من داخل غرفة العناية المشددة في 601 – زمان الوصل – خاص
*ويل للمتعاطفين مع أي معتقل
*مهمة الممرضين بعد تعذيب المعتقلين نقلهم إلى المشرحة
*نقل الجثث إلى مقابر جماعية في “نجها”
*شعار شبيحة (601) “الشعب يريد ترباية من جديد”
نقل ممرض منشق كان يعمل في مستشفى يوسف العظمة (601) صورة غاية في الوحشية لما كان يجري داخله من تعذيب وقتل بلا رحمة بحق المعتقلين الذين كان يؤتى بالكثير منهم أحياء ويتم تصفيتهم داخله ومنهم أطفال لم تتجاوز أعمارهم 14 عاما.
الشاهد الذي اختار اسماً مستعاراً هو “أبو صخر” خوفاً من بطش نظام الأسد التحق بالمشفى المذكور كمجند إجباري بصفة ممرض روى لـ”زمان الوصل” إن “الشبيحة كانوا يأتون بالمعتقلين من الفروع المختلفة، وكانت حالة أغلبهم مزرية –كما يقول.

وأضاف أن المعتقلين كانوا في البداية ولمدة سنة يوضعون في المشفى الجديد الخاص بالمرضى، إذ تم تخصيص غرفتين في كل طابق للاعتقال، وبعد ذلك قرروا نقل الموقوفين الى ما يسمى بقسم الرضوض في البناء القديم، وكشف أن الأطباء والممرضين والمجندين وعمال النظافة كانوا يتعاونون على تعذيبهم بشكل متواصل.

وأكد أبو صخر أن “مهمة الممرضين آنذاك بالنسبة للتعامل مع الموقوفين بالإضافة للتعذيب هو نقل المتوفين منهم للبراد، وكان يمنع عليهم -كما يقول- إعطاء هؤلاء الموقوفين دواء أو طعاماً أو شراباً في المناوبة الواحدة التي تمتد عادة 8 ساعات”.
وكشف محدثنا أنه مع زملائه في التمريض كانوا ينقلون ما يقارب 30 جثة وأنهم كانوا في حالة نقل مستمرة لمن يموت من هؤلاء الموقوفين”، مؤكدا: “ما بنلحق ناخد جثة على البراد ونرجع إلا ويكون توفى واحد غيرو”.
وكشف محدثنا عن وجود نفق في المشفى 601 كان يصل بين البناء الجديد والبناء المستحدث فيه حيث توجد برادات حفظ الجثث تحت الأرض وعن طريق هذا النفق كانت تنقل هذه الجثث.
*بين الفشل الكلوي وصدمة الألم 
ومن جانب آخر أكد محدثنا أن الموقوفين كانوا يأتون إلى المستشفى (601) أحياء ويموتون تحت التعذيب”، مضيفاً أن 90 % من هؤلاء كانوا بموتون لأسباب عدة أولها الفشل الكلوي الناتج عن ضرب الموقوف على منطقة الكلى مما يسبب فشلاً وظيفياً في عملها وبالتالي عدم قدرة الجسم على تصريف السموم.
هذه الصورة تم تصغيرها.لعرض الصورة كاملة انقر على هذا الشريط,. المقاس الأصلي للصورة هو 754x429px.

ويضيف أبو صخر:” كان الموقوف يبقى أياماً طويلة دون طعام أو شراب فينخفض وزنه إلى حد كبير، فالرجل الذي يكون وزنه الطبيعي 100 كغ، كان وزنه يصل إلى 35 أو 40 كغ كحد أقصى”.
ومن أسباب وفاة الموقوفين–كما يقول الممرض المنشق- “صدمة الألم، فالموقوف منذ دخوله المشفى إلى أن يموت يظل عارياً تماماً، ومربوط اليدين والرجلين بسلاسل إلى السرير، وعيناه معصوبتان”.
ويوضح أبو صخر أن “صدمة الألم ناتجة عن اضطرار الموقوف للتبول وقضاء الحاجة على نفسه، فالدخول إلى التواليت ممنوع مما يؤدي لإصابته بـ”الخشكريشا ” وتعفن جلده والألم المبرح الذي ينتهي به إلى الموت.
أو التهاب الجروح المصاب بها والتي تبقى لفترة دون علاج مما يؤدي لصدمة ألم وفي النهاية الموت.
وألمح الممرض الشاهد إلى أن “شبيحة المشفى كانوا يمنعون الممرضين من إحضار شراشف نظيفة لتكفين الضحايا، ويجبرونهم على التكفين بنفس الشراشف التي كانت تحتهم بما فيها من وسخ ونجاسة”.
هذه الصورة تم تصغيرها.لعرض الصورة كاملة انقر على هذا الشريط,. المقاس الأصلي للصورة هو 754x429px.

وبحكم أن المشفى ميداني كان الشبيحة يدوسون على جثة الموقوف ويهينونه بكلام قاسٍ، أويعبثون بجثته وهذا الكلام –كما يقول محدثنا- يشمل عناصر أمن أو ممرضين أو مجندين ضمن المشفى.
وحول مصير الجثث في المشفى المذكور وأين يتم أخذها بعد تكديسها بالبرادات أوضح محدثنا أن “هذه الجثث في البداية كان يتم تكديسها في البرادات، ولكن في القسم غير المبرد لأنهم وعلى حد وصفهم: “كلاب ما بيستاهلو ينحطو بالبراد مع جثث الجيش”.
وبعد ذلك “أصبحوا يضعون هذه الجثث في غرفة قريبة من رحبة السيارات ثم تأتي سيارات لتحملها إلى مقابر جماعية في إحدى القطع العسكرية بـ”نجها”.
*ثلاث عمليات بتر دون علاج لطفل
كان شبيحة المستشفى (601) يأتون بمعتقلين أطفال ما بين 13 و14 سنة، وتتم معاملتهم في التعذيب، كما يُعامل الكبار، بلا أدنى شفقة أو رحمة، ويروي أبو صخر أن “الشبيحة جاءوا بطفل لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره من الحجر الأسود بتهمة مساعدة المسلحين، وإيصال الذخيرة لهم، وكان هذا الطفل–كما يؤكد- مصاباً بطلق ناري في أسفل قدمه عند الكعب تقريباً.
ويضيف أن “شبيحة الفرع من عناصر أمن وممرضين اجتمعوا عليه وبدأوا بضربه وتعذيبه بوحشية”، وبعد تعذيبه قاموا بربطه مثل غيره من الكبار إلى السرير، ولم يعالجوا إصابته التي التهبت بعد أيام وأصيبت بـ”غرغرينا”.
ويردف محدثنا: “بعد أيام كشف عنه طبيب الفرع فقرر أن قدمه بحاجة لبتر إلى نصف الساق، وبعد البتر تركوه.
ومن المعلوم –كما يشير الممرض الشاهد- أن “البتر إذا لم يتم تعقيمه وتغيير الضماد كل يوم عليه فإن الجرح يلتهب”، وهذا ما حصل–كما يقول- مضيفاً أنهم “عادوا لبتر قدمه ثانية إلى عند الركبة وتركوه مثل المرة السابقة دون تعقيم وتغيير للضماد، فعاد الالتهاب ثانية فعادوا ليبتروا قدمه في المرة الثالثة إلى ما فوق الفخذ، وعندها أمر طبيب الفرع بتعقيم الجرح والعناية به حتى التأم جرحه”.
وروى الشاهد المنشق قصة شاب صغير موقوف كان يعرفه معرفة شخصية، فيقول:”لم أستطع أن أفعل له شيئاً سوى الاعتناء به دون أن أعرّفه بنفسي”. ويردف إن الشاب الصغير “تماثل للشفاء وأصبح قادراً على الحركة وبدا بصحة جيدة حتى أنني اتصلت بأهله وطمأنتهم عليه ولكن عناصر الأمن أرجعوه للفرع. وبعد يومين خرجت جنازته في قريته”.
*ويل للمتعاطفين
وعندما طلبنا من الممرض الشاهد تزويدنا بإحصائية عن عدد ضحايا التعذيب في (601) قبل انشقاقه أوضح بأنه “لا إحصاء دقيق 100% لعدد الضحايا ولكن كحد وسطي هناك 90 جثة كل يوم بمعدل 30 جثة خلال المناوبة الكاملة أي 8 ساعات في الطابق الواحد”.
وتابع: “إن المعتقلين كانوا يُودعُون في غرف ضمن الطابق الثالث والرابع والخامس. مما يعني أن هناك ما لا يقل عن 150 إلى 200 جثة في اليوم”.
كان الممرضون الذين يبدون أدنى تعاطف أو شفقة بوضع الضحايا يراقبون مراقبة شديد ويتعرضون لتحقيق شبه دائم، وبالذات إن لم يكونوا من الطائفة العلوية -وكان هؤلاء المتعاطفون قلة عموماً.

ويردف محدثنا: “ينبغي على كل واحد من هؤلاء أن يثبت ولاءه من خلال شتم المعارضة أومدح “بشار الأسد” أو التشبيح على الموقوفين، ولكن كنا نجد أساليبنا الخاصة في التحايل على عناصر الأمن، ومحاولة مساعدة الموقوفين”. ويروي محدثنا أنه كان يأتي إلى عناصر الحراسة المفروزين لغرف المواقيف ويسألهم: “ليش هالكلب عم يعوي؟”- مع الاعتذار لهذه العبارة- فيقول له عنصر الأمن: “مدري ليش.. يمكن جوعان”، فيقول للحارس:”خليني أرمي حبة بطاطا لهالكلب بلكي بيسكت”، وبهذه الطريقة كنا نُدخل الطعام والشراب أو حبة الدواء للموقوف على أمل أن بعيش ولكنه غالباً ما كان يموت”.

ويصف أبو صخر عالم الشبيحة من عناصر أمن وممرضين وأطباء داخل (601) قائلاً إن “هؤلاء الشبيحة كانوا علويين بالإجمال، وهم ثلاثة أقسام بينهم عناصر الأمن المفروزون لمراقبة الموقوف من الفرع الذي أرسله، أو عناصر المشفى من أطباء مدنيين أوعسكريين، أوممرضين عسكريين، أو مجندين، ويضيف أن “بعض المرافقين للمرضى كانوا يدخلون أحياناً على غرف الموقوفين ويتسلون بتعذيبهم”.
*سيف علي فوق رؤوسكم
ووثق محدثنا أسماء شبيحة الفرع المذكور ومهامهم التشبيحية وكلهم قاموا -كما يقول– بتعذيب المعتقلين وإهانتهم، ورأس الهرم بالنسبة لهؤلاء هو العقيد حسين ملوك ضابط إدارة المشفى، والذي كان يحصل كل شيء بموافقته ورضاه، وأحياناً بمشاركته المباشرة في التعذيب والتشبيح.
ومن الشبيحة طبيب الأشعة “علي الخير” الذي عذّب أحد المتظاهرين من منطقة المزة بالعصا الكهربائية في غرفة الأشعة.
هذه الصورة تم تصغيرها.لعرض الصورة كاملة انقر على هذا الشريط,. المقاس الأصلي للصورة هو 754x486px.

ويضيف محدثنا أن “الخيّر رفع سيف الإمام الذي كان يحمله كميدالية على صدره وقال لبعض المعتقلين: “سوف يبقى هذا السيف مسلطاً فوق رؤوسكم، وسوف نعمل من جلودكم ربابة”.
ومنهم -حسب أبي صخر- رئيس التمريض “أحمد خضور” الذي كان يتولى بشكل دائم تعذيب الموقوفين ومات الكثير بين يديه”.
وكذلك الطبيب “صالح علي” وهو شبيح خطير جداً لم يكن يكتف بالتشبيح في المشفى –حسب محدثناـ بل كان يتفرغ كل يوم جمعة للخروج إلى المظاهرات، ويفتخر بأنه أطلق النار عليهم، وكان المذكور يتدرب برياضة كمال أجسام، ويتسلى بضرب الموقوفين جاعلاً منهم هدفاً للتدريب والضربات، وكل من الممرض “يائل ديوب، الممرض “أحمد ديوب”، الممرض”فادي زهرة”، المساعد الإداري “مجد عيسى”. إضافة إلى الممرضين “أحمد حمود، إيهاب خليل، وعلي الراعي”، والمجندين “علي داوود ومحمد ميرو”، اللذين كانا أصدقاء لعناصر الأمن ويوطدون صداقتهما من خلال ضرب وتعذيب المعتقلين.
هذه الصورة تم تصغيرها.لعرض الصورة كاملة انقر على هذا الشريط,. المقاس الأصلي للصورة هو 754x488px.

ويصف “أبو صخر” أساليب التعذيب الوحشية التي كانت ولا زالت تستخدم في المستشفى (601) ومنها –كما يقول- إمساك الموقوف من إصبعه وإرجاعه بعكس اليد حتى تلامس ظهر اليد، ويسمع صوت كسر الإصبع، وحينها يمنع على الموقوف أن يتألم أو يصدر أي صوت، وإلا كان مصيره المزيد من الضرب والتعذيب، ومن هذه الأساليب “إطفاء السجائر الذي كان يتم دائماً في جسد الموقوف، حتى أنهم نادراً ما كانوا يطفئونها في الأرض”، عدا الإهانات اللفظية والمعنوية التي لا تعد ولا تحصى وإجبار المعتقلين على الترديد بصوت عالٍ: “الشعب يريد ترباية من جديد” وتتم بعدها حفلة ضرب لهؤلاء المعتقلين”.

– See more at: https://zamanalwsl.net/news/60079.html#sthash.BaWmqbQm.dpuf