بيان مؤتمر القوى الوطنية السورية حول مؤتمر روم

شددت مخرجات المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب، المنعقد في روما، على ضرورة الاستمرار في مكافحة تنظيم داعش والمنظمات الارهابية الاخرى وعلى ضرورة توسيع التعاون الدولي الفعال لإنجاز هذه المهمة، أما بالنسبة للشأن السوري فلقد دعا إلى دعم التحركات والمصالحات في المناطق التي تحررت من داعش، و أكد على الوقوف ” الى جانب الشعب السوري لدعم تسوية سياسية دائمة وفقاً لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، رقم 2254″ .

اننا في مؤتمر القوى الوطنية اذ نرحب بعودة الاهتمام الدولي بقضية الشعب السوري و بخلق تحالف دولي واسع، نؤكد على أن قضيتنا تتطلب وتستحق اهتماما وتركيزا ادق وأوسع، و التزاما فعليا وفاعلا بالقرارات الدولية ذات الصلة، ونعتقد

1ـ جزئية الحل العسكري والأمني لاتحل مشكلة هي في الأصل مشكلة سياسية بامتياز، وهذا في الواقع يتوافق مع ما جاء في بيان المؤتمر من دعوة “لمعالجة الأسباب الحقيقية التي تجعل بعض المجتمعات عرضة للتجنيد من قبل داعش “، لكن مع الأسف لقد غاب عن البيان ما كنا نتوقع التطرق له، فلقد كان من الأهمية بمكان تسليط الضوء على العلاقة الوثيقة بين الإرهاب ونشأته و تنشيط المجموعات الإرهابية وانتشارها واستمرار تواجدها، وبين إرهاب الأنظمة في دولنا واستبدادها وفسادها ووأد الديمقراطية وتغييب العمل الديمقراطي فيها، و بالخصوص النظام السوري منها، بسياسته الطائفية وفساده و بجرائمه المعروفة والموثقة ( هذا اذا تغاضينا عن دوره في صناعة واستقطاب الارهاب ) لذا فانه من غير المجدي مكافحة داعش و الإرهاب بالعموم بالصمت والسكوت في الوقت نفسه عل أنظمة الاستبداد والقمع والفساد وبدون العمل الجاد على حصار ومنع وسائل تغذيته الإيديولوجية، وبدون كف يد الدول والأنظمة التي تستثمر فيه، أو التي تستخدمه في صراعها السياسي والجيواستراتيجي للضغط وتبادل الرسائل، و إذا ما بقيت الظروف الإنسانية و الاجتماعية و الاقتصادية المزرية لمجموعات بشرية كبيرة يلفها التخلف والفقر والقهر، فلن يتسنى لأحد القضاء على الارهاب مهما بلغت قوته.

إن طريق التطور الديموقراطي السليم لمجتمع معافى، يعيش فيه الإنسان كمواطن حر، هو الدواء الفعلي لهذا الوباء الإرهابي الذي يجتاح دول العالم .

2ـ إن عدم استدراك الخطأ عبر الإشارة إلى المليشيات الإيرانية الموغلة في تطرفها وطائفيتها – التي كان قد تم استثناؤها من قوائم الإرهاب في فينا خلال ادارة اوباما !- ودورها الأساسي في ايجاد المناخ الملائم والأرضية المتطرفة المتقبلة لداعش في المقلب الآخر، بسبب ما قامت به من جرائم بحق السوريين، و بحق عموم العراقيين، إضافة لما يصدر عن قادتها من التهديد بأن تتجاوز عملياتها ضد التحالف المنطقة والاقليم، هو أمر يدعو للاستغراب ! لذا يطالب مؤتمر القوى الوطنية السورية بادراج تلك الميليشيات على قوائم الارهاب ومساواتها في التعاطي بغيرها من المنظمات الارهابية.

3- أما بخصوص ما صرح به البيان حول أن ” يواصل التحالف دعم التعافي المحلّي الشامل وتحقيق الاستقرار في المناطق المحرّرة من داعش وجهود المصالحة وإعادة الإدماج لتعزيز الظروف المؤدّية إلى حلّ سياسي للنزاع على مستوى سورية بموجب معايير قرار مجلس الأمن رقم 2254.” فهي فقرة يكتنفها الغموض والالتباس.

إننا في مؤتمر القوى الوطنية السورية ملتزمون بالحل السلمي للصراع في سورية اساسا لتعاف حقيقي، عبر تطبيق مقررات هيئة الأمم المتحدة، والقرار ٢٢٥٤ الصادر عن مجلس الأمن، بحرفيته، وتراتبيته، التي أقرتها مجموعة الدول الخمسة المجتمعة نفسها، والتي تقضي حصراً ـ ـ إضافة الى المبادئ فوق التفاوضية ـ ـ بإنشاء جسم حكم انتقالي كامل الصلاحيات التشريعية والتنفيذية – ممن لم تتلطخ أياديهم بدماء السوريين – يؤمن الاستقرار، ويقود فترة انتقالية تعيد للدولة السورية سيادتها، وتؤمن للمجتمع السوري تعافيه، وللشعب السوري وحدته، ولحمته، وحقوقه، ويضع سورية كدولة ومجتمع وشعب على طريق الحياة .

4ـ إن الموقف الإيجابي الذي بدر من الدول الأوربية والإدارة الأمريكية والذي اعتبر الانتخابات الرئاسية الأخيرة في سورية انتخابات غير شرعية لعدم استيفائها لأدنى معايير الديمقراطية ومخالفتها لما جاء في القرار ٢٢٥٤، والترحاب الذي لاقاه من السوريين، يتناقض مع دعوة المؤتمر لبعض مؤسسات المعارضة إلى الاستمرار في انخراطها في عمل اللجنة الدستورية مع نفس هذا النظام ورأسه المنتخب ! ويتجاهل ما يعنيه هذا الانخراط من قفز على تراتبية الحل الذي نص عليه القرار 2254، كما يتجاهل الاعراف الدولية العامة لصيرورة العملية الدستورية .

إننا مقتنعون، كما أثبتت التجارب الماضية، بأن العبث بالمراحل، ومحاولة الإيهام بالإنجاز، عبر البدء باللجنة الدستورية، والمفاوضات الماراثونية العقيمة مع النظام، قبل التطبيق الصحيح لقرار مجلس الأمن 2254 بتراتبيته و بإنجاز البدء بالمرحلة الانتقالية والخلاص من النظام وإرهابه و شخوصه، لن يكون طريقاً مجدياً …و ليس من بدء فعلي لمسار الخلاص، بدون جسم حكم انتقالي كامل الصلاحيات ، وما تبقى لا يعدو سوى إضاعة للوقت والجهد، ومجالاً للمناورات الالتفافية التي ستطيل أمد الوصول إلى حل قابل للحياة .

اخيرا نقول لقد دفع الوطنيون السوريون الديموقراطيون الثمن مضاعفاً، كضحايا لإرهاب النظام، وإرهاب المتطرفين إيديولوجياً على اختلاف مرجعياتهم، أو إلى أي مجموعة أو قومية انتموا … وصار الوقت ضاغطاً لرفع الصوت وتوحيد الجهود لمحاربة هذه الظاهرة القاتلة والقضاء على أسبابها، بدءاً بالقطع مع أنظمة الاستبداد المجرمة، وبدء المسار الانتقالي الديموقراطي بتعاون وإشراف دولي ، وانتهاءً بالقضاء على التنظيمات الدموية القاتلة .

فالمثل الدارج يقول : ” إذا أردت الخلاص من البعوض، فعليك بتجفيف المستنقعات ”

9. 7. 2021

اللجنة التحضيرية لمؤتمر القوى الوطنية السورية