وسط دعوات أممية للعودة إلى «جنيف» ومناشدات أهلية لإجلاء العالقين تحت الأنقاض
هبة محمد
دمشق- «القدس العربي» : ترتفع وتيرة الصراع بين تنظيم «الدولة» وقوات النظام السوري في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين والأحيـاء المحيطة به التضامن والقدم والعسالي وبلدة الحجر الأسود، جنوب دمشق، التي يسيطر تنظيم الدولة على معظم مساحتها، فيما ينتشر مقاتلو هيئة تحرير الشام التي تشكل النصرة قوامها في حي الريجة غرب المخيم.
ويحاول النظام السوري بإسناد جوي روسي، انتزاع السيطرة على المنطقة، بعد تعثر المفاوضات بين الطرفين، الامر الذي خلف مقتل أكثر من 13 مدنياً واضعافهم من العالقين تحت الأنقاض، وسط أوضاع وصفها البعض على انها كارثية، بسبب انعدام فرق الإنقاذ والاسعاف، وتدمير «مشفى فلسطين» الوحيد في مخيم اليرموك.
وحيال هذه الأوضاع وصف المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة الأونروا، «بيير كرينبول» الطريق التي يعبرها نحو 900 طالبة وطالبة من لاجئي فلسطين في مخيم اليرموك للوصول إلى مدارسهم بـ»نقطة تفتيش الموت»، فيما تجري محاولات أممية لإعادة اطراف النزاع في سوريا إلى طاولة المفاوضات، حيث شدد مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا ستافان دي ميستورا امس الثلاثاء على أن المكاسب التي حققتها دمشق وحلفاؤها على الأرض في الحرب السورية لا تقرب البلاد من السلام، حيث قال دي ميستورا خلال مؤتمر دولي للمانحين لسوريا يستضيفه الاتحاد الأوروبي في بروكسل، «نرى أنه في الأيام والأسابيع القليلة الماضية، لم تؤد المكاسب العسكرية والمكاسب على الأرض والتصعيد العسكري لحل سياسي ولم تجلب أي تغيير، ما حدث هو العكس» فيما دعت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني إلى ضرورة «استئناف محادثات السلام التي تشرف عليها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب التي دخلت عامها الثامن».

غوتيريش: الحل سياسي

فيما قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش انه ليس هناك حل عسكري للوضع في سوريا، وأن دعم الحل السياسي بشكل كامل يحتاج إلى نجاح محادثات جنيف التي تيسر الأمم المتحدة إجراءها، وكرر الأمين العام في مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء السويدي ستافان لوفن في ستوكهولم، الدعوة إلى «ضرورة وصول المساعدات الإنسانية إلى كامل الأراضي السورية وإلى كل المحتاجين، فضلا عن إيجاد طريقة لمحاسبة المسؤولين عن انتهاك القانون الدولي بهجمات الأسلحة الكيميائية غير المقبولة على الإطلاق» معرباً عن أمله في أن يثمر الحوار في إيجاد طريقة في المستقبل القريب للخروج من المأزق الذي أوقف حتى الآن الجهود للتوصل إلى آلية جادة للإسناد والمساءلة.

في الميدان

وتزامناً ارتكبت المقاتلات الحربية السورية والروسية مجزرة في بلدة «يلدا» التي تسيطر عليها فصائل المعارضة المسلحة، حيث قصف الطيران الحربي نقطة عسكرية لجيش الإسلام في حي الزين بيلدا، ما اسفر عن مقتل قرابة الـ 10 مقاتلين واصابة العشرات بجروح، بينهم قائد جيس الإسلام في جنوب دمشق «ابو البراء».
واستهدفت المقاتلات الحربية أمس مخيم اليرموك واحياء التضامن والقدم والعسالي وبلدة الحجر الأسود بريف دمشق الجنوبي بأكثر من 85 غارة جوية وعشرات القذائف المدفعية والصاروخية، والبراميل المتفجرة وصواريخ أرض أرض من نوع فيل، وذلك في سياق حملة عسكرية عنيفة يقودها النظام بمساعدة الميليشيات الفلسطينية الموالية منذ التاسع عشر من شهر نيسان الجاري، الامر الذي انتج تهديم مبانٍ سكنية وزيادة تدمير الشوارع والبنى التحتية المدمرة أصلاً، بالتزامن مع تواصل المواجهات بين القوات المهاجمة وتنظيم الدولة على محاور عدة اهمها «محور ساحة الطربوش» في مخيم فلسطين، وجبهات التضامن ومخيم اليرموك والقدم.
مصادر ميدانية اكدت لـ»القدس العربي» استهداف التجمعات السكنية في مخيم اليرموك والحجر الأسود والعسالي والمآذنية والقدم، بأكثر من 23 صاروخ ارض ارض، وعشرات القذائف من مختلف صنوف الأسلحة، وأكثر من 24 برميلاً متفجراً على الأحيـاء السكنية، فيما يعيش الأهالي «اوضاعاً كارثية» داخل الأحيـاء المحاصرة، مع استمرار اغلاق معبر ببيلا – سيدي مقداد لليوم السادس من قبل قوات النظام وقفدان مادة الخبز والخضار وشح مياه الشرب وارتفاع اسعار المحروقات بسبب منع قوات النظام ادخال المواد الغذائية والبضائع الي بلدات «يلدا – ببيلا – بيت سحم».
وأطلق مجموعة من ناشطي مخيم اليرموك نداء استغاثة، تحت عنوان «مخيم اليرموك يباد» لإنقاذ كبار السن والمدنيين العالقين تحت انقاض بيوتهم وإدخال المساعدات إلى مخيم اليرموك، وذكر الناشطون ان «العديد من المدنيين وكبار السن لا يزالون عالقين في مخيم اليرموك لا يستطيعون الخروج إلى بلدة يلدا، فضلا عن وجود العديد من المدنيين العالقين تحت الأنقاض بـسبب كـثافة القصـف علـى الأحيـاء الجنـوبية».
وناشد القائمون على الحملة «جميع الأطراف وقف الأعمال العسكرية والاقتتال لمدة معينة واجلاء المدنيين الذين لا حول لهم ولا قوة ونطالب بالسماح للطواقم الاغاثية المسؤولة بالدخول للمخيم لإخراج العالقين في بيوتهم والعالقين تحت الأنقاض».

قتلى النظام

وقال الناشط الإعلامي «عز الدين الدمشقي» من سكان ريف دمشق الجنوبي، انهم وثقوا مقتل 167 جندياً للنظام السوري والميليشيات المساندة له منذ بداية الحملة العسكرية على احياء التضامن ومخيم اليرموك والحجر الأسود والقدم والعسالي. مشيراً إلى ان 119 قتيلاً منهم لقوا حتفهم في مواجهات مع تنظيم الدولة، فيما قتل 50 آخرون خلال المعارك مع «هيئة تحرير الشام» التي تشكل النصرة عمودها الفقري، فيما لقي 7 آخرون مصرعهم على يد فصائل المعارضة المسلحة، مشيراً إلى ان معظم القتلى هم من مرتبات الحرس الجمهوري، والميليشيات الفلسطينية الموالية للنظام، إضافة إلى مقتل عدد من ميليشيا الدفاع الوطني، وقوات الامن العسكري.

مواجهات النصرة والنظام

أوضحت مصادر لـ «القدس العربي»، أن هيئة تحرير الشام (النصرة) أفشلت هجوما لقوات النظام والميليشيات الداعمة لها في حي الريجة التي تفرض جماعة النصرة السيطرة عليه، واسفرت المواجهات عن مقتل عدد من قوات النظام. ويخضع 70 بالمئة من مساحة مخيم اليرموك لسيطرة تنظيم «الدولة» فيما تسيطر النصرة على حي الريجة بمساحة كيلو متر واحد، غرب مخيم اليرموك ويبلغ عدد مقاتلي هيئة تحرير الشام قرابة 100 مقاتل.
ويعود أصل هذه المجموعة لما قبل دخول تنطيم الدولة إلى مخيم اليرموك حينما كانت المجموعة تطلق على نفسها «سرايا اليرموك» حيث قاتلت النظام السوري وصدت عمليات الاقتحام كما قاتلت تنظيم الدولة إبان اقتحامه وسيطرته على مخيم اليرموك عام 2015 وخلال التحالفات العسكرية أصبحت هذه المجموعة جزءاً من هيئة تحرير الشام واخذت على عاتقها قتال تنظيم الدولة وقوات النظام التي تحاول اقتحام المخيم من محاورها القتالية.
ووقعت هذه المجموعة داخل حصار ضمن ساحة الريجة، حيث حاصرها تنظيم الدولة من الجهة الجنوبية، بعد العملية العسكرية التي شنها التنظيم عليها نهاية عام 2016، وبين قوات النظام والمليشيات الموالية له من المداخل الشمالية للساحة.
ومع انجاز اتفاق المدن الاربع كفريا الفوعة مضايا والزبداني تم الاتفاق ايضا مع الهيئة على خروجها الكامل من غرب اليرموك إلى الشمال السوري وبدأ الاتفاق باخراج الحالات المرضية مقابل اخراج آخرين من كفريا والفوعة ايضاً الا ان قوات النظام نقضت الاتفاق، ومع الانتهاء من ملف الغوطة دوما وحرستا وعربين وقعت المجموعة المحاصرة في ساحة الريجة على موافقتها الخروج من المخيم إلى شمال سوريا وتحديدا لمدينة ادلب لتجنيب المخيم عملية عسكرية تنتهي باراقة دماء المدنيين وهدم المخيم على رؤوس اصحابه، الا ان النظام عاد ورفض اخراجهم من المنطقة واصـر على الحـل العسـكري.