رسالة مفتوحة الى رئيس الجمهورية التشيكية زيمان ووزير الخارجية ستروبنيتسكي ورئيس البرلمان التشيكي فوندراتشيك والنواب التشيك في البرلمان الأوربي واللجان ذات العلاقة في البرلمان ومجلس الشيوخ

في هذه الأيام، ترتكب مرة أخرى على الأراضي السورية جرائم حرب بربرية وجرائم ضد الإنسانية بالغة الخطورة. إن الغوطة الشرقية، قرب دمشق ، ومحافظة إدلب أصبحتا بشكل خاص أهداف غارات مكثفة وحشية للطيران السوري و الروسي ، الذي ليس فقط لايأخذ أي اعتبار للمدنيين، بل أصبح من الجلي أنه يسعى لكسر ارادتهم والقضاء عليهم. وتستهدف الهجمات مجموعات كاملة من المنازل المدنية والمستشفيات مستخدمة الأسلحة المحظورة، بما في ذلك الأسلحة الكيميائية. في الغوطة الشرقية فقط ، علمنا خلال الأيام الأربعة الأولى من وقوع تلك الغارات عن مقتل 234 انسان ، منهم 66 طفلا و42 امرأة ، وجرح ما لا يقل عن 700 آخرين. وتظهر صور من تلك المواقع لعشرات جثث الأطفال القتلى المغطاة بالدماء والمتشوهة وغير ذلك من المعاناة التي لا يمكن تصورها للسكان المدنيين. هذه الجرائم البشعة للغاية تحدث في المناطق المسماة “بمناطق خفض التصعيد” المنشأة بموجب اتفاقات أستانا ، بين الذين يسمون أنفسهم “بالضامنين” ـ روسيا وتركيا وإيران ، في أيار من العام الماضي

هذه الجرائم المروعة ماهي ، حتى الآن ، سوى الحلقة الأخيرة في سلسلة كاملة من جرائم النظام السوري ومؤيديه: روسيا وإيران ومنظمة حزب الله الإرهابية، الذين لايقلون بشاعة بجرائمهم النكراء عن ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية. خلال سبع سنوات من الحرب الوحشية، أصبح هذا النظام مسؤول عن مقتل أكثر من نصف مليون من المواطنين الأبرياء، بما في ذلك أكثر من 60000 إمرأة وطفل ، 16000تحت التعذيب، بالاضافة لأكثر من 100،000مفقود ، وأكثر من مليوني جريح وأكثر من000 260 سجين سياسي ، حيث تعرض الكثير منهم لشتى أنواع التعذيب الوحشية التي لا يمكن تصورها. وقد تسبب هذا النظام أيضا في تشريد أكثر من ثمانية ملايين شخص داخل البلد وهجرة سبعة ملايين للخارج. إن حرب الابادة ضد مواطنيه يقودها باستخدام جميع أنواع الأسلحة، بما في ذلك المحظورمنها ، مثل البراميل المتفجرة ، والقنابل الفراغية والعنقودية، وحتى الأسلحة الكيميائية. إن دوسه الدائم والصارخ على جميع المعاهدات والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والمعايير الأساسية لقوانين الحرب ، بما في ذلك اتفاقيات جنيف ، يمثل استهزاءا وبصقا في وجه العالم المتحضر كله

إن بعض قادتنا السياسيين كانوا دائما يكررون ويرددون مقولة : أن تقديم المساعدة للناس المتضررين من ويلات الحرب يجب أن تتم في “مناطق الصراع” حتى يبطل سبب هربهم إلى أوروبا. إن هذه المقولة ليست سوى تبجح منافق ، كونهم في الوقت ذاته طوال هذه السنين يتفرجون ، دون تحريك ساكن ، على الجرائم الواسعة النطاق ضد السكان المدنيين في سورية (وأماكن أخرى). ونخشى من أن بعض ممثلي الجمهورية التشيكية، وخاصة السفارة التشيكية في سورية، والقيادة السابقة لوزارة الخارجية ورئيس الجمهورية، بمواقفهم تلك كانوا يساعدون على إضفاء الشرعية على جرائم النظام السوري وحلفائه. وبالإضافة إلى ذلك، إن الجمهورية التشيكية تقدم الأسلحة إلى الحشد الشعبي العراقي، والتي كثيرا ما تستخدم ، بدلا من محاربة ما يسمى بالدولة الإسلامية ، لقتل السكان المدنيين السوريين جنبا إلى جنب النظام السوري. بالحزن العميق والخجل الكبير، يجب أن نقول إن ممثلي الجمهورية التشيكية يتحملون أيضا القسط الكبير من المسؤولية عن المعاناة الهائلة للمدنيين في سورية

بناء على ذلك ، نطالبكم بأن تبذلوا، بكل ماتستطيعونه من قوة، كافة الجهود للمساعدة على ايجاد حل ناجع لهذه الحالة التي لا تطاق وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي يؤكد على ضرورة رفع المعاناة الانسانية عن الشعب السوري ، جراء القصف والحصار والتجويع ، دون قيد او شرط. نطالبكم أولا وقبل كل شيء ، ضمن نطاق امكانياتكم، بالقيام بالضغط الحازم والمركز على ممثلي النظام السوري ، أعضاء مجلس الأمن، ولا سيما روسيا والصين، والمؤسسات الدولية ذات العلاقة، وبالأخص ممثلي الاتحاد الأوروبي، أو منظمة حلف شمال الأطلسي، من أجل تحقيق المطالب التالية:

ـ الوقف الفوري للقتال، وخاصة قصف ما يسمى مناطق تخفيف التصعيد من قبل القوات الجوية السورية والروسية.
ـ إنشاء مناطق حظر جوي فوق ما يسمى بمناطق خفض التصعيد التي تتعرض للقصف من قبل القوات الجوية السورية والروسية
ـ إنشاء ممرات آمنة فورا لتقديم المعونة الإنسانية اللازمة للسكان المدنيين في المناطق المحاصرة
ـ البدء بمحادثات حول نشر قوات دولية للاشراف على وقف اطلاق النار
ـ الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين والمعارضين للنظام السوري
ـ احترام قرار الأمم المتحدة رقم 2118 بشأن حل سياسي وإنشاء هيئة حكم انتقالية تتمتع بسلطات تنفيذية كاملة
ـ إنشاء محكمة دولية خاصة للتحقيق في جرائم الحرب، بما في ذلك الجرائم التي يرتكبها الجيش السوري والروسي، والأجهزة الأمنية السورية والوحدات شبه العسكرية.
ـ الوقف الفوري لدعم الأعمال العسكرية الاجرامية للنظام السوري من قبل روسيا ، ايران وحزب الله اللبناني. وفي حال عدم استعدادهم للقيام بذلك، يجب تطبيق عقوبات أشد صرامة تطال بشكل فعال وهادف ممثلي الأنظمة الحاكمة في هذه البلدان. يرجى السعي لممارسة الضغط خاصة على ممثلي الاتحاد الروسي لإنهاء القصف الفوري للسكان المدنيين في سورية
ـ وقف تصدير الأسلحة لميليشيات الحشد الشعبي العراقية من الجمهورية التشيكية
ـ تغيير مسار السياسة الخارجية التشيكية تجاه سورية، التي قامت منذ فترة طويلة بإضفاء الشرعية على النظام الحالي في سورية وجرائمه، واستبدال السفيرة في دمشق، أوإغلاق السفارة التشيكية هناك

ومما يؤسفنا القول هنا أيضا ، لقد تأكدت في الواقع العملي الحقيقة المعروفة منذ زمن طويل أن سياسة “الترضية” والتنازلات للأنظمة الاجرامية لا تنفع ولا تؤدي إلا إلى زيادة تصعيد الصراعات. وقد أظهر التطور الدرامي في الأيام الأخيرة أن النظام السوري الدموي، الذي يعتمد على دعم الجيش الروسي والميليشيات الإيرانية وحزب الله، يشكل تهديدا أمنيا خطيرا للبلدان المجاورة، وهو مصدر محتمل لمزيد من الصراعات. فآلة القتل لا يمكن ايقافها، و السلم والاستقرار الحقيقيين لايمكن تأمينهما إلا بالقوة الحاسمة للمجتمع الدولي التي تجسد احترام القانون الدولي والمعايير الأساسية للعالم المتحضر على الإطلاق، وتجلب مرتكبي الجرائم للمحاسبة. ولذلك نرجوكم أن تسهموا بشكل عاجل في تطوير تلك القوة

نتوجه اليكم أيضا ، على وجه السرعة، بالطلب الذي يسمح لنا بالدخول معكم في حوار موضوعي متبادل. نحن لانرغب
فقط بدعوتكم للقيام بالواجب، ولكن كممثلين للمجتمع المدني، الذين يتعاملون مع الوضع في سوريا لفترة طويلة ويراقبونه بقلق، نريد أيضا أن نقدم لكم يد العون. نتمنى منكم شخصيا ومن كل الممثلين السياسيين في بلدنا ليس فقط استيعاب قلقنا بل أيضا الاستفادة العملية من دعمنا وتقديرنا وتفاهمنا المتبادل.

مع التحيات

لقد ساهم في صياغة هذه الرسالة وقام بترجمتها الى اللغة العربية الرفيق حسـن شرفو
وقام بالتوقيع عليها مرشح لرئاسة الجمهورية والعديد من أساتذة الجامعات والأطباء والمحامين والمترجمين وكتاب وصحفيين ودبلوماسيين سابقين ومخرجين ومنتجين وممثلين في السينما والمسرح التشيكي