بيروت: بولا أسطيح أنقرة: سعيد عبد الرازق
تقدم في الساعات القليلة الماضية خيار الحل العسكري على المفاوضات التي ترعاها واشنطن بين «قوات سوريا الديمقراطية» وفصائل المعارضة التي تدعمها أنقرة في ريف حلب الشمالي. فبعد فشل كل الجهود بالتوصل إلى تسوية تقضي بتسليم وحدات الحماية الكردية قرى ذات أغلبية عربية إلى «لواء المعتصم»، قررت أنقرة التلويح بالعمل العسكري وإن كانت لم تتخذ على ما يبدو قرارا نهائيا في هذا الإطار بعد.
وقال مصدر عسكري معارض في الشمال لـ«الشرق الأوسط»، إن تركيا لم تبلغ الفصائل المقاتلة في ريف حلب قرارها بفتح المعركة بوجه «قسد»، إلا أنه اعتبر أن عملية مماثلة قد تنطلق في أي لحظة. وأضاف: «تركيا أمهلت (قسد) فترة طويلة للانسحاب من القرى العربية التي دخلتها، وهي نحو 8 قرى تم تهجير أهلها منها، وأعطتهم فرصا متتالية من خلال مفاوضات شاركت فيها واشنطن، حتى إنه كان هناك اتفاق في الأشهر الماضية على تسليم هذه القرى إلى (لواء المعتصم)، إلا أن القوات الكردية تراجعت عنه».
وأوضح المصدر أن «التعزيزات التي أرسلتها أنقرة إلى ريف حلب الشمالي هي خطوة أولى باتجاه العمل العسكري»، لافتا إلى أن «المعارك وفي حال انطلقت لن تخوضها غرفة العمليات التي تولت عملية (درع الفرات)، إنما سيكون هناك غرفة جديدة ومستقلة».
من جهته، أكد مصدر قيادي كردي أنه «لن تسلم أي منطقة أو قرية أو مزرعة حررتها (قسد) لتركيا أو للنظام أو لفصائل المعارضة، وهذا أمر لا تراجع عنه»، مشددا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أنه «إذا توجهت أي مجموعات إلى مناطق تسيطر عليها قسد أو حلفاؤها، فسيتم التعامل معها كقوة احتلال هي ومن معها».
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن رتلا يضم جنودا أتراكا وعتادا وآليات، دخل إلى مناطق بريف حلب الشمالي خلال الـ24 ساعة الفائتة، لافتا إلى أن الرتل توجه إلى ريف أعزاز الجنوبي، في المنطقة الواقعة تحت سيطرة الفصائل والمتاخمة لمناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» بين مدينتي أعزاز ومارع بريف حلب الشمالي.
كذلك كشف المرصد عن تحضيرات تجري في ريف حلب الغربي من قبل فصائل عاملة فيها، لتنفيذ هجمات متزامنة مع هجمات في الريف الشمالي، على مواقع «قوات سوريا الديمقراطية»، حيث تأتي هذه التحضيرات بعد تصاعد وتيرة الاشتباكات والقصف المتبادل بين «قسد» من جهة، والفصائل المقاتلة والقوات التركية من جهة أخرى في ريف حلب الشمالي، في أعقاب الكمين الذي نصبته القوات الكردية خلال تقدم الفصائل في محيط دير سمعان ومحيط دارة عزة بريف حلب الغربي، قضى خلالها 36 مقاتلا من الفصائل وأصيب آخرون بجراح.
وأعلن الجيش التركي أمس، أن قافلة من التعزيزات العسكرية تضم 11 عربة مدرعة، بينها 4 شاحنات محملة بالمدافع، ومرت القافلة من محافظة كيليس وسط إجراءات أمنية مشددة في طريقها للحدود.
وقالت مصادر عسكرية لوكالة الأناضول التركية، إن الأسلحة والذخائر التي تنقلها القافلة ستستخدم لتعزيز الوحدات العسكرية التركية المتمركزة على الحدود مع سوريا.
وتعد هذه هي المرة الثانية هذا الأسبوع التي يرسل فيها الجيش التركي تعزيزات إلى مناطق الحدود مع سوريا، وسط استمرار العمليات حول الرقة. وعزز الجيش التركي من قواته على الحدود المقابلة لمناطق انتشار قوات تحالف سوريا الديمقراطية في مدينة عفرين، حيث نشرت مزيدا من العربات المدرعة والدبابات.
وسبق ذلك نشر تعزيزات عسكرية قادمة من المدن الغربية إلى مدينة غازي عنتاب في إطار الاستعداد لأي طارئ، حيث قال وزير الدفاع التركي فكري إيشيك، إن بلاده ستكون جاهزة دائما لردع أي تهديد من داخل الأراضي السورية يستهدف وحدة وسلامة الأراضي التركية.
وشهد الشريط الحدودي التركي السوري الشهر الماضي تحركات عسكرية أميركية وتمركز أكثر من 900 جندي أميركي في نقاط يسيطر عليها تحالف «قوات سوريا الديمقراطية»، حيث أكد قياديون من الميليشيا أن ثلاثة أرتال من القوات الأميركية انتشرت على طول الحدود السورية – التركية «كقوات فصل» بين الجيش التركي وقواتها؛ رتل من عين العرب حتى تل أبيض، ورتل من تل أبيض إلى رأس العين، وآخر من القامشلي انتهاء بحدود العراق.
وأعلنت أنقرة على لسان رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم منذ أيام أنها قد تتدخل إذا أدت العمليات الجارية في الرقة ضد «داعش» إلى أي تهديد لتركيا. كما أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن بلاده تراقب عن كثب التطورات الجارية في الرقة، وقد تتدخل في أي وقت إذا استشعرت تهديدا لأمنها ولن تنتظر إذنا من أحد.