دافيد أوغناتيوس واشنطن بوست 19/10/2015
الميليشيا الكردية السورية التي كان ينظر إليها قادة الولايات المتحدة على أنها ضعيفة ظهرت الآن باعتبارها أقوى فصيل يحظى بدعم أمريكا ضد الدولة الإسلامية – وذلك بعد إعادة التقييم الذي خضعت له استراتيجية الولايات المتحدة بعد انهيار برنامج تدريب وتسليح المتمردين السوريين الذي وصلت ميزانيته إلى 500 مليون دولار أمريكي.
ينصح القادة الأمريكان الآن باعتماد استراتيجية “سوريا أولا” التي تعتمد على المقاتلين الأكراد وقوة عربية صغيرة للتحرك بصورة تدريجية نحو عاصمة الدولة الإسلامية في الرقة, التي لا تبعد سوى حوالي 25 ميلا إلى الجنوب من مواقع الأكراد. معركة الرقة الحاسمة يمكن أن تقع في الربيع. الحملة المتوقفة في العراق وأجزاء أخرى من سوريا ربما تؤجل إلى وقت آخر.
يأتي المقاتلون الأكراد من جماعات مختلفة ومختلطة. القوة الرئيسة التي تتكون من 25000 مقاتل تسمى وحدات حماية الشعب, أو واي بي جي. هذه الجماعة شكلت تحالفا مع قوة عربية مكونة من حوالي 5000 مقاتل من العشائر العربية المنحدرة من الرقة والحكسة شمال شرق سوريا. وقد أطق على هذه القوة الناشئة اسم “القوات الديمقراطية السورية”, أو أس دي أف.
تدخل روسيا عقد من شراكة الولايات المتحدة مع الأكراد وحلفاؤهم العرب. وردت تقارير عن رؤية قادة عسكريين روس مؤخرا في الحسكة للحوار حول إمكانية عقد تحالف عسكري مع الأكراد. الجرأة الروسية في التحدث مع المقاتلين المفضلين للولايات المتحدة مؤشر آخر على أن موسكو تسعى لقيادة شاملة في قتال التطرف دون وجود أي نكسة أو تراجع أمريكي
التعقيد الآخر أمام الاستراتيجية الكردية هي تركيا, التي تخشى من أن المساعدات الأمريكية يمكن أن تشجع حلفاء الواي بي جي في حزب العمال الكردستاني, بي كي كي, الذي تعتبره تركيا جماعة إرهابية. وجه وزير الخارجية التركي توبيخا إلى السفير الأمريكي في أنقرة بعد أن ألقت الولايات المتحدة حوالي 100 حقيبة تحوي مساعدات عسكرية للسوريين الأكراد والعرب, تشمل ذخائر وأسلحة وصواريخ وقذائف هاون وقذائف صاروخية.
ولكن قبل أن يبدأ التحالف العربي الكردي الجديد الدخول في موكب النصر, فإنه من المهم تقييم “الدروس المستفادة” من فشل المهمة الأولى لبناء قوة معارضة معتدلة. هذه القوة فشلت هذا الصيف لأسباب عديدة, وهي:
– متطلبات التدقيق التي فرضتها الولايات المتحدة كانت صارمة جدا. طلب من كل مجند أن يتعهد بأنه سوف يقاتل الدولة الإسلامية, وليس نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وهذا الشرط جعل الآلاف من المقاتلين غير مؤهلين للانخراط في البرنامج. مع وجود القوة الكردية العربية, فإن القادة فقط هم من خضعوا للتدقيق؛ 20 قائد عربي أحضروا إلى كردستان العراق في أغسطس للخضوع لتقييمات واسعة النطاق, وقد تخطوها بنجاح.
– تفتقر الولايات المتحدة إلى الكثير من المعلومات الاستخبارية حول جبهة النصرة, التابعة للقاعدة والتي تسيطر على الموقف في الشمال. وقع المتمردون المعتدلون في الشرك في نهاية يوليو لأنهم لم يتوقعوا أن يتعرضوا للهجوم من قبل مقاتلي جبهة النصرة. كان يجب توقع حصول ذلك الهجوم, وربما تشكل هذه الجماعة ذات الشعبية الكبيرة مشكلة على المدى الطويل ربما تكون أكبر من مشكلة الدولة الإسلامية بالنسبة للولايات المتحدة.
– لا يمكن للولايات المتحدة أن تمنع باقي القوى – مثل تركيا وقطر والسعودية – من خوض حروبهم التوكيلية الأنانية الخاصة في سوريا, والتي شلت حركة المعارضة المعتدلة. هذه المشكلة سوف تكون أكثر تعقيدا مع التدخل العسكري الروسي الآن.
– يحتاج التدريب إلى نقل المقاتلين المحليين إلى معسكرات في تركيا والأردن. العديد من المقاتلين كانوا يخشون ترك عائلاتهم في القرى السورية الخاضعة للحصار. ولكن هذه المشكلة يجب أن تكون أقل في حالة التحالف الكردي العربي الجديد, الذين يقولون أنهم جاهزون للمعركة وأنهم يقاتلون على أرضهم.
تحالف الولايات المتحدة مع الأكراد السوريين كان أمرا غير اعتيادي لأنه كان إلى حد كبير ناتجا عن صدفة وليس عن سابق تخطيط. نظر إلى الأمر في البداية على أنه إجراء سوف يؤدي إلى المزيد من التأخير, بينما كانت الولايات المتحدة في انتظار قوة مدربة ومسلحة أكبر بكثير كان من المفترض أن تكون جاهزة.
قبل عام من الآن, طلب الأكراد من الولايات المتحدة شن غارات جوية لتحرير مدينة كوباني قرب الحدود التركية. خسرت الدولة الإسلامية 3000 إلى 4000 مقاتل في تلك الحملة. ومن ثم اقتحمت القوات الكردية تل حميس وتل أبيض شمال شرق سوريا, وسيطرت على أكثر من 65000 ميل مربع. وحصل ذلك النصر بمحض الصدفة تماما.
وقد جاء تواصل الولايات المتحدة مع الواي بي جي عن طريق أشخاص من حزب كردي عراقي يعرف باسم الاتحاد الوطني الكردستاني, أو بي يو كي ( و لتعقيد الأمور أكثر فإن لديه علاقات قريبة مع إيران). تنسق الولايات المتحدة دعمها الجوي للواي بي جي من خلال غرفة سيطرة في السليمانية في منطقة كردستان العراق, حيث تقع مقرات حزب البي يو كي.
عند النظر إلى التحول المفاجئ في استراتيجية الولايات المتحدة, فإن المتفائل يمكن أن يقتبس من فرقة رولنغ ستون أغنيتهم ” لايمكنك دائما الحصول على ما تريد, ولكن في بعض الأحيان فإنك تحصل على ما تحتاجه “. أما المتشائم فإنه يمكن أن يتوقع مصيرا مثل مصير قصة فيلم “جيمي شتلر”.
من مترجمات مركز الشرق العربي