بدا أمس أن الوضع في الجنوب السوري مرشح لمزيد من التدهور، مع مواصلة النظام التصعيد عسكرياً، وتمدد القصف من درعا إلى القنيطرة، ما أدى إلى سقوط العشرات بين قتيل وجريح، بالتزامن مع تصعيد ديبلوماسي روسي في مواجهة «وجود عسكري أجنبي» حمّلته موسكو مسؤولية «تقويض الحل السياسي للأزمة… والحفاظ على أمل الإرهابيين في استئناف الفوضى». في هذه الأجواء، تحركت الديبلوماسية الأردنية بين الأطراف المعنية بملف الجنوب من أجل لجم العنف (راجع ص3).

ولوحظ أن النظام السوري يسعى إلى إنجاز أي نصر ميداني كورقة ضغط لتعجيل التسوية، إذ سُجلت محاولات عدة من قواته للتقدم في مناطق بريف درعا، ترافقت مع قصف مكثف طاول درعا والقنيطرة أيضاً، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين. لكن الفصائل المسلحة في الجنوب أكدت التصدي لتلك المحاولات.

وفيما سرب النظام وحلفاؤه معلومات عن انسحاب الميليشيات الإيرانية من الجنوب، أعلنت الفصائل أنها قصفت بالمدفعية الثقيلة مواقع لـ «حزب الله» في بلدة دير العدس بريف درعا الشمالي، موقعة خسائر بين صفوفه.

وقالت مصادر في المعارضة إن جيش النظام كثف قصف مناطق في الجنوب الغربي، مع حشده قوات من أجل حملة لاستعادة المنطقة. وأضافت أن قوات من النخبة مدعومة من مقاتلين محليين تدعمهم إيران، يكثفون هجمات الكر والفر على مواقع المعارضة في ما يُعرف «بمثلث الموت» الواقع بين ريف دمشق الجنوبي ومحافظتي درعا والقنيطرة. وقالت وكالة الأنباء السورية (سانا) إن مسلحين كثفوا هجماتهم على المدنيين في المنطقة التي يشملها اتفاق «خفض التصعيد»، ونشرت صوراً لجرحى إثر «قصف إرهابيي جبهة النصرة قرية جبا بريف القنيطرة».

وقال مصدر أردني إن «قلق بلاده من امتداد العنف إليها يتزايد، وإن المملكة، حليفة الولايات المتحدة، تشارك في جهود ديبلوماسية متزايدة للحفاظ على منطقة خفض التصعيد بعد أن ساعدت في إبرام الاتفاق الخاص بها».

في المقابل، اتهمت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا الوجود العسكري الأجنبي في سورية بـ «عدم المساعدة في عملية البحث عن حل سياسي للأزمة». وقالت في إيجاز صحافي: «بسبب استمرار هذا الوجود، لا يزال أعداء الحكومة السورية يثقون بأنه يمكنهم الانتقام لهزيمتهم. كما لا يساعد ذلك في مشاركتهم البناءة في عملية البحث عن حل سياسي للأزمة، ويتسبب في الحفاظ على أمل الإرهابيين باستئناف الفوضى واستعادة المواقع المفقودة». وشددت على أهمية التحرك الحاسم في هذه الظروف «في اتجاه التسوية السياسية في سورية». وأكدت أن بلادها لا تزال تبذل جهودها في هذا الاتجاه بالتعاون مع شركائها في محادثات آستانة، ومع الأطراف المعنية الأخرى والأمم المتحدة والحكومة والمعارضة السورية.

وفي جنيف، اتهمت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة، القوات الموالية للنظام بـ «ارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال حصارها الغوطة الشرقية (جنوب دمشق)». وكان مجلس حقوق الإنسان كلّف لجنة التحقيق المستقلة والدولية حول سورية في آذار (مارس) الماضي التحقيق في الأحداث التي جرت بين شباط (فبراير) ونيسان (أبريل) الماضيين في الغوطة الشرقية.

ونشرت اللجنة تقريرها أمس في 23 صفحة تُفصّل معاناة المدنيين في هذه المنطقة. وقال رئيس اللجنة باولو بينيرو في البيان: «من المشين تماماً مهاجمة مدنيين محاصرين بشكل عشوائي، وحرمانهم بشكل ممنهج من الغذاء والدواء». واتهم القوات الموالية للنظام باستخدام تكتيكات «غير شرعية» تهدف إلى «تأديب السكان وإجبارهم على الاستسلام أو الموت جوعاً». كما اتهمت اللجنة مجموعات معارضة مسلحة، مثل «جيش الإسلام» و «أحرار الشام» و «هيئة تحرير الشام»، بارتكاب «جرائم حرب» عبر «شن هجمات عشوائية» على دمشق أدت إلى مقتل وجرح مئات المدنيين. وأضافت: «طوال فترة الحصار، اعتقلت مجموعات مسلحة وعذبت تعسفياً مدنيين في دوما، بينهم أفراد من أقليات دينية، كما ارتكبت بشكل متكرر جرائم حرب شملت التعذيب وممارسات وحشية، وامتهاناً للكرامات».

إلى ذلك، توقع المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية أحمد أوزومجو، نشر التقرير الخاص بتحقيق منظمته في استخدام مزعوم للأسلحة الكيماوية في مدينة دوما الأسبوع المقبل.