مع انتشار فيروس كورونا في العالم، تنادت المنظمات الحقوقية للتحذير من مخاطر وصول الفيروس للمساجين. عدة دول في العالم اتخذت إجراءات مرتبطة، فمنها من تنظر في الإفراج عن المساجين مثل بريطانيا وتركيا، والولايات المتحدة وإيران وغيرها. كما اندلعت احتجاجات في السجون في مختلف أنحاء العالم، طالب فيها المساجين باتخاذ إجراءات لحمايتهم من فيروس كورونا.
أما في سوريا، فالمعتقلون لا صوت لهم ولا بصيص أمل بالإفراج عنهم. رغم أنهم أكثر المعتقلين في العالم عرضة لخطر فيروس كورونا، بسبب الظروف اللاإنسانية التي وضعهم فيها نظام الأسد. قد يتعرض المعتقلون في سوريا إلى مذبحة لم تشهدها السجون من قبل. لو انتقل الفيروس من سجان، أو من معتقل جديد إلى زنزانة، سيصاب جميع المعتقلين به. احتمال وفاة أغلبهم كبير لأن العامل الرئيسي في التصدي لهذا الفيروس معطل في أجسادهم. نظام المناعة في الجسم هو المسؤول عن مقاومة الأمراض بما فيها فيروس كورونا.
في سجون الأسد أكثر ما يعانيه المعتقلون مع التعذيب هو ضعف الجسد ومناعته. لذلك على سبيل المثال حين يخدش المعتقل أو يصاب بالجرب لا يشفى بل يتفاقم وضعه، وتكبر البثور وتزداد الالتهابات في الجسد. استفحال البثور والجرب في أجساد المعتقلين سببه ضعف مناعة الجسم. عندما كنت في الفرقة الرابعة مثلًا، لم يكن هناك معتقل واحد بلا بثور أو جرب والتهابات جلدية، ومنها ما بدأ بالتعفن، والحفر عميقًا في لحم الجسد.
ظروف الاعتقال في فروع الأمن وصيدنايا تبدو وكأنها مصممة لتعطيل نظام المناعة.
أسباب ضعف الجهاز المناعي:
قلة النوم: جميعنا يعلم استحالة حصول المعتقلين على النوم الكافي. كما انتشرت حالات “الفصل” أو “الفصلان”، حيث يفقد المعتقل ارتباطه بالواقع ويتوقف عن الحركة والطعام والنوم، وينتهي به الأمر إلى الموت.
سوء التغذية: الطعام الذي يقدمه النظام للمعتقلين لا يحوي العناصر الغذائية الضرورية لعمل الجهاز المناعي، كما أن كميات الطعام قليلة جدًا.
عدم التعرض لأشعة الشمس: بما يسبب نقص فيتامين د، وهو ضروري لعمل جهاز المناعة. جميع المعتقلين في فروع الأمن وسجن صيدنايا العسكري لا يخرجون من زنازينهم المظلمة مطلقًا. في الفرقة الرابعة قضينا تسعة شهور دون أن نرى الشمس ولو لمرة واحدة. كانت اللثة لدى المعتقلين تنزف دمًا بشكل خفيف لكن مستمر، بسبب نقص فيتامين د وغيره من العناصر الغذائية الضرورية للجسم.
قلة الحركة: حيث يُنصح بالرياضة لتعزيز مناعة الجسم، وهذا الأمر مستحيل في معتقلات الأسد، لشدة اكتظاظها وعدم توافر مساحة لممارسة الحركة.
بالإضافة إلى عدم توافر مواد النظافة الشخصية ونظافة المعتقلات، والأدوية وغيرها من المواد المنقذة للحياة.
نظرًا لمنهجية المجتمع الدولي في عدم اتخاذه خطوات جدية لإجبار الأسد على الإفراج عن المعتقلين أو حتى تحسين ظروف اعتقالهم اللاإنسانية، لا يبدو أن جائحة كورونا ستدفع العالم للتحرك من أجل المعتقلين. رغم ذلك يجب التحرك الفوري والصارخ من قبل المنظمات الحقوقية السورية، والدولية ومنظمات الأمم المتحدة والصليب الأحمر لاتخاذ خطوات فورية لمواجهة هذه الخطر المحدق بأرواح المعتقلين. يجب تحميل هذه المنظمات مسؤولياتها القانونية والأخلاقية. لا بد للمنظمات الحقوقية السورية والناجين والنشطاء من استكشاف أساليب جديدة تنقلهم من منهجية الاستجداء والترجي والمناشدة، إلى دور أكثر