الرياض، المنامة، أبو ظبي، القاهرة، موسكو، أنقرة، نيودلهي – «الحياة»، رويترز

اتخذت السعودية والإمارات والبحرين ومصر خطوات إضافية لمواجهة خروج قطر عن الإجماع الخليجي والعربي، وقررت، بعد فشل وساطة خليجية، قطع العلاقات الديبلوماسية مع قطر، وانضمت إليها لاحقاً كل من الحكومة الشرعية في اليمن، وحكومة شرق ليبيا.
وقررت تلك الدول إغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية، ومنع العبور في أراضيها وأجوائها ومياهها الإقليمية، ومنع مواطنيها من السفر إلى قطر وإمهال المقيمين والزائرين من مواطنيها فترة محددة لمغادرتها، ومنع المواطنين القطريين من دخول أراضيها وإعطاء المقيمين والزائرين منهم مهلة للخروج.
ونقلت «وكالة الأنباء السعودية» (واس) اليوم (الإثنين) عن مصدر مسؤول في الحكومة، أن المملكة «انطلاقاً من ممارسة حقوقها السيادية التي كفلها القانون الدولي، وحماية لأمنها الوطني من مخاطر الإرهاب والتطرف، قررت قطع العلاقات الديبلوماسية والقنصلية مع دولة قطر، كما قررت إغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية كافة، ومنع العبور في الأراضي والأجواء والمياه الإقليمية السعودية، والبدء بالإجراءات القانونية الفورية للتفاهم مع الدول الشقيقة والصديقة والشركات الدولية لتطبيق الإجراء نفسه في أسرع وقت ممكن لوسائل النقل من دولة قطر وإليها كافة، لأسباب تتعلق بالأمن الوطني السعودي».
وأضاف المصدر: «اتخذت السعودية قرارها الحاسم هذا نتيجة للانتهاكات الجسيمة التي مارستها السلطات في الدوحة، سراً وعلناً، طوال السنوات الماضية بهدف شق الصف الداخلي السعودي، والتحريض على الخروج على الدولة، والمساس بسيادتها، واحتضان جماعات إرهابية وطائفية متعددة تستهدف ضرب الاستقرار في المنطقة، ومنها (الإخوان المسلمون) و (داعش) و (القاعدة)، والترويج لأدبيات ومخططات هذه الجماعات عبر وسائل إعلامها في شكل دائم، ودعم نشاطات الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران في محافظة القطيف من المملكة، وفي البحرين الشقيقة، وتمويل وتبني وإيواء المتطرفين الذين يسعون إلى ضرب استقرار ووحدة الوطن في الداخل والخارج، واستخدام وسائل الإعلام التي تسعى إلى تأجيج الفتنة داخلياً».
وأشار إلى أنه «اتضح الدعم والمساندة من قبل السلطات في الدوحة لميليشيات الحوثي الانقلابية حتى بعد إعلان تحالف دعم الشرعية في اليمن»، مضيفاً: «كما أن المملكة اتخذت هذا القرار تضامناً مع البحرين الشقيقة التي تتعرض إلى حملات وعمليات إرهابية مدعومة من قبل السلطات في الدوحة، وإنه منذ العام 1995 بذلت المملكة وأشقاؤها جهوداً مضنية ومتواصلة لحض السلطات في الدوحة على التزام تعهداتها، والتقيد بالاتفاقات، إلا أن هذه السلطات دأبت على نكث التزاماتها الدولية، وخرق الاتفاقات التي وقعتها تحت مظلة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بالتوقف عن الأعمال العدائية ضد المملكة، والوقوف ضد الجماعات والنشاطات الإرهابية، وكان آخرها عدم تنفيذها لاتفاق الرياض».
وتابع المصدر: «إنفاذاً لقرار قطع العلاقات الديبلوماسية والقنصلية، يمنع على المواطنين السعوديين السفر إلى دولة قطر، أو الإقامة فيها، أو المرور عبرها، وعلى المقيمين والزائرين منهم سرعة المغادرة خلال مدة لا تتجاوز 14 يوماً، كما تمنع، بكل أسف، لأسباب أمنية احترازية دخول أو عبور المواطنين القطريين إلى السعودية، وتمهل المقيمين والزائرين منهم مدة 14 يوماً للمغادرة، مؤكدة التزامها وحرصها على توفير كل التسهيلات والخدمات للحجاج والمعتمرين القطريين».
واختتم البيان بالقول أن «المملكة العربية السعودية تؤكد أنها صبرت طويلاً على رغم استمرار السلطات في الدوحة على التملص من التزاماتها، والتآمر عليها، حرصاً منها على الشعب القطري الذي هو امتداد طبيعي وأصيل لإخوانه في المملكة، وجزء من أرومتها، وستظل المملكة سنداً للشعب القطري الشقيق وداعمة لأمنه واستقراره بغض النظر عما ترتكبه السلطات في الدوحة من ممارسات عدائية».
وأغلقت وزارة الثقافة والإعلام السعودية مكتب قناة «الجزيرة» في المملكة وسحبت الترخيص الممنوح لها.
وتأتي هذه الخطوة بعد أن قامت قناة «الجزيرة» بـ «ترويج مخططات الجماعات الإرهابية ودعم ومساندة ميليشيات الحوثي الانقلابية في اليمن ومحاولة شق الصف الداخلي السعودي وذلك بالتحريض بالخروج عن الدولة والمساس بسيادة المملكة العربية السعودية».
البحرين
وأعلنت البحرين في بيان بثته وكالة الأنباء البحرينية الرسمية «قطع العلاقات الديبلوماسية مع قطر حفاظاً على الأمن الوطني، وسحب البعثة الديبلوماسية البحرينية من الدوحة وإمهال جميع أفراد البعثة الديبلوماسية القطرية 48 ساعة لمغادرة البلاد مع استكمال تطبيق الإجراءات اللازمة».
وأعلنت المنامة أيضاً «غلق الأجواء أمام حركة الطيران وإقفال الموانئ والمياه الإقليمية أمام الملاحة من قطر وإليها خلال 24 ساعة».
وأردف البيان أن «حكومة مملكة البحرين إذ تمنع مواطنيها من السفر إلى قطر أو الإقامة فيها، فإنها تأسف لعدم السماح للمواطنين القطريين بالدخول إلى أراضيها أو المرور عبرها، كما تمنح المقيمين والزائرين القطريين مهلة 14 يوماً لمغادرة أراضي المملكة تحرزاً من أي محاولات ونشاطات عدائية تستغل الوضع على رغم الاعتزاز والثقة العالية في إخواننا من الشعب القطري وغيرتهم على بلدهم الثاني».
ورأى البيان «أن الممارسات القطرية الخطيرة لم يقتصر شرها على مملكة البحرين فقط، إنما تعداها إلى دول شقيقة أحيطت علماً بهذه الممارسات التي تجسد نمطاً شديد الخطورة لا يمكن الصمت عنه أو القبول به وإنما يستوجب ضرورة التصدي له بكل قوة وحزم».
واختتم البيان بالقول أنه «مع أسف مملكة البحرين لهذا القرار الذي اتخذته صيانة لأمنها وحفاظا لأستقرارها، فإنها تؤكد حرصها على الشعب القطري الشقيق الذي يدرك معاناتنا وهو يشهد مع كل عملية إرهابية سقوط ضحايا من إخوانه وأهله في البحرين بسبب استمرار حكومته في دعم الإرهاب على جميع المستويات والعمل على إسقاط النظام الشرعي في البحرين».

إجراءات إماراتية
وفي أبو ظبي، أعلنت دولة الإمارات إجراءات مماثلة، وقالت في بيان رسمي نقلته «وكالة أنباء الإمارات» (وام) قطع العلاقات مع قطر بما فيها العلاقات الديبلوماسية، وتأييدها للبيان الصادر عن السعودية في شأن قطع العلاقات مع قطر، والبيان الصادر عن مملكة البحرين في هذا الشأن.
وأردفت: «تؤكد دولة الإمارات العربية المتحدة التزامها التام ودعمها الكامل لمنظومة مجلس التعاون الخليجي والمحافظة على أمن الدول الأعضاء واستقرارها. وفي هذا الإطار وبناء على استمرار السلطات القطرية في سياستها التي تزعزع أمن المنطقة واستقرارها والتلاعب والتهرب من الالتزامات والاتفاقات فقد تقرر اتخاذ الإجراءات الضرورية لما فيه مصلحة دول مجلس التعاون الخليجي بعامة والشعب القطري الشقيق بخاصة».
وتابعت أنه «تأييداً للبيان الصادر عن مملكة البحرين الشقيقة والبيان الصادر عن المملكة العربية السعودية، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة قررت اتخاذ الإجراءات التالية:
– قطع العلاقات مع قطر بما فيها العلاقات الديبلوماسية وإمهال البعثة الديبلوماسية القطرية 48 ساعة لمغادرة البلاد.
– منع دخول أو عبور المواطنين القطريين إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وإمهال المقيمين والزائرين منهم مدة 14 يوماً للمغادرة لأسباب أمنية واحترازية، ومنع المواطنين الإماراتيين من السفر إلى دولة قطر أو الإقامة فيها أو المرور عبرها.
– إغلاق المنافذ البحرية والجوية كافة خلال 24 ساعة أمام حركة القدوم والمغادرة إلى قطر ومنع عبور وسائل النقل القطرية كافة المقبلة والمغادرة، واتخاذ الإجراءات القانونية والتفاهم مع الدول الصديقة والشركات الدولية بخصوص عبورهم في الأجواء والمياه الإقليمية الإماراتية من قطر وإليها لأسباب تتعلق بالأمن الوطني الإماراتي».
وتابع البيان: «إن دولة الإمارات العربية المتحدة تتخذ هذا الإجراء الحاسم نتيجة لعدم التزام السلطات القطرية اتفاق الرياض لإعادة السفراء والاتفاق التكميلي له في العام 2014 ومواصلة دعمها وتمويلها واحتضانها التنظيمات الإرهابية والمتطرفة والطائفية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين وعملها المستمر لنشر وترويج فكر تنظيم داعش والقاعدة عبر وسائل إعلامها المباشر وغير المباشر، وكذلك نقضها البيان الصادر عن القمة العربية الإسلامية الاميركية في الرياض لمكافحة الإرهاب الذي اعتبر إيران الدولة الراعية للإرهاب في المنطقة، إلى جانب إيواء قطر المتطرفين والمطلوبين أمنيا وتدخلها في الشؤون الداخلية لدولة الإمارات وغيرها من الدول واستمرار دعمها للتنظيمات الإرهابية، ما سيدفع بالمنطقة إلى مرحلة جديدة لا يمكن التنبؤ بعواقبها وتبعاتها».
واختتم بالقول «إذ تأسف دولة الإمارات لما تنتهجه السلطات القطرية من سياسات تؤدي إلى الوقيعة بين شعوب المنطقة، فإنها تؤكد احترامها وتقديرها البالغين للشعب القطري الشقيق لما يربطها به من أواصر القربى والنسب والتاريخ والدين».

البيان المصري
وفي القاهرة، أعلن بيان رسمي أن «حكومة جمهورية مصر العربية قررت قطع العلاقات الديبلوماسية مع دولة قطر في ظل إصرار قطر على اتخاذ مسلك معادٍ لمصر، وفشل المحاولات كافة لإثنائها عن دعم التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم الإخوان الإرهابي، وإيواء قياداته الصادرة بحقهم أحكام قضائية في عمليات إرهابية استهدفت أمن مصر وسلامتها».
وعزا البيان الصادر عن وزارة الخارجية المصرية القرار إلى «ترويج قطر لفكر تنظيم القاعدة وداعش، ودعم العمليات الإرهابية في سيناء، فضلاً عن إصرارها على التدخل في الشؤون الداخلية لمصر ودول المنطقة بصورة تهدد الأمن القومي العربي وتعزز بذور الفتنة والانقسام داخل المجتمعات العربية وفق مخطط مدروس يستهدف وحدة الأمة العربية ومصالحها».

تضامن يمني
وأعلنت قيادة «تحالف دعم الشرعية في اليمن» أنها قررت إنهاء مشاركة قطر في التحالف بسبب ممارساتها التي تعزز الإرهاب، ودعمها تنظيماته في اليمن ومنها «القاعدة» و «داعش»، وتعاملها مع الميليشيات الانقلابية.
وانضمت الحكومة اليمنية الشرعية إلى قرار قطع العلاقات الديبلوماسية مع قطر، وأعلنت تأييدها لإخراجها من التحالف العربي. وقالت في بيان: «نؤيد الخطوات التي اتخذتها قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن بإنهاء مشاركة القوات القطرية، ونعلن قطع العلاقات الديبلوماسية بدولة قطر، بعد اتضاح ممارساتها وتعاملها مع الميليشيات الانقلابية ودعمها للجماعات المتطرفة في اليمن، ما يتناقض مع الأهداف التي اتفقت عليها الدول الداعمة للحكومة اليمنية الشرعية».

موقف ليبي
وحذت حكومة شرق ليبيا حذو الدول المقاطِعة، بإعلان وزير خارجيتها محمد الدايري أن حكومته قطعت العلاقات الديبلوماسية مع قطر، وأضاف في مؤتمر صحافي اليوم أن «قرار قطع العلاقة مع قطر يأتي تضامناً مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية».
إيران وتركيا وروسيا والهند وجزر المالديف
من جهتها، انبرت إيران للدفاع عن قطر بعد القرار الخليجي والعربي، وقال حميد أبو طالبي مساعد الشؤون السياسية في مكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني على تويتر «انتهى عهد قطع العلاقات الديبلوماسية وإغلاق الحدود… ليس وسيلة لحل الأزمة… ليس أمام هذه الدول خيار آخر سوى بدء الحوار الإقليمي».
أما تركيا التي تربطها علاقات وثيقة مع الدوحة، فأعربت عن الأسى للنزاع المستجد، وأبدت أملها في استمرار الحوار بين الدول العربية وقطر.
وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو اليوم، إنه يشعر بالأسى للخلاف بين قطر ودول عربية أخرى ودعا إلى الحوار لحل النزاع.
وأضاف في مؤتمر صحافي «نعتبر استقرار منطقة الخليج من وحدتنا وتضامننا. تطرأ بعض الأمور بين الدول بالطبع لكن الحوار يجب أن يستمر تحت أي ظرف لحل المشكلات سلمياً. نشعر بالأسى للوضع الحالي وسنقدم أي مساندة لإعادة الوضع لطبيعته».
وقال «الكرملين» إن من مصلحة روسيا أن يكون الوضع في الخليج «مستقراً وسلمياً» وقال الناطق باسم «الكرملين» ديمتري بيسكوف في مؤتمر صحافي عبر الهاتف، إن موسكو تأمل أيضاً ألا يؤثر الخلاف الديبلوماسي الحالي مع الخليج على «العزم المشترك» في الحرب على «الإرهاب الدولي».
بدورها، قالت وزيرة الشؤون الخارجية في الهند سوشما سواراج اليوم، إن بلادها لن تتأثر بقطع بعض دول الخليج علاقاتها الديبلوماسية مع قطر.
وقالت للصحافيين «لا يبرز أي تحد بالنسبة لنا من هذا (الإجراء). هذا شأن داخلي لدول مجلس التعاون الخليجي. نهتم فقط لشأن الهنود هناك. نحاول اكتشاف ما إذا كان أي هندي عالق هناك».
من جهتها، قالت جزر المالديف إنها قطعت العلاقات الديبلوماسية مع قطر، وقالت حكومة الدولة الصغيرة الواقعة في المحيط الهندي والمكونة من مجموعة من الجزر، في بيان «اتخذت المالديف القرار بسبب معارضتها الشديدة للأنشطة التي تشجع الإرهاب والتشدد».
بدوره، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إنه يأسف لوصول الأمور إلى هذه النقطة بين دول عربية عدة». وأضاف بيان للجامعة العربية أن الأمين العام «يحدوه الأمل بأن يتم تجاوز هذه الأزمة الخطرة في القريب صيانة للأمن القومي العربي من التهديدات التي يتعرض لها».