دمشق (سورية) أ ف ب

مع إجلاء «جيش الإسلام» من مدينة دوما، يبقى مصير المئات من المخطوفين والمفقودين لديه مجهولاً، بينهم أربعة ناشطين حقوقيين بارزين اتهم بخطفهم قبل سنوات من دون أن تتوافر أي معلومات عنهم حتى الآن.

وأفرج «جيش الإسلام» عن عشرات المخطوفين لديه كجزء من اتفاق أعلنت عنه دمشق الأحد، وتخلله إجلاء آلاف المقاتلين والمدنيين من دوما، فيما لم تتضح أي معلومات عن مصير مئات آخرين.

وبين هؤلاء الناشطين الحقوقيين رزان زيتونة ووائل حمادة وسميرة خليل وناظم الحمادي، الذين خطفوا في 9 كانون الأول (ديسمبر) عام 2013 ولم تتبن أي جهة عملية خطفهم ولم ترشح أي معلومات عن مكان تواجدهم أو مصيرهم، فيما اتهم حقوقيون وأفراد من عائلاتهم «جيش الإسلام» الذي كان يسيطر على المدينة بخطفهم، الأمر الذي نفاه الأخير.

ويقول باسل حمادة شقيق وائل: «حالياً، لا نعرف أين هم». وزاد: «خوفنا أكثر كون جيش الإسلام سلّم دوما للنظام وليس لدينا أي خبر عنهم».

وشارك الناشطون الأربعة بفاعلية في الحركة الاحتجاجية التي اندلعت ضد النظام عام 2011، كما عملوا على توثيق الانتهاكات التي ارتكبتها أطراف النزاع.

ويقول باسل: «نشعر بالعجز، لقد وجهنا رسائل عدة إلى دول وسفراء وقادة وملوك، لكن لا أحد تمكن من إيصالنا إلى طرف خيط». وزاد: «أتوقع ألا آراهم مجدداً، وإن كنت آمل أن أكون مخطئاً وأن يكونوا على قيد الحياة ويتم الإفراج عنهم».

وتُعد زيتونة من أبرز محامي المعتقلين السياسيين في سورية. ونالت عام 2011 «جائزة زخاروف لحقوق الإنسان» من البرلمان الأوروبي. كما حصلت عام 2016 على «جائزة مارتن-اينال» التي تعتبر بمثابة «نوبل» حقوق الإنسان.

أما الخليل فهي ناشطة سياسية مخضرمة عملت على مساعدة نساء دوما في إعالة أنفسهن عن طريق مشاريع صغيرة. وكان حمادي من مؤسسي لجان التنسيق المحلية وهي عبارة عن شبكة من الناشطين تولت توثيق يوميات النزاع والضحايا منذ اندلاعه.

ويعرب حقوقيون سوريون بارزون يقيمون حالياً في ألمانيا وتابعوا من كثب القضية، عن مخاوفهم انطلاقاً من أنهم لا يملكون سبباً كافياً للاعتقاد بأن المفقودين على قيد الحياة. ويقول المحامي ميشال شماس: «أخشى أن تكون تمت تصفيتهم منذ البداية».

ويشاطره الشعور رئيس «المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية» المحامي أنور البني الذي كان معتقلاً لدى السلطات السورية قبل اندلاع النزاع، قائلاً: «لا أمل بأن يتم الكشف عن مصيرهم في أي مكان».

وقالت الباحثة في «هيومن رايتس ووتش» سارة كيالي، إن قضية النشطاء الأربعة «لم تدرج على ما يبدو لمناقشتها كجزء من اتفاق الإجلاء من دوما».

وفي موازاة ذلك، لا يزال مصير ثلاثة آلاف مخطوف لدى «جيش الإسلام» مجهولاً، وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الذي اتهم «الجيش» باستخدامهم كـ «دروع بشرية».

وبموجب اتفاق الإجلاء، أفرج «جيش الإسلام» الأسبوع الحالي عن مئتي مخطوف لديه، بينهم سكان من منطقة عدرا العمالية خطفهم الفصيل نهاية 2013. وظهر بعضهم في مقاطع فيديو في 2015 في أقفاص حديدية على متن شاحنات جالت مدينة دوما.

ومع تقدم الجيش السوري في الغوطة الشرقية إثر هجوم في 18 شباط (فبراير) الماضي، وبدء تنفيذ اتفاقات إجلاء المقاتلين المعارضين منها قبل ثلاثة أسابيع، التقى مراسلو «فرانس برس» عشرات الأشخاص الذين أمضوا أياما قرب المعابر ينتظرون معرفة مصير المخطوفين من عائلاتهم.

وقال رئيس النظام السوري بشار الأسد خلال لقائه عدداً من عائلات مخطوفين الأسبوع الماضي: «لن نفرط في أي مفقود أو مخطوف… وإن كان على قيد الحياة سنحرّره مهما كلف الأمر».