هبة محمد

دمشق – «القدس العربي» : رفضت مصادر عسكرية روسية في سوريا، أمس اعتبار محافظة إدلب، شمالي سوريا، منطقة «آمنة»، وعللت قاعدة «حميميم» الروسية تصريحاتها، بسبب تواجد من سمتهم بـ «التنظيمات الإرهابية» في المحافظة، إلا إن المسؤولين الروس عبروا عن تفائلهم بقدرة تركيا على إنهاء تواجد تلك «التنظيمات».
وأشارت المعرفات التابعة لقاعدة «حميميم»، بأن تركيا تعهدت بإيجاد الحلول المناسبة لمحافظة إدلب، كوسيلة لتجنيب المنطقة «أهوال الحرب»، وأن موسكو عازمة على القضاء على «جبهة النصرة» شمالي سوريا، سواء من خلال الحلول العسكرية أو السلمية، كما اتهمت موسكو دولاً لم تسمها بتقديم الدعم لـ «جبهة النصرة» في إدلب بهدف تأجيج الصراع.
المعارض السوري، «مصطفى سيجري»، رأى أن محافظة «إدلب» قد دخلت مرحلة «الأمان المؤقت»، وبأنها باتت تحت الحماية التركية، ونوه، إلى إن «الحماية التركية» ستكون لوقت معين، وإن لم تكن المعارضة السورية على قدر المسؤولية من تطورات المرحلة القادمة، فالأمر لن يعدو حينها سوى ترحيل للمشاكل، لا أكثر.
وقال «سيجري» لـ «القدس العربي»: هنالك تقارب كبير بين الروس والأتراك، وأن هذا التقارب سيكون على حساب الوجود الإيراني، مشيراً لرفض إيران لاتفاق التهدئة في إدلب، وأنها كانت تتجهز لاجتياج المحافظة.
أستانة والأسد

من وجهة نظر، المعارض السوري، فإن مفاوضات «أستانة» التي انتهت نسختها التاسعة قبل أيام، تحقق مصالح النظام السوري بشكل كبير، على حساب المعارضة والثورة السورية، وعلل «سيجري» ذلك بتخاذل أصدقاء الشعب السوري، والتآمر الدولي الكبير على السوريين.
وزاد، لست ممن يقول بأن استانة سبب البلاء في سوريا، ولولاه لكان الوضع أفضل، بل أقول إن استانة هو الوجه الأكثر وضوحاً لجنيف، وأن الخلاف بينهما فقط عامل الوقت، وبالرغم من عدم الرضا عن مسار أستانة، كونه ماضي حسب الرؤية الروسية، إلا إن مسار «جنيف» لم يكن بأفضل حال.
ورأى «سيجري» أن تركيا، أدركت أن المجتمع الدولي منقسم ومعظمهم غير جاد في إنهاء حكم الأسد، والبعض الآخر عاجز وأصحاب القوة الحقيقية تكمن إفادتهم باستمرار المعارك، وقد أصبحت سوريا الخاصرة الرخوة ومصدر الإرهاب، وعليه وجدوا مع الروس نقاطاً مشتركة وتفاهمات جزئية مع ترحيل البت حول مستقبل الحكم في سوريا.
وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، قال: في حال عدم تحقيق تقدم في مسار جنيف ـ الذي ترعاه الأمم المتحدة ـ لحل الأزمة السورية، فإنه يمكن التوجه إلى مسار آخر.
وأضاف جاويش أوغلو في مقابلة مع قناة «تي آر تي خبر» التركية الرسمية، أن أكبر مشكلة في هذا السياق عدم إعادة إحياء مسيرة جنيف التي لم تتكلل بأي خطوة ملموسة، بسبب عدم رغبة النظام في بحث أي موضوع مع المعارضة أو الآخرين، كما لفت جاويش أوغلو إلى أن الدول الغربية أيضا ًلا تبدو متحمسة لاحياء مسار جنيف. وزاد: أخشى أنه في حال لم يتطور هذا الأمر في جنيف، ولم تتخذ خطوات، فيمكن التوجه نحو منصة أخرى، قد تكون أستانة على سبيل المثال».
اغتيال جنيـف

وتحاول روسيا، وفق مراقبين للشأن السوري، تغليف مصالحها ونتائجها العسكرية في سوريا، بمسار سوتشي، للحل السياسي، بعد أن نجحت بتحقيق مكاسب ميدانية كبرى عبر مسار أستانة، وذلك في خطوة أولى منها، لجعل مسار «سوتشي» عوضاً عن جنيف، مستغلة بداية، «اللا مانع» التركي حول ذلك، وكذلك غياب الدور الأممي الواقعي حيال القضية السورية.
المتحدث الرسمي باسم هيئة التفاوض السورية يحيى العريضي، رأى أن الأهداف المعلنة لمؤتمر «أستانة 9» كانت تتمحور حول «المعتقلين، وتخفيض التوتر»، مؤكداً أن كلا الهدفين لم يتحقق. وأن الهدف الخفي لمسار أستانة، وفق ما قاله «العريضي» لـ «القدس العربي»، يتمحور حول تقاسم النفوذ في سوريا، معتبراً أن أستانة قد استنفد الأهداف التي وجد لأجلها، وهذا ما يفسر نقل مسار أستانة إلى سوتشي خلال الفترات القادمة، كما اعتبر ان روسيا ستفشل باستخدام أدوات عسكرية من أجل إنجازات سياسية.
أما السياسي السوري «محمد عمر»، فقال: روسيا تتجه لمحاولة ملء الفراغ السياسي حول سوريا، سواء ذلك الفراغ الذي أحدثته الأمم المتحدة، التي كان دورها سلبياً طيلة الفترات السابقة، أو التردد وتفضيل المصالح لدى بقية الدول، الإقليمية أو الدولية حول سوريا.
ورأى «عمر»، أن روسيا تسعى لإلباس شرعية دولية، على نتائجها العسكرية في الميدان، وتسعى لاغتيال جنيف، بعد أن عرقلته لسنوات، ورأى السياسي، أن مراوحة مسار جنيف للحل في سوريا، جعل روسيا تكسب الكثير على الصعيد العسكري والسياسي في سوريا، وأن فشل جنيف، دفع تركيا نحو التقارب مع الروس، وتقبل الإيرانيين، خاصة مع ممارسة ضغوط على تركيا عبر الورقة الكردية أو الاقتصادية.