بيروت: بولا أسطيح
تواصل قوات النظام السوري تقدمها باتجاه مدينة الميادين، ثالث كبرى مدن محافظة دير الزور، بأقصى شرق سوريا، التي تحولت أخيراً وفقاً للتقارير معقلاً بل عاصمة لتنظيم داعش بعدما خسر سيطرته على مدينتي الرقة والموصل. ووفق المعلومات باتت هذه القوات على مسافة 6 كلم من المدينة نظرا للدعم الكثيف الذي تقدمه لها القوات البحرية الروسية، التي أطلقت يوم أمس غواصاتها 10 صواريخ مجنحة من نوع «كاليبر».
إذ، في حين تضاعفت أعداد القتلى المدنيين بشكل غير مسبوق في محافظة دير الزور خلال الأيام القليلة الماضية نتيجة قصف الطائرات الحربية النظامية والروسية، أعلنت موسكو أمس أن غواصاتها في محيط البحر المتوسط، وجهت ضربات بصواريخ «كاليبر» المجنحة، نحو مواقع تابعة لـ«التنظيمات الإرهابية» في سوريا، حسب وصفها. وقال الناطق باسم الوزارة، الفريق إيغور كوناشينكوف، إن الغواصات الروسية «أطلقت نحو 10 صواريخ مجنحة، تجاه أهداف تابعة لتنظيم داعش الإرهابي في سوريا، واستهدفت عددا من وسائل المراقبة الموضوعية»، لافتا إلى «تدمير كل أهداف داعش المستهدفة، بما في ذلك مواقع قيادة الإرهابيين، ومخازن الأسلحة والذخائر، بالإضافة إلى تكبيد التنظيم خسائر كبيرة في الأرواح».
وبينما ربطت موسكو الضربات التي نفذتها بـ«تعزيز تقدم الجيش (النظامي) السوري في دير الزور»، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» يوم أمس أن قوات النظام اقتربت إلى نحو 6 كلم عن مدينة الميادين، مشيرا إلى استمرار الاشتباكات العنيفة بين تنظيم داعش من طرف، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف آخر، على محاور عدة بريف دير الزور الشرقي، تترافق مع قصف جوي وصاروخي المكثف، نتجت عنه مجزرة جديدة في قرية السكرية بالريف المحيط بمدينة البوكمال الحدودية مع العراق – وثاني كبرى مدن محافظة دير الزور-، حيث وثق «المرصد» مقتل 6 أشخاص ليرتفع إلى 191 على الأقل، بينهم 45 طفلاً قضوا في القصف الجوي على محافظة دير الزور خلال أقل من أسبوع.
من جهة ثانية، أفادت مواقع المعارضة السورية، بمقتل 100 مدني، وإصابة قرابة 150 آخرين، يوم أول من أمس الأربعاء بغارات جوية من الطائرات الروسية وتلك التابعة لقوات النظام، ضمن الحملة العسكرية الشرسة التي تشنها هذه القوات وحلفائها للسيطرة على المحافظة. ومع وصف هذه المواقع ما يحصل بـ«الهولوكوست»، فإنها تحدثت عن «تناوب» الطائرات الحربية التابعة لقوات النظام والطائرات التابعة للقوات الروسية، على قصف المعابر النهرية في ريف دير الزور وبالتحديد معبر «الخندق» الذي يربط بين بلدتي القورية وشنان، والمعبر الرابط بين قريتي هجين والعباس، إضافة إلى استهداف القوارب والعبّارات النهرية المنتشرة في المنطقة.
الجدير بالذكر، أن مدينة الميادين، وفق عدة تقارير، تحولت خلال الأشهر الماضية إلى معقل جديد لتنظيم داعش في شرق سوريا، بعدما لجأت إليها قياداته الفارة من شمال العراق ومن مدينة الرقة السورية. وواظبت قوات التحالف الدولي وكذلك القوات الروسية على استهدافها طوال الأشهر السابقة، في حين تسعى ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» – ذات الغالبية الكردية – للتقدم إليها من الضفة الشرقية لنهر الفرات. إلا أن السباق باتجاه المدينة يبدو أنّه حُسم أخيراً لصالح النظام والروس الذين اقتربوا أكثر من أي وقت مضى من حدودها.
وبحسب أحمد الرمضان، الخبير في شؤون «داعش» والناشط في حملة «فرات بوست»، فإن الميادين «أصبحت فعليا عاصمة التنظيم بعد سقوط الموصل والرقة»، لافتا إلى أن أكثر من 200 ألف مدني هربوا منها أخيراً نتيجة المجازر غير المسبوقة التي ينفذها الطيران الروسي وأدّت خلال شهر واحد إلى مقتل 500 شخص. واعتبر الرمضان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن معركة الميادين «ستكون أصعب من معركة الرقة، خاصة، أن المدينة تحولت ثكنة عسكرية كبيرة» مشيرا إلى أن السيطرة عليها مسألة مهمة جدا نظرا لموقعها الاستراتيجي في وسط دير الزور وكونها على مقربة من مجموعة حقول نفطية. وأردف «لا يمكن الحسم باقتراب النظام من اقتحامها باعتبار أن المعلومات التي لدينا تفيد باستعداد تنظيم داعش لشن هجوم معاكس على القوات المتقدمة لإبعادها عن حدود المدينة».
في هذه الأثناء، بالتزامن مع احتدام المعارك في الريف الشرقي لمحافظة دير الزور، تواصلت الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام و«داعش» على محاور في بادية محافظة حمص الشرقية والجنوبية الشرقية، حيث تتركز المعارك في محيط بلدتي السخنة القريتين وكذلك محيط جب الجراح. وفي هذا المجال، أفاد «المرصد» بأن قوات النظام المدعمة بسلاح الجو الروسي وبغطاء صاروخي مكثف تمكنت من تحقيق تقدم جديد في محور جب الجراح تمثل بالسيطرة على قريتين جديدتين، بينما لا تزال هذه القوات تواصل سعيها لاستعادة ما خسرته لصالح «داعش» خلال الأيام الفائتة، حيث ما زال التنظيم المتطرف يسيطر على بلدة القريتين وبلدة الطيبة وجبل الضاحك.