هبة محمد

دمشق – «القدس العربي» : صعّدت الدول الغربية لهجتها إزاء دمشق مؤكدة على ضرورة «محاسبتها» إزاء الحملة العسكرية في الغوطة الشرقية المحاصرة حيث يحتاج عشرات آلاف المدنيين إلى مساعدات غذائية وطبية ملحة. وتنتظر الأمم المتحدة السماح لها بادخال مساعدات إلى الغوطة الشرقية التي تحاصرها قوات النظام بشكل محكم منذ العام 2013، وتتعرض منذ نحو أسبوعين لحملة قصف أسفرت وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل 617 مدنياً بينهم 149 طفلاً، واصابة أكثر من 3500 آخرين بجروح.
ومع مرور الوقت وانتهاء اليوم العاشر من محرقة مدن ريف دمشق الشرقي، في ظل غياب رادع حقيقي لايقاف المجازر، يتضح مخطط روسيا والنظام الذي يصبّ في إعادة تأهيل حزام العاصمة السورية وتهجير أهلها ليس فقط على غرار سيناريو الاحياء الشرقية لمدينة حلب، بل على خطى محرقة داريا ومعضمية الشام ومضايا والزبداني ومعظم بلدات ومدن ريف دمشق الغربي والشمالي، التي عاش أهلها لسنوات تحت رحمة جلاديهم وحممهم النارية وسط سياسة التجويع والترهيب وصمت دولي، فضلاً عن الرغبة الروسية في إعادة تأهيل النظام السوري بحجة أنّه شريك في الحرب على الإرهاب. وسط تساؤلات حول حقيقة الإعداد لـ «ضربة عالمية» للنظام بينما يجري تصعيد غربي «كلامي فقط» تجاهه؟
يجري ذلك في وقت تتحدث فيه بعض المصادر الإعلامية الروسية عن «ضربة عالمية» يجري تحضيرها لنظام الأسد، وهو الخبر الذي صدّع آذان السوريين منذ سبع سنوات عجاف أذاقهم خلالها بشار الأسد «حميماً وغساقاً» لا سيما عندما ضربهم بالأسلحة الكيميائية حيث تم تجاهل مجزرة الغوطتين الغربية والشرقية في صيف 2013، والقفز فوق التحقيق، وتمييع مهمة اللجنة التي شكلها مجلس الأمن للتحقيق في الجريمة، إلا ان الكاتب الروسي ألكسندر شاركوفسكي قال في مقال في صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية، إن ثمة ضربة عسكرية عالمية يجري تحضيرها لنظام الأسد في سوريا، وإن النصر الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تأجّل إلى أجل غير مسمى، وجاء في المقال الذي نقله موقع «روسيا اليوم» الناطق بالعربية، «في الغرب، بدأوا يتحدثون عن استخدام دمشق للأسلحة الكيميائية، وقال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون مؤخراً إن بلاده يمكن أن تبدأ في ضرب القوات الحكومية في سوريا إذا ثبت استخدامها الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين».

«ضربة مصغرة»

واضاف، «وكما عملت أجهزة الأمن الإسرائيلية في سوريا من قبل، فهي الآن تزيد من جهودها لدعم الجماعات السنية المسلحة.. تل أبيب في هذه الحالة تعمل وفق مبدأ عدو عدوي صديقي، وانتهى كاتب المقال إلى أن «النصر الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ديسمبر من العام الماضي تأجل إلى أجل غير مسمى»، مشيراً إلى أن «هنالك إشارة استفهام كبيرة إلى جانب من سيكون النصر» وأكد أنه «لا يمكن استبعاد ضربة عالمية مصغرة، على الأهداف العسكرية السورية باستخدام صواريخ أمريكية مجنحة».
لكن ما نشهده اليوم من شراكة إيرانية ـ روسية تمعن في قتل السوريين وخاصة المحاصرين في محيط العاصمة بالرغم من الهدنتين المعلنتين الأولى لمدة 30 يوماً والثانية لفترة خمس ساعات يومياً، وتجاهل القوات المهاجمة لكل الاتفاقات السابقة من ضمنها اتفاق خفض التصعيد في العاصمة الكازاخية استانة، ينذر بمرحلة جديدة وخطط تهجير واستيطان من اجل احتـلال اجزاء جـديدة من سوريا وانشاء مستعمرات بتركيبة سكانية خاصة.
القناة المركزية لقاعدة حميميم الروسية زعمت ان من يقتل المدنيين هم فصائل الجيش الحر وتشكيلات المعارضة المسلحة، مؤكدة انها لن تقف في وجه قتل باقي الأهالي ممن وصفتهم بالإرهابيين، حيث ذكرت حميميم «قصف العاصمة السورية يستمر دورياً، هم يقتلون الأبرياء يومياً، هذه الاستفزازات من قبل التشكيلات المسلحة جعلت العملية الشاملة على الأرض لمكافحة الإرهاب ضرورية ولا مفر منها. وهي مدعومة من الجو من قبل سلاح الجو السوري والقوات الجوية الفضائية الروسية» وأضافت «لقد تم بالفعل تحرير عدد من البلدات السكنية. ونحن سنستمر بالسعي لتطبيق القرار الأممي حول الهدنة السورية، ولكن لا يجب التعويل على أننا سنعيق السلطات السورية في عملية مكافحتها للإرهابيين».
ميدانياً وثق مركز الغوطة الإعلامي الذي يديره ناشطون في ريف دمشق مقتل عدد من المدنيين بين جريح وقتيل في مدن وبلدات الغوطة الشرقية، حيث سقط عدد من الضحايا في بلدة مسرابا نتيجة القصف بالصواريخ العنقودية، فيما سقط أكثر من 40 صاروخ أرض_أرض (جولان) إضافة إلى ما يزيد عن 90 قذيفة مدفعية على مدينة حرستا منذ صباح امس الجمعة، وأضاف المركز ان عدداً من المدنيين أصيبوا بالقنابل التي ألقاها طيران الاستطلاع التابع لقوات النظام على المناطق الزراعية في بلدة عين ترما، كما استهدفت المقاتلات الحربية مزارع بلدة جسرين في الغوطة الشرقية باسطوانة غاز متفجرة، اما في حرستا فقد ارتفعت حصيلة القصف الجوي والصاروخي والمدفعي على الأحياء في المدينة، حيث بلغت الحصيلة الغارات الجوية 9 غارات، إضافة إلى أكثر من 45 صاروخ ارض – ارض و 90 قذيفة هاون.

إجلاء طبي عاجل

وذكرت منظمة الصحة العالمية ان 84 مريضاً لهم الأولوية في مغادرة الغوطة الشرقية، وقال مسؤول كبير في منظمة الصحة العالمية لرويترز امس الجمعة إن 84 مريضاً بينهم أطفال في الغوطة الشرقية لهم الأولوية القصوى للإجلاء الطبي من بين ألف مريض ومصاب يحتاجون للعلاج في المنطقة المحاصرة، وقال بيتر سلامة المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية في منظمة الصحة العالمية إن المنظمة التابعة للأمم المتحدة تأمل في تسليم إمدادات طبية وجراحية ضرورية قريباً للمنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة التي يقطنها نحو 400 ألف شخص والقريبة من دمشق. وقال سلامة في مقابلة بمقر المنظمة في جنيف «ما تدعو إليه منظمة الصحة العالمية هو على الأقل موافقة فورية من الحكومة السورية وكل الأطراف المتحاربة على إجلاء المرضى أصحاب الحالات الحرجة بدءا بالمرضى الأربعة والثمانين الذين سجلتهم المنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة والصليب الأحمر على أن حالاتهم هي الأخطر بناء على معايير منظمة الصحة العالمية للتصنيف».

ترامب – ميركل – ماكرون

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل اتفقا في اتصال هاتفي على ضرورة تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي الذي يدعو لوقف إطلاق النار 30 يوماً في سوريا على الفور، وقال متحدث باسم ميركل «اتفق الزعيمان على ضرورة التزام النظام السوري وحلفائه الروس والإيرانيين بالتطبيق الفوري والكامل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2401 (لعام 2018). هذا القرار يطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار في سوريا وهذا ينطبق على استخدام نظام (الرئيس بشار) الأسد أسلحة كيميائية كما على الهجمات على المدنيين وتجميد المساعدة الإنسانية».
وأضاف المتحدث شتيفن زايبرت في بيان «عبرت المستشارة والرئيس أيضاً عن قلقهما إزاء تصريحات الرئيس الروسي (فلاديمير) بوتين الأخيرة بشأن تطوير أسلحة وتأثيرها السلبي على الجهود الدولية للحد من التسلح» حسب رويترز، فيما ذكر الإليزيه ان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وترامب وعبر اتصال هاتفي اتفقا على ضرورة أن تمارس روسيا أقصى ضغط على دمشق، وقال قصر الإليزيه في بيان إن ماكرون والرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتفقا يوم الجمعة على العمل معا لتطبيق وقف إطلاق النار في سوريا وحثا روسيا على ممارسة نفوذها على دمشق.