ما بعد حلب

 من الرسالة السياسية للحزب  

أصبحت سوريا الأن بلداً محتلاً ، ومن واجب كل القوى الوطنية والثورية أن تنطلق من هذا الواقع في معالجة الشأن السوري. كما أصبح النظام كما نعتقد ألعوبة بين أيدي القوى الطامحة لبسط نفوذها على سوريا. لذلك فإن أي حديث عن تفاوض معه سيكون من دون طائل. لقد أحبط كل مشاريع وقف إطلاق النار والحل السياسي بما فيها تلك التي وقع عليها الروس، كي لا يضطر إلى التفاوض بشكل جدّي على انتقال سياسي، بل أنه منذ بداية الأزمة رفع شعاره “الأسد أو نحرق البلد”. إن طبيعته لا تقبل الأخر أصلاً منذ قيامه، إلا إذا كان تابعاً له كما كان الحال مع “الجبهة الوطنية التقدمية”. انطلاقاً من ذلك، فإن أساليب النضال من أجل حرية سورية ينبغي أن تأخذ اشكالاً متنوعة مستفيدين من التناقضات بين روسيا وإيران من جهة والغرب من جهة أخرى، والنفخ في روح الصمود والمقاومة بمواجهة الاحتلال الروسي والإيراني وميليشياته وكل من يمس وحدة سوريا أرضاً وشعباً. أما معركة شعبنا ضد الاستبداد فسيبقى الصراع من أجلها مستمراً. إنه نضال ثابت من أجل الحرية والديمقراطية والكرامة. قد تختلف أساليبه وتتغير، لكن معاركه ستتواصل حتى تحقيق أهدافها.
في ضوء ما تقدم لا بدّ لنا من التركيز على أبرز الدروس والاستنتاجات المستخلصة، والتي نوجزها فيا يلي:
أ- لا تزال طاقة الثورة كبيرة، وما يزال عزم السوريين وتصميمهم أكيداً ولا تراجع عنه. فالثورة باقية ما بقي النظام، والبلاد محتلة وتدار من موسكو وطهران ولكن ليس بأجندة واحدة. أما النظام فلم يعد شيئاً يذكر، إنه واجهة للاحتلال وحسب.
ب- بعد تحول الأزمة السورية إلى صراع دولي تقوده شبكة المصالح المعقدة. فأصبح مصير سوريا كبلد موحداً أرضاً وشعباً في الميزان، وجميع القوى الإقليمية، عدا إسرائيل، تنفخ على أصابعها، بعد أن طالت ذيول الانفجار الجميع، وأصبح حل القضية مرتبطاً بالقضايا الأخرى في المنطقة، وهذا يدفع نحو تسويتها في إطار حل إقليمي شامل لقضايا المنطقة. لكن مؤشرات هذا الحل لن تبرز قبل عودة السياسة الأميركية إلى مسرح الشرق الأوسط بفعالية.
ج-هناك بوادر عودة بارزة للوطنية السورية ، بعد انكشاف الإسلاموية والتطرف من جهة، والتدخلات الخارجية من جهة أخرى، من المأمول دعم هذا التوجه والتعويل عليه لتشكيل حائط صد بوجه مخاطر الحلول التقسيمية القائمة.
على خلفية هذه الاستنتاجات تنهض جملة من المهام أبرزها:
1″-بذل أقصى الجهود لبناء قيادة للثورة السورية عسكرية وسياسية وثورية ومدنية في جسم واحد.
2″-الحفاظ على القرار الوطني المستقل للثورة أمام ازدحام المصالح، مصالح الأصدقاء ومصالح الأعداء، والاستمرار بالعمل من أجل حل سياسي على أساس بيان جنيف1لعام 2012، مع الاستمرار بدعم بندقية الثورة التي تؤسس لذلك.
3″-بذل كافة الجهود لتخفيف حدة التوتر الاجتماعي بين مكونات الشعب السوري باتجاه تزايد الحقد على العلويين وكره الأقليات والكرد.
4″-الإبقاء على وحدة المعارضة وفعالية مؤسساتها مهمة دائمة لمناصري الثورة.
5″-مقاومة أفكار اليأس والإحباط ومناخات الهزيمة والندم وسموم هذه الأجواء التي يتم نشرها.
6″-شرح طبيعة الثورات الكبرى في التاريخ ومنها الثورة السورية، بتعقد أوضاعها وصعوبة الانتصارات السريعة فيها، وبحتمية الانتصار لأهدافها وتطلعاتها. وقد أنجزت الثورة في هذا المجال أشياء ملحوظة قبل أن تحقق سلطتها السياسية.
دمشق / 12/ 2016
حزب الشعب الديمقراطي السوري

اللجنة المركزية