أكد مسؤول أميركي، الاثنين، أن بريت ماكغورك، ممثل الرئيس الأميركي باراك أوباما في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية، زار شمال سوريا وبحث مع مسؤولين أكراد سبل “زيادة الضغط” على الجهاديين.
وتأتي هذه الزيارة بالتزامن مع انطلاقة المفاوضات غير المباشرة بين النظام والمعارضة في مدينة جنيف السويسرية، والتي تم استثناء حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي منها.
وكانت مصادر كردية ذكرت، الأحد، أن وفدا ضم ماكغورك ومسؤولين فرنسيين وبريطانيين التقى عددا من قيادات “قوات سوريا الديمقراطية” العربية الكردية التي تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية في مدينة كوباني (عين العرب) في شمال سوريا على الحدود التركية.
وهذه أول زيارة من نوعها يقوم بها مسؤول أميركي على هذا المستوى إلى الأراضي السورية منذ بدء النزاع قبل خمس سنوات.
وقال المسؤول الأميركي رافضا الكشف عن هويته “تندرج الزيارة والمحادثات في إطار الجهود التي يبذلها المبعوث الخاص من أجل مواصلة البحث عن سبل لتكثيف الضغط الذي يمارسه التحالف على تنظيم الدولة الإسلامية”، رافضا إعطاء تفاصيل إضافية.
وقوات سوريا الديمقراطية تحالف كردي عربي يقاتل تنظيم الدولة الإسلامية بدعم من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
وتتألف قوات سوريا الديمقراطية خصوصا من “وحدات حماية الشعب” الجناح المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطي، وبعض الفصائل العربية.
وقد أظهرت فعالية كبرى في التصدي لتنظيم الدولة الإسلامية في شمال وشمال شرق سوريا.
وكان مصدر كردي مواكب للقاءات التي حصلت في كوباني قال إن المحادثات تناولت بشكل رئيسي “الخطط العسكرية” ضد تنظيم الدولة الإسلامية، مضيفا “سيكون لهذه اللقاءات تأثير على تطورات كثيرة ستشهدها المنطقة” في الفترة المقبلة.
زيارة المسؤول الأميركي إلى شمال سوريا تزامنت مع انطلاقة المفاوضات غير المباشرة بين وفد النظام والمعارضة
وذكر أن الاجتماعات تناولت أيضا “التطورات الأخيرة في سوريا واجتماع جنيف 3 ومستقبل سوريا”، و”مشاركة الأكراد في اجتماع جنيف”.
وتزامنت زيارة المبعوث الأميركي الخاص إلى شمال سوريا مع انطلاقة المفاوضات غير المباشرة بين وفد دمشق بقيادة مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري ووفد المعارضة الذي يترأسه أسعد الزعبي.
وكان تجمع سوريا الديمقراطية الذي يضم الاتحاد الديمقراطي الكردي بزعامة صالح مسلم قد رفض المشاركة في المحادثات الجارية بجنيف في حال لم تتم دعوة الأخير.
وترفض كل من تركيا والهيئة العليا للمعارضة حضور صالح مسلم أو أي عضو من أعضاء حزبه للمفاوضات. وتعتبر تركيا هذا الحزب فرعا من حزب العمال الكردستاني التركي الذي تصنفه إرهابيا، وترى أنه أخطر حتى من التنظيم الأم بالنظر للمكاسب التي حققها طيلة السنوات الماضية سواء على الصعيد العسكري أو السياسي والتي تجعله قاب قوسين أو أدنى من إعلان حكم ذاتي في شمال سوريا.
وقد اضطرت الدول الغربية وعلى رأسها واشنطن إلى الاستجابة مبدئيا لضغوط أنقرة ومعارضة الرياض لعدم مشاركة الاتحاد الديمقراطي، ولكن من المتوقع أن تشركه في مرحلة لاحقة، لأنها تعول كثيرا على دوره في محاربة داعش فضلا عن أنه ورقة قوية لملاعبة الدول الاقليمية.
ورأى الخبير في الشؤون الكردية موتلو جيفيروغلو أن زيارة ماكغورك تهدف على ما يبدو إلى تهدئة مخاوف الأكراد بعد استبعادهم من محادثات جنيف، “وطمأنتهم بأنهم غير مهملين وأنهم جزء من العملية” السياسية.
وذكرت مصادر كردية في وقت سابق أن نائب وزير الخارجية الأميركي توني بلينكين اتصل بزعيم حزب الاتحاد الوطني الديمقراطي صالح مسلم وبحث معه في محادثات السلام.
ولا تريد واشنطن أن تفقد الورقة الكردية في سوريا لصالح روسيا التي تعمل جاهدة سواء كان على الصعيد الديبلوماسي أو العسكري لكسبهم.
وبدأ حزب الاتحاد الديمقراطي في الحصول على الدعم الروسي الذي كان يسعى إليه منذ فترة، للعبور إلى غرب نهر الفرات.
وكانت الوحدات الكردية في إطار قوات سوريا الديمقراطية نجحت في الوصول إلى نهر الفرات، عقب سيطرتها على بلدة صرين – تابعة لمنطقة عين العرب بحلب – الشهر الماضي، من يد تنظيم داعش، بدعم جوي من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.
وعقب ذلك سيطرت الوحدات على “سد تشرين” الواقع على نهر الفرات بحلب، وتحديداً في 27 ديسمبر الماضي، وعلى بلدة “أبوقلقل” التي تقع على بعد 9 كم شمال غربي السد.
وتسعى وحدات حماية الشعب الكردية، منذ مدة، لتعزيز التعاون مع روسيا، بغية إحراز تقدم شمالي محافظة حلب، لا سيما بين مدينتي جرابلس، وأعزاز في ريف المحافظة، التي ترغب تركيا في تأسيس منطقة آمنة بينهما.
ويحاول عناصر الاتحاد الديمقراطي السيطرة على مدينة منبج، إلا أن سيطرته مرهونة بالدعم الذي ستقدمه قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة من جهة، ومواصلة “قوات سوريا الديمقراطية”، حشد قواتها في المنطقة، غير أن عدم وصول الدعم الأميركي (بسبب الضغوط التركية)، من أجّل الهجوم البري.
وأكدت مصادر دبلوماسية تركية، مؤخرا، أن أنقرة حذرت الجانب الأميركي مراراً، من عدم السماح لحزب الاتحاد الديمقراطي بالتقدم أكثر، بعد وصوله إلى نهر الفرات، مشيرة أن الأخير بدأ يتجه لروسيا، عقب فشله مؤقتا في الحصول على الدعم المطلوب من واشنطن.
وكانت معطيات قد أكدت في وقت سابق أن قيادات من الاتحاد الديمقراطي الكردي، أجرت لقاءات مكثفة مع مسؤولين روس، للحصول على دعم جوي، خلال الأسابيع الأخيرة.
وأمام هذا التطور في العلاقة بين الأكراد في سوريا والروس فإن الولايات المتحدة لا تجد من بد سوى استعادة الأكراد إلى كنفها، رغم ما يعنيه ذلك من توتر العلاقات مع تركيا التي تنظر بريبة لهذا التدافع الأميركي الروسي لدعم هذه الأقلية.
العرب