سورية المستقبل كما نراها: دولة مدنية ديمقراطية حديثة، السيادة فيها للشعب، تقوم على الأسس الدستورية واللامركزية الإدارية، والفصل بين السلطات واستقلال القضاء. هي دولة المؤسسات، والتداولُ السلميُّ للسلطة من خلال انتخابات دورية حرّة ونزيهة، تشرف عليها هيئة انتخابات مستقلّة ومتخصصة، تضمن اختيار الشعب لممثّليه الحقيقيين إلى مؤسسات الحكم ومراكز صنع القرار.

دولة المستقبل السورية جمهورية برلمانية. يتولّى المجلس النيابي مهمّة التشريع ومراقبة السلطة التنفيذية ومحاسبتها. وتقوم على مبدأ المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات، وعلى سيادة القانون والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية. وتحترم كيانات وحريات ومعتقدات الأفراد والجماعات الوطنية، وتضمن حقوقهم الإنسانية والثقافية والسياسية والمدنية المتساوية.

أسس الدولة السورية الديموقراطية الحديثة:

1-حجر الزاوية في هذه الدولة دستور ديمقراطي؛ يؤسس لنظام برلماني. تنعدم فيه أسس احتكار السلطة والاستبداد، ويغلق طريق العودة إليهما، تضعه جمعية تأسيسية منتخبة بحرّيّة، يأخذ الدستور مشروعيته أصولاً. وهو يكفل الفصل بين السلطات الثلاث، وخضوع السلطة التنفيذية للسلطة التشريعية. كما يضمن استقلال القضاء وسيادة القانون وتساوي المواطنين أمامه. ويكرس التعددية والحريات والحقوق المتساوية لمكونات الشعب والمواطنين ويحدّد واجباتهم.

2- تجري الانتخابات وفق قانون ديمقراطي وعصري قائم على مبدأ النسبية، وتتم بإشراف هيئة خاصة ومستقلّة، تضمن انتخابات مباشرة حرة ونزيهة وسرية لاختيار ممثّلي الشعب في السلطة التشريعية.

3- اعتماد قانون للحكم المحلّي، منصوص عليه دستورياً، يقوم على اللامركزية الإدارية في جميع المناطق والمحافظات، يعطي للسلطات المحلية صلاحيات فعلية وحقيقية لإدارة مناطقها، بحيث تدار المناطق من قبل أبنائها عبر مجالس محلية وبلدية منتخبة، وحكام مناطق ومحافظين منتخبين مباشرة من الشعب. على أن تكون صلاحيات السلطات المحلّية محدّدة بوضوح في جميع المجالات، وأن تخضع جميعها للمراقبة والمساءلة والمحاسبة القانونية محلياً ووطنياً.

4- تكريس مبدأ الشفافية في عمل مؤسسات الدولة، وكفالة حريات المواطنين ومعتقداتهم وحقوقهم في التنظيم والتعبير والكتابة والنشر. وتكريس الحريات الإعلامية وحقّ الوصول إلى المعلومات والإحصاءات في الدولة.

5- حقّ تشكيل الأحزاب السياسية والجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني متاح للجميع في إطار القانون. مع التأكيد على دور المجتمع المدني في جميع المجالات لخلق التوازن الذي يحول دون تغوّل السلطة وهيمنتها على الدولة.

6- تشجّع الدولة كل الفعاليات الإنسانية من ثقافة ورياضة وفنون وآداب وعلوم ومعارف، وتدعم جميع العاملين في هذا المجال، وتعمل على تأمين ما يلزم لإطلاق الطاقات الإبداعية الحرة للفنانين والمثقفين والمبدعين، وضمان حقوق المواطن والمنظمات بالوصول إلى المعلومات والإحصاءات بحرية.

7- احترام حقوق الإنسان، والالتزام بجميع الشرائع والمواثيق الدولية بهذا الشأن، وإعطاؤها السند القانوني في الدستور وحيثما يتوجب في المنظومة القانونية.

8- العمل على تحقيق المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة دستورياً وقانونياً، وتمكين المرأة من الإسهام في جميع مناحي الحياة، وفي مؤسسات الدولة والقطاعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومواقع صنع القرار فيها. وفي هذا الإطار يجب التأكيد على احترام حقوق الطفل ورعاية الأمومة والطفولة وأصحاب الاحتياجات الخاصة.

9- تبنى مؤسسة الجيش والقوات المسلحة والمؤسسات الأمنية، على أسس وطنية واحترافية، وتحدّد مهامها وصلاحياتها لحماية الوطن والشعب، وتوضع تحت سلطة القانون. وتخضع للسلطة السياسية وقرارات الحكومة. وعليها الالتزام بالحياد في المجتمع، ولا تسمح لأفرادها بالانتماء الحزبي وممارسة النشاط السياسي وهم في الخدمة. .

10- التأكيد على مفهوم المواطنة واحترام الحقوق القومية والدينية والتنوع الثقافي للسوريين، وتكريس المساواة التامة بين جميع المواطنين أمام القانون، والعمل على معالجة القضية الكردية كقضية وطنية وعلى هذا الأساس، وتصحيح كل أشكال الظلم والتعسّف والتمييز التي صنعها نظام الاستبداد، ومحاربة كل أشكال العنصرية والطائفية والتمييز والتعصّب والكراهية والتطرّف.

11- لا سلطة فوق سلطات الدولة ومؤسساتها، وهي على مسافة واحدة من الجميع. تعمل على تكريس سيادة القانون، وتحديث المنظومة القانونية والإدارية والتربوية وأنسنتها. وتضمن استقلال القضاء، واستئصال الفساد وتصفية آثاره، وتكريس قيم الحرية والعدالة والنزاهة واحترام كيانات الأفراد وشخصياتهم وكراماتهم القائمة على حقوق المواطنة وواجباتها. تحتكر الدولة حق حيازة السلاح واستخدامه ضمن القانون، ولا تسمح تحت أي مبرر بوجود سلاح أو قوى مسلحة خارج سلطتها.

12-بناء نظام اقتصادي قائم على العلم والمعرفة والمصلحة الوطنية، ويتسم بالتنوع والشفافية وعدم الاحتكار. اقتصاد متعدّد القطاعات، يكون فيه دور هام للقطاع الخاص المنتج والمستقل والتنافسي، ويشجّع ويدعم المبادرات الفردية والتعاونية بحيث يستطيع كلّ مواطن أو مؤسسة أو شركة المساهمة في تطوير الاقتصاد وتقدّمه. ويعمل على توفير فرص العمل وتنظيم شروطه بالوسائل العلمية والقانونية. ونرى أن النظام الاقتصادي الحرّ في شروط دولة الرعاية والديموقراطية الاجتماعية يشكّل رافعة لإعادة إعمار بلادنا وبناء اقتصادها من جديد وتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي للشعب، وحلّاً للمشاكل الاقتصادية الموروثة والطارئة، على أن ترعاه قوانين رشيقة ومرنة، تحرص على صون ملكية الدولة وحقوقها ودورها التنموي والاجتماعي، مثل حرصها على حقوق الملكية الخاصة للمؤسسات والأفراد، وتضمن حقوق العاملين المعيشية والمهنية والنقابية.

13- إصلاح القطاع الزراعي وإعادة هيكلته والعمل على رسملة الزراعة ومكننتها وتحديثها وتشجيع الاستثمار فيها وإطلاق آليات التنمية المتوازنة بين الريف والمدينة، ورفع مستوى الدخل الفردي للمواطنين.

14- تحقيق نظام ضمان اجتماعي، وضمان صحّي متطوّر، يحميان كرامة وسلامة وصحّة كافة المواطنين.

15- إصلاح وتحديث المؤسسات المالية والمصرفية، بما يكفل استقلال المصرف المركزي والمجلس الأعلى للنقد والتسليف وتنظيم عمل المصارف العمومية والخاصة. وكذلك تطوير قوانين ضريبية عادلة تخدم واردات الدولة والدخل الوطني، وتحقّق نموّ الاقتصاد، وتراعي المواطنين الأقلّ دخلاً، وتضعَ حدّاً للتهرّب الضريبي.

16- بناء مؤسسات رقابة حقيقية وحديثة وفاعلة. وتأسيس سوق للأسهم والأوراق المالية بالمعايير العالمية، ومحاربة الاقتصاد الموازي القائم على الاحتكار والفساد والتهريب وتجارة الممنوعات وتبييض الأموال.

17- بناء نظام تعليمي حديث ومتطوّر بعيداً عن المؤثرات الأيديولوجية والسلطوية، خالٍ من أدران الاستبداد والغوغائية وعبادة الفرد. واعتماد فلسفة تعليمية وتربوية قائمة على الحداثة والمنطق والعلوم المعاصرة والعقل النقدي. والتربية الوطنية لترسيخ قيم الوطنية الجامعة، واحترام التنوع والخصوصيات القائمة لمكونات الشعب. وتطوير طرق الامتحانات الرسمية لتعطي نتائج موضوعية وتقييماً حقيقياً ونزيهاً. والعمل بمبدأ استقلال الجامعات واحترام المعايير الأكاديمية والعلمية والأخلاقية لعملها في إطار حصانة صارمة، فالجامعة مؤسسة حضارية وفضاء مفتوح للرؤى ووجهات النظر والإنتاج العلمي والفكري والفني المتنوّع. تتحاور فيه مختلف التيارات الفكرية والسياسية والثقافية في جوّ من الحرية والديمقراطية واحترام العقل.

18-استقلال القضاء عن السلطة والتسييس، ليكون ضامناً للعدالة وحقوق السوريين المنصوص عليها بالدستور، ويتخلّص نهائياً من الفساد والمحسوبيات ومن البدائل العُرفية والمحاكم الخاصة والاستثنائية بكافة أشكالها ومسمّياتها. والتأكيد على حياد القضاة ونزاهتهم وعدم تحزّبهم وانحيازهم في عملهم -لغير الحقّ والعدل -تحت تأثير الانتماء أو الأيديولوجيا أو المصلحة الخاصة. واختيار أعضاء مجلسٍ القضاء الأعلى والمحكمة الدستورية العليا من كبار القضاة ذوي النزاهة والكفاءة وفق معايير قانونية واحترافية، وتوفير الشروط لممارسة عملهما بشكل حرّ ومستقلّ.

19-العمل على استعادة الأراضي المحتلة باعتبارها مهمّة وطنية عليا، وعودة الجولان للسيادة الوطنية بالاستناد إلى القرارات الأممية: 242 لعام 1967، 338 لعام 1973، 497 لعام 1981.

اللجنة المركزية

لحزب الشعب الديمقراطي السوري

تمت المصادقة على هذه الوثيقة من قبل المجلس الوطني لحزب الشعب الديمقراطي السوري، الذي عقد في أواسط كانون الأول 2020.