إطارات( في حزب العدالة والتنمية حزب الرئيس أردوغان ) يعتمدون خطابا عقلانيا. هذا لم يعد مؤكدا أبدا كثيرا اليوم. لدرجة أنهم لعبوا الورقة القومية المعادية لأوروبا.


يمكننا اتخاذ أوضاع قوية, حتى واو كانت خطب منمقة. ينبغي أن لا نكرر خطأ هولاند و ميركيل والأمريكان في لحظة الانقلاب في تركيا, بعدم التظاهر وكأنه لا علم لنا بالأمر. ومن الضروري إرسال إشارات تضامن إلى أردوغان , وتقديم عروض لخدمات إنسانية, واقتراح مساعدة اقتصادية واستشارات عسكرية على الأقل, و فحص طلباتهم حتى وإن لم تكن تخص مسألة القتال إلى جانبهم. لتحاشى إعطاء الشعور بأن الأتراك هم تماما لوحدهم, و الاشارة هكذا إلى السوريين وإلى الروس أنه بامكانهم الضرب على قدر ما يشاؤون .


لقد طلب الأتراك نشر صواريخ باتريوت الأمريكية. لكني شعرت بخيبة حين رأيت أن الولايات المتحدة قد جاوبتهم علنا بوضعها كشرط التخلي عن اقتناء الصواريخ الروسية س- 400. ليس من المحظور إظهار قليل من الفطنة والاحساس مراعاة لأردوغان بغض النظر عن رأينا به وبخياراته.


لقد نجح بوتين في استدراج أردوغان إلى المكان الذي يريده. وانقطع الزعيم التركي عن حلفائه في الحلف الأطلسي ومع قضية الصواريخ س – 400 أصبح متعلقا كلية بموسكو من أجل إيجاد حل لأزمة ادلب . ودورنا هو في إعطاء الأوكسجين ثانية لأردوغان للتخلص من هذا الفخ.


وتتمتع روسيا بعفو استثنائي من العقاب, في حين أنها تتحمل مسؤولية عسكرية وديبلوماسية من أجل الجرائم المرتكبة في سوريا منذ سنين …


وفي الرسالة التي وقعها 14 وزير للشؤون الخارجية الأوروبية ( المنشورة في الصحافة ) توجد وتقوم أخيرا الحقيقة حول روسيا . آمل أن النبرة سوف تتغير. بدء ذلك على المستوى الديبلوماسي في الأمم المتحدة في نيويورك. وفلنتوقف عن تجريم النظام السوري فقط . إنه لا يستطيع أن يفعل شيئا بدون الطيران الروسي.