بين الاستعراض الذي قام به الرئيس السوري بشار الاسد الاحد في الغوطة والمشاهد التي ينقلها الفتى محمد نجم بفيديواته من المنطقة قاسم مشترك. في الاثنين غوطة منكوبة نتيجة الحصار والتجويع، ولكن فيديوات الأسد فيها شعور بالنصر فوق الركام، فيما كلمات محمد ليست الا صرخة وجع حقيقي من الالم.

محمد نجم ابن الخامسة عشر عاماً، فتى سوري، يعيش في الغوطة الشرقية. منذ اشتداد المعارك، ينقل بفيديواته صورة للعالم عن مأساة 400 الف شخص، غادر منهم نحو 70 الفاً أخيراً عبر ممرات فتحها النظام.

وعلى رغم وقف النار الذي أقره مجلس الامن، لا يزال القصف مستمراً والمعارك أيضاً. وقد سيطرت قوات النظام أخيراً على 80 في المئة من مساحة المنطقة. وزار الرئيس السوري بشارالاسد الاحد المنطقة ، محاولاً الايحاء بان الامور حسمت.

محمد يخبر العالم بين الحين والاخر عن أحوال منطقته. بفيديوات سيلفي يظهر الدمار والخراب في المنطقة، ويناشد العالم مساعدة الغوطة وانقاذها من القصف.

في السابع من كانون الاول غرد للمرة الاولى، كاتباً” أنا محمد نجم. عمري 15 سنة، أعيش في الغوطة الشرقية. سأنقل اليكم كل الاحداث التي يرتكيها نظام الاسد في الغوطة الشرقية من خلال فيسبوك وتويتر”. ومذذاك، نشر فيديوات وصور مؤلمة جداً لأولاد ونساء ورجال قتلوا في غارات، بمن فيهم أصدقاء له.

يعيش محمد مع والدته واخوته السبع في عربين الواقعة على مسافة عشرة كيلومترات من دمشق. والده توفي قبل سنتين بقذيفة استهدفت مسجداً . قبل الحرب كان يلعب كرة القدم يومياً، ولكن الملاعب صارت مكاناً خطراً خلال الحرب.

يصور محمد مشاهد الدمار والخراب وينقلها الى العالم عبر حسابه على “يوتيوب” ليكشف الحقيقة التي يجب أن يعرفها العالم كله.

تمكن محمد من نقل صور حية عمما يحصل وضكل صرخة وجع من قلب الالم. تحدث لشبكة “سي أن أن” الاميركية وصحف غربية مثل “الغارديان البريطانية”. ومع ذلك شككت حسابات مقربة من النظام الى في صدقيته، قائلة إنه لا يعيش في الغوطة وأنه آلة دعائية للمعارضة. ولكن محمد يظهر في الفيديوات وهو يصور المشاهد بنفسه. وهو يستعين بأخته التي تعرف الانكليزية لترجمة أفكاره. وعلمه شقيقه كيف يستخدم “تويتر” و”يوتيوب” .

عن يوميات الغوطة يقول إن “ثمة نساء وأولاداً وكباراً في السن لايزالون في عربين. ولكن الطعام والمياه ليسا متوافرين بكثرة. ولم تدخل المنطقة مساعدات منذ أكثر من شهر. ولا كهرباء في البلدة منذ أكثر من أربعة أشهر، لكن البعض نجح في توليد الطاقة عبر المياه المالحة، وهو ما يساعدنا في اعادة شحن هواتفنا.

الوضع لا يزال صعباً جداً. ويقول: “أحيانا تكون هناك 8 طائرات حربية وهلكوبتر تقصفب براميل…المناطق التي أخذتها قوات الاسد دمرت بيوتها على رأس أصحابها”.

على رغم مغادرة نحو 70 الف شخص الغوطة الشرقية اخيراً، يصر آخرون على البقاء. ويقول محمد: “كثيرون ممن خرجوا تعرضوا للتعذيب، ويدرك آخرون أنهم إذا خرجوا سيقتلون على أيدي قوات الاسد”. أما هو فمثله مثل الكثيرين مصر على البقاء في منزله، “ولست وحدي، كثيرون يريدون البقاء”.

وفي شهادة بالفيديو لـ”النهار” من عربين، يخبر محمد عن يوميات الغوطة، ويقول: “نظام الاسد يريد تهجيرنا من الغوطة…لا نريد الخروج…أوقفوا القصف”.