أنا لا أعبد أحداً…

وإن كنتُ أقرب إلى حبّ المرأة التي قلتُ لها يا معبودتي

حين أدخلني خمرُها جناتٍ ما زالت جاريةً بأوردتي

فقد كنتُ غير صادقٍ فيما قلت لها

ولا مخطِّط مسبقاً أيضاً فأنا لا أخادعها

أنا كنت كما أظنّ سكراناً ولا أزال بها

 

أنا لا أعبد أحداً…

لا القمرَ الذي هداني نورُه إلى عشقِ كلّ ما هو حانٍ ومنحنٍ ومقبّب

ولا الشمسَ التي وضعَ ضوؤُها بيدي سيفاً لكي أقهرَ الكائناتِ

ولم أستطع سوى قهر نفسي

ولا المرّيخَ الذي وعدني بكسب الحرب وخسرت

ولا البحرَ الذي أخافَ مراكبي بعواصفه وواجهته بقبلةٍ لشواطئه

ولا النارَ التي ضربتْ شجرتي بصاعقةٍ لكي أشوي عليها الكستناء

ولا الآلهةَ المتعدّدين المتوسطين والصغار

ولا كبيرَ الآلهة الذي لم أحبّ فيه

سوى تنكّره الليليّ لإغواء النساء الأرضيات

وإنجابِ أنصاف الآلهة المعذّبين بين الأرض والسماء

 

أنا لا أعبدُ أحداً…

وإن كنتُ أقرب إلى حبّ جدّتي التي تتكبّد كلّ شتاء

عناء نزول العالم السفليّ ومواجهة مسوخ الموت

لتجديد ربيعيَ السوريّ البهيّ

 

أنا لا أعبدُ أحداً

لا الشيطانَ المسكين الذي تكفيه لعنةُ طرده من الجنّة

وتشرّده اللامجدي في أصقاع الأرض لإغواء بشرٍ لا يحتاجون إلى إغواء

ولا إله التوراة الجبّار الذي جرتْ باسم جميع صوره ما جرى التاريخ أنهارَ الدماء

ولا الأنبياء، لا الخلفاء، لا الأمراء، ولا رؤساء الجمهوريات،

لا الذهب، لا الفضة، ولا أيّ معدنٍ

وإن كنت أقرب إلى حبّ اللؤلؤ الذي يتلألأ بابتسامة تلك الفتاة

 

أنا لا أعبدُ أحداً…

ولا أحبّ العبوديّة أصلاً لأيّ كائنٍ

لكنني أقرب إلى حبّ الأرض وما يرفّ عليها

من أجنحةٍ حرّةٍ تستحقّ الحياة.