بعد ساعات من تهديد واشنطن دمشق بـ «الرد في شكل حاسم» في حال هجوم قواته في منطقة خفض التصعيد في الجنوب الغربي من سورية، جاء رد النظام السوري أمس بقصف كثيف لقواته على محافظة درعا أسفر عن مقتل ستة مدنيين على الأفل، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وهذا أكبر عدد من القتلى يسقط منذ تم الاتفاق على منطقة لخفض التصعيد في جنوب غربي سورية العام الماضي بين روسيا، حليفة دمشق، والأردن والولايات المتحدة.

ويشهد الجنوب السوري، ويضم محافظات درعا والقنيطرة والسويداء، وقفاً للنار أعلنته موسكو مع واشنطن وعمان منذ تموز (يوليو)، بعدما أُدرجت المنطقة في محادثات آستانة برعاية روسية وإيرانية وتركية كإحدى مناطق خفض التصعيد الأربعة في سورية.

وأحصى «المرصد» الجمعة «مقتل ستة مدنيين بينهم طفلان وإصابة أكثر من ثلاثين آخرين، جراء قصف عنيف نفذته قوات النظام على بلدتين على الأقل» في ريف درعا الشمال الغربي.

وقال مدير «المرصد» رامي عبدالرحمن لوكالة فرانس فرانس: إن «هذه الحصيلة هي الأعلى» منذ إعلان وقف النار في المنطقة. وتستقدم قوات النظام منذ أسابيع تعزيزات عسكرية إلى مناطق سيطرتها، تمهيداً لعملية عسكرية وشيكة وفق «المرصد»، في حال فشل مفاوضات تقودها روسيا.

عملية التصعيد المتواصل هذه تأتي بالتزامن مع استقدام قوات النظام تعزيزات عسكرية جديدة إلى منطقة دير العدس في منطقة مثلث الموت التي تسطر عليها، تمهيداً لعملية عسكرية وشيكة، في حال فشل مفاوضات تقودها روسيا. ونشر «المرصد» الجمعة، أنه رصد استمرار وصول التعزيزات العسكرية إلى جبهات الجنوب، ضمن التحضيرات المستمرة للعملية التي تلوح قوات النظام بتنفيذها ضد الفصائل المقاتلة والإسلامية في القنيطرة ودرعا، بالتزامن مع استمرار الفصائل بالاستنفار في المنطقة وتحصين مواقعها، في تحضير من جانبها لأي هجوم قد تبدأه قوات النظام في أي لحظة ضد الفصائل.

وقالت الناطقة باسم الخارجية هيذر نويرت في بيان ليل الخميس- الجمعة: «نؤكد مجدداً أن الولايات المتحدة ستتخذ إجراءات صارمة ومناسبة رداً على انتهاكات الحكومة السورية في تلك المنطقة». وقالت «الخارجية» الأميركية إن «أي إجراءات عسكرية للحكومة السورية في منطقة خفض التصعيد ستنذر باتساع الصراع». وأضافت في بيان: أن «ترتيبات وقف النار واتفاق خفض التصعيد تهدف لإنقاذ الأرواح وتهيئة الظروف للنازحين للعودة إلى وطنهم سالمين».

وقالت «ينبغي الاستمرار في تطبيق واحترام وقف النار».

وأضافت الوزارة في البيان أن روسيا، بوصفها عضوا بمجلس الأمن الدولي، تقع عليها بالتبعية مسؤولية «استخدام نفوذها الدبلوماسي والعسكري مع الحكومة السورية لوقف الهجمات وإرغام الحكومة على الامتناع عن شن حملات عسكرية أخرى». ويعد هذا التحذير الأميركي الثاني من نوعه في غضون ثلاثة أسابيع. ويأتي بعد يومين من إعلان الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة تلفزيونية الأربعاء، عن «تواصل مستمر بين الروس والأميركيين والإسرائيليين» في شأن الجنوب. وقال الأسد «نعطي المجال للعملية السياسية، إن لم تنجح فلا خيار سوى التحرير بالقوة»، متهماً الأميركيين والإسرائيليين بالضغط على الفصائل المعارضة لمنع التوصل إلى «حل سلمي».

واقترحت موسكو وفق ما قال الأسد إجراء «مصالحة» في المنطقة. وغالباً ما تقضي المصالحات التي ترعاها روسيا بإخراج مقاتلي المعارضة مع عائلاتهم إلى مناطق الشمال مقابل دخول قوات النظام، على غرار ما جرى أخيراً في الغوطة الشرقية قرب دمشق.

لكن قياديين في فصائل معارضة عدة أكدوا في وقت سابق رفضهم أي «مصالحة» مع النظام. وينظر إلى المنطقة على نطاق واسع على أنها بؤرة ساخنة محتملة لمزيد من التصعيد في الصراع. وأفاد «المرصد» بأن الجيش قصف بلدتي كفر شمس والحارة قرب الحدود مع هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل. وتعتمد مكاسب الأسد العسكرية في الحرب في جانب منها على دعم من إيران والفصائل الشيعية المتحالفة معها، والتي تشمل جماعة حزب الله اللبنانية، والتي تسهم جميعاً بقوات برية. وتريد إسرائيل إخراج هذه القوات من كل الأراضي السورية لكنها تشعر بقلق على وجه الخصوص من وجود هذه القوات قرب حدودها ونفذت عدداً من الضربات الجوية مستهدفة إياها. وتعتبر إسرائيل إيران أكبر تهديد خارجي لأمنها بينما تنظر إلى حزب الله على أنه أكبر خطر على حدودها. ونشوب أي معركة كبيرة في تلك المنطقة يهدد بتصعيد كبير في الحرب السورية المستمرة منذ سبع سنوات لتضع إسرائيل في مواجهة مباشرة مع إيران وحلفائها.

وقال قيادي في التحالف العسكري الذي يدعم الأسد هذا الأسبوع أيضاً، إن «الاستعدادات لشن هجوم في المنطقة اكتملت وإن الحكومة نصبت دفاعات جديدة مضادة للطائرات قرب الجولان».