أسرار شبارو

“يسقط #بوتين”، “روسيا بدون بوتين”، و”بوتين لص”، شعارات اطلقها الاف المعارضين #الروس خلال تظاهرات خرجت في اكثر من 80 بلدة ومدينة أمس الاحد لرفع الصوت احتجاجاً على الفساد وللمطالبة باستقالة رئيس الحكومة ديمتري #ميدفيدف، على الرغم من ان السلطات لم تمنح تصاريح لغالبية التظاهرات.
الأجهزة الأمنية حذرت المتظاهرين بأنهم يخرقون القانون، ومع هذا جمعت التظاهرات عشرات الآلاف في العديد من المدن على غرار العاصمة #موسكو، وهي سابقة، قبل أن تبدأ الشرطة في تفريقهم بالقوة والاشتباك معهم واعتقال المئات منهم، ومن بينهم زعيم المعارضة ألكسي نافالني الذي كان وراء التحرك ضد “الفساد المتشري لدى النخبة الحاكم”، بعدما نشر تقريراً يتهم فيه ديمتري ميدفيديف بأنه على رأس امبراطورية عقارية يموّلها أثرياء. وفي المقابل خرج عدد من مؤيدي الرئيس بوتين للشوارع يحملون لافتات حمراء تحت عنوان “ضد الميدان”.
اليوم وصل أليكسي نافالني المناهض لسياسة الكرملن والذي يسعى لمواجهة بوتين في الانتخابات الرئاسية في 2018، إلى محكمة تفيسكوي وسط موسكو برفقة أكثر من ألف شخص، في حين طالب الاتحاد الأوروبي بالاطلاق السراح الفوري للمتظاهرين السلميين، كما نددت الولايات المتحدة بالاعتقالات واصفة اياها بأنها تهدد القيم الديموقراطية، لكن الكرملين رفض الدعوات، معتبرا التظاهرات غير قانونية و “استفزازية”.
ازمة اقتصادية متصاعدة
عن خلفية ما حدث والاسباب الكامنة وراء هذه التظاهرات، تحدث الخبير في الوضع الروسي وامين سر جمعية الصداقة اللبنانية – الروسية يوسف مرتضى، فقال ان “روسيا تعاني منذ بداية الحوادث في اوكرانيا من حصار اقتصادي مفروض عليها من الغرب اضيف اليه الاستنزاف الامني والعسكري الذي تتكلفه في اوكرانيا وعلى حدودها الشرقية، فضلا عن تورطها في الحرب السورية التي طالت اكثر مما توقعه الروس، حيث كانت خطة بوتين تقضي ان تنتهي عند دخوله الى سوريا في مهلة اربعة اشهر، واذا بها تمتد لسنوات، ما اضاف اعباء على الوضع الاقتصادي الروسي وفي الوقت ذاته انخفضت اسعار النفط في السوق العالمية، حيث روسيا تتكل في دخلها الاساسي على عائدات النفط والغاز، ما ادى الى تضخم في الاقتصاد اثر على سعر العملة التي انخفضت الى اكثر من مئة في المئة في السنتين الماضيتين ما حمل المواطن الروسي اعباء كبيرة بفقدان القدرة الشرائية عدا عن ارتفاع نسبة البطالة”.

فساد في الادارات العامة
هذا الوضع ترافق بحسب مرتضى “مع احكام القبضة السياسية الامنية على الوضع في #روسيا وتفلت حالة الفساد في ادارات الدولة، وخاصة في الاجهزة الحكومية وما يحيط بها، وهو محفز كبير لحالة اعتراض في الشارع كامنة منذ وقت طويل، الا ان الاوضاع العامة واظهار ان الدولة الروسية مهددة من الخارج استطاعت ان تضغط على مزاج الشعب الروسي الذي يتمتع بميزة قومية، ولكن على ما يبدو ان الاوضاع تفاقمت كثيرا، ما دفع رغم كل الاجراءات الامنية الضاغطة وكل تهديدات السلطة لاية معارضة الى انفجار الوضع بتظاهرات ملفتة ومفاجئة للسلطة”.
الوضع الى تفاقم
عنوان التظاهرات مواجهة الفساد لحكومة مدفيديف، ما يعني كما قال مرتضى “انها ايضا موجهة الى الرئيس بوتين، الذي من خلال استطلاعات الراي يحظى بتأييد يصل الى نسبة 70 في المئة، الا انه في واقع الحال يعاني المجتمع الروسي من ضائقة اقتصادية كبيرة ومع توقعات السلطة الروسية من انخفاض سعر البترول في الفصل الاخير من السنة الحالية دون 40 دولار سيفاقم الوضع اكثر وحيث لا يتبين افاق لتسوية الازمات في اوكرانيا والشرق الاوسط ما يزيد الطين بلة”. اضاف “يراهن ايضا الروس على اتفاق مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب، لكن على ما يبدو هذا الاتفاق يعاني من عقبات جدية والبعض من الروس يعتبر ان هذه التظاهرات قد يكون حفز عليها اضافة الى الواقع الموضوعي بعض الاجهزة الاميركية لمحاولة منع ترامب من مد يد التعاون الى روسيا، وبالتالي استمرار حالة التوتر بين البلدين، ما يعقد الوضع أكثر على الادارة الروسية”.
حجم الاعتقالات التي حصلت، يؤشر كما قال مرتضى الى ان “الوضع قد يزداد تفاقماً. 700 شخص اعتقلوا، ردود فعل اوروبا الغربية كانت سريعة ومتشددة حيث طالبت بالافراج الفوري عنهم، عدا عن انه لاول مرة منذ فترة يعلن عن عملية امنية في الشيشان ضد مراكز امنية روسية ما يضعه البعض تحريك اميركي للداخل الروسي ضد السلطة”.
معارضات متعددة الاهداف
من جانبه علّق احد أركان الحزب الشيوعي اللبناني سابقا، الكاتب والمفكر كريم مرّوة على التظاهرات بالقول: “انا اليوم معني اكثر من اي يوم مضى بمستقبل روسيا، لمعرفتي بالاتحاد السوفياتي جيدا في زمن الاشتراكية التي انهارت بعد ثلاثة ارباع القرن، وبالمسار الاستراتيجي خلال تلك الحقبة، وانطلاقا من تلك المعرفة ازداد اهتماما بمستقبل هذا البلد الكبير الذي فقد موقعه بعد انهيار التجربة الاشتراكية”. اضاف “اهمية روسيا بالنسبة لبلداننا انها كانت وهي اليوم اقرب اليها، غير ان ما اصاب هذا البلد من عناصر التفكك والمغامرات التي قادها اليها ونستون تشرشرل بعد انهيار الاتحاد السوفياتي يجعلها اقل تأثيرا مما هو مفترض بها، اقول ذلك وانا اشهد منذ فترة وجود تناقض بين ما تحاول القيادة ان تعطيه لروسيا في هذا الزمن الصعب وبين معارضات متعددة الاهداف تختلف مع هذه القيادة ومظاهرات اليوم وغيرها من المظاهرات السابقة هي تعبير عما اشرت اليه”.
ما يقلق مروة من موقع اهتمامه بروسيا ودورها وعلاقتنا بها، هو ان “روسيا في سياستها الراهنة تواجه اضطرابا في مواقفها واحد ابرز هذه الاضطرابات هو الدور الذي تلعبه في سوريا منذ سنوات، تأكيدا من القيادة بان هذا الدور يؤكد موقعها كدولة عظمى، انطلاقا من هذه الدولة والمنطقة” ولفت” لا استطيع ان اجزم الى اين تقود تلك التظاهرات او الاهداف التي تقف وراءها، ليس لتوجيه اي اتهام لها او للدفاع عن القيادة الراهنة، لكن ما اريد الاشارة اليه ان هذه المظاهرات شكل من اشكال التعبير عن الاضطراب الذي تمارسه روسيا في هذا الظرف”، وعن حملات الاعتقال قال: “في اي تظاهرة يحصل اعتقالات، لا اقف عند الشكل بل الى ما تشير اليه هذه التظاهرات”.

“النهار”