JERUSALEM, ISRAEL - APRIL 30: Israeli reporters hold the Winograd Committee's interim report probing last year's Lebanon war as they broadcast live during a press conference April 30, 2007 in Jerusalem. Israeli Prime Minister Ehud Olmert, Defense Minister Amir Peretz and former army chief Dan Halutz are to blame for the "serious failure" of the Lebanon war, according to the report. (Photo by David Silverman/Getty Images)

لا تعتمد دولة الاحتلال الإسرائيلي في خوض حروبها على السلاح وحده، بل تعتبر الإعلام أداة هامة في حروبها تلك، من أجل ذلك عاجلت إلى استخدام كافة الأدوات والوسائل المتاحة لبث خطابها للجمهور العربي في محاولة لإيصال أفكارها، أو إعادة بلورة أفكار متلقيها.

أنشأت وسائل إعلام ناطقة باللغة العربية، سواء كانت تلك الوسائل إذاعية أو قنوات تلفزيونية أو مواقع إلكترونية، ولا يقتصر الهدف من هذه الوسائل عند حد نشر الرسائل أو الأفكار، بل يتجاوزها إلى التحريض العلني. كما تهدف إلى التمهيد  لأرضية التفاهم المستقبلي مع الدول المجاورة، حسب الأهداف الأساسية للدولة العبرية.

“ساسة بوست” في التقرير التالي تستعرض أهم وسائل الإعلام الإسرائيلية الناطقة بالعربية وأهدافها:

ما هي أهم وسائل الإعلام الإسرائيلية الناطقة بالعربية؟

إذاعة “صوت إسرائيل”

من أوائل وسائل الإعلام الإسرائيلية الناطقة بالعربية، تعمل  بموجب قانون سلطة البث لعام 1965 الذي ينص على أن يعمل البث باللغة العربية في سبيل خدمة المواطنين العرب في “إسرائيل” وفي سبيل تعزيز التفاهم والسلام ما بين إسرائيل والشعوب العربية المجاورة.
تعمل على مدار 24 ساعة، و تقدم لمستمعيها 17 نشرة أخبار وبرامج إخبارية وثقافية وموسيقية واجتماعية، وأهم ما ميز الإذاعة الإسرائيلية بالعربية أنها  حتى عام 1965؛ كانت تدار من مكتب رئيس الوزراء ومرتبطة بجهاز المخابرات الإسرائيلي، وهذا ما سهل استغلالها كمصدر لجمع المعلومات وتجنيد العملاء، من خلال برامج تبدو بريئة وإنسانية مثل: برنامج “سلامات”، وبرنامج “أستوديو رقم واحد”، و “بين السائل والمجيب”؛ حيث أن هذه البرامج كانت موصولة مباشرة مع المخابرات الإسرائيلية؛ فقد استخدمتها “الشاباك” و”الموساد” في إسقاط العديد من الفلسطينيين والعرب ودفعهم للعمل لصالح الاحتلال.

الفضائية الإسرائيلية

أنشئت بقرار من سلطة البث الرسمي في دولة الاحتلال الإسرائيلي بداية عام 2001، و بدأت بثها في 18\ 6\ 2002، بتكلفة 25 مليون شيكل، على نفقة الحكومة الإسرائيلية. من أهداف تأسيسها الدفاع عن سياسة دولة الاحتلال تحت مبرر “ضرورة تحتمها مصلحة إسرائيل العليا”. إضافة إلى أنها تهدف إلى إبراق رسائل يومية للعرب، وإخفاء السياسة الإسرائيلية العدوانية بالتمويه والخداع، ورسم رسالة إعلامية مخالفة لحقيقة الأوضاع، ووصل بثها كافة بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والخليج العربي، على مدى 12 ساعة يوميًا.

قناة i24

أحدث وسائل الإعلام الإسرائيلية الناطقة بالعربية، أطلق بثها عام 2013 وهي ناطقة أيضا بالإنكليزية والفرنسية، وتبث في الدول الناطقة بهذه اللغات. هدف القائمين على القناة هي “نقل صورة إسرائيل الحقيقية والرائعة لكارهي إسرائيل وليس لمواطنيها”، يمولها رجل أعمال يهودي فرنسي يدعى باتريك دهري، ومديرها فرانك ملول الذي تربطه علاقات وطيدة مع عدد من السياسيين في سدة الحكم في دولة الاحتلال، ومكاتبها تقع في يافا رغم أنها مسجلة في لوكسمبورغ.

هذه القناة وصفت نفسها بـ”القبة الحديدية في وجه الصحافة العالمية”، مشيرة بوضوح تام لأجندتها السياسية وهدف إقامتها التي حاولت إخفاءه في البداية، وهو تحسين صورة إسرائيل في العالم العربي وفي العالم بشكل عام.

موقع المصدر

موقع إخباري إسرائيلي باللغة العربية، ويعرّف كتّابه على أنهم “فريق من الإسرائيليين يهود وعرب”. يعمل طاقم تفعيل الموقع ضمن مشروع ” “the Israel projectالذي يسعى من جهته إلى تعريف الجمهور الأميركي على قضايا تهمّ إسرائيل ومنطقة الشرق الأوسط.

ويعني الموقع  بالمساهمة في خلق حوار متوازن حول إسرائيل والمسائل الإقليمية في الشرق الأوسط، وطرح نواح مختلفة وأصوات إسرائيلية متنوعة، حول المواضيع الإخبارية، وإضافة إلى ذلك، الكشف عن أصوات وحكايات من إسرائيل، لا تصل عادة إلى القارئ العربي.

ما هي أهداف دولة الاحتلال من إعلامها الناطق بالعربية؟

لقد نجحت دولة الاحتلال الإسرائيلي خلال فترة وجيزة في اختراق الوعي العربي، عبر إطلاقها عددًا من وسائل الإعلام باللغة العربية اجتذبت ملايين الزوار من الدول العربية، وكان هدف هذا الإعلام الذي يدير حربًا نفسية موجهة ضد العرب هو التأثير على عقليات الأفراد ونفسياتهم، ليصيبهم الوهن والإحباط والتفكك والاضطراب، وتحويل وجهتها بصورة مخالفة لأهدافها ومصالحها وهي عملية تتميز بأنها مفاجئة وسريعة وهادئة تعتمد على الاستدراج البطيء والغفلة والسذاجة.

ما سبق، تؤكده دراسة صادرة عن المركز العربي للدراسات الإنسانية تحت عنوان “الإعلام الإسرائيلي.. السلاح الأمضى في المعركة”، مضيفة أن هذا الإعلام الخاضع مباشرة لجهاز المخابرات لا يزال إعلامًا ذا مدلولات أمنية فهو مرتبط وموجه للمحيط الشعبي العربي الهائل، ويعمل أيضا على ترسيخ آراء مختلفة ومشوشة في نفوس الجمهور العربي الفلسطيني الذي ظل مكشوفًا وإلى حد كبير للإعلام الإسرائيلي، ولم تكن هناك أية وسائل أخرى قادرة على التصدي ومقاومة هذا التأثير.

من جهته يؤكد الخبير الإسرائيلي في شئون الشرق الأوسط “منشه شاؤول”، أن تلك الوسائل تعمل على نقل ما يبثه ويقوله الإعلاميون العرب المؤيدون للكيان الصهيوني، فعلي سبيل المثال تنقل هذه الوسائل كل ما من شأنه تشويه حركات المقاومة الفلسطينية، وبالأخص حركة حماس على لسان الإعلام العربي، كنقل ما بثته بعض الفضائيات العربية لاسيما المصرية، التي هاجمت الحركة وقادتها والمتحدثين باسمها. فعلى سبيل المثال نشرت تلك الوسائل مقالًا للكاتب مهدي مجيد عبدالله على موقع “إيلاف” يمجد في الشخصية الإسرائيلية، تحت عنوان “يا ليتني كنت إسرائيليًا”، وعلقت الصفحة الإسرائيلية بالقول: “مقال رأي في موقع إيلاف: شجاعة منقطعة النظير”.

كيف يجذب الإعلام الإسرائيلي المتلقي العربي؟

عندما وضع الخبراء الإسرائيليون محتوى وسائل إعلامهم الناطقة بالعربية أخذوا بالاعتبار  كافة الأساليب التي تجذب المتلقي العربي وتستقطبه فكريًا، وتنال استحسانه ومتابعته الدائمة، فالإعلام الإسرائيلي عرف ما يجذب العرب خاصة أنه اعتمد على إظهار ما اعتاد الرقيب العربي على إخفائه واعتماده على الشائعات التي دائما ما تكون مفتعلة لجذب الجمهور، ويقول المختصون أن الإعلام الإسرائيلي لديه خبرات كبيرة في مجال “حرب الكلمات”؛ حيث يضع عناوين حروبه، ويستخدمها بدلالات محددة تخدم هدف التخويف والترهيب، وهذا ما حدث في العدوان الأخير على قطاع غزة.

لقد استطاعت وسائل إعلام دولة الاحتلال أن تتوغل وتنتشر وتنجح في توصيل رسالة ورؤية إلى المواطن العربي، كما يقول الباحث في جامعة المنصورة محمد عبد الدايم، مضيفًا: “تدرك وسائل الإعلام الإسرائيلية اهتماماتنا واحتياجاتنا، فتذيع على قنواتها وإذاعاتها وتنشر على صفحاتها ومواقعها ما يجذب المواطن العربي من فنون وثقافة وأدب وأخبار، ونحن مازلنا نتحدث فقط عن العدو الإسرائيلي، الكيان الصهيوني، الاحتلال، دون تجديد خطاب، ودون التعمق في الشأن الإسرائيلي والواقع المعاش، ودون التوجه للجانب الإسرائيلي بإعلام بلغته.