أصدرت منظمة العفو الدولية، اليوم الثلاثاء، تقريراً حقوقياً مفصلاً يؤكد استهداف الطائرات الروسية للمناطق السكنية، والمرافق الطبية في سورية، التي تخلو من وجود مقاتلين سواء لفصائل المعارضة، أو تنظيم “الدولة الإسلامية”، فضلاً عن تأكيد المنظمة استخدام روسيا للأسلحة “بشكل غير قانوني” حسب قولها.
وقالت المنظمة في التقرير الذي حمل عنوان “كشف النقاب عن بيانات روسيا بشأن ضرباتها في سورية” إن “الضربات الروسية خلال الفترة بين سبتمبر/ أيلول ونوفمبر/ تشرين الثاني 2015 تسببت بمقتل ما يزيد عن 200 مدني ونحو 12 مقاتلاً”، مشيرةً أنها اعتمدت في تأكيدها على استهداف روسيا للمدنيين في سورية على إفادات شهود ومدافعين عن حقوق الإنسان، ودراسة أفلام فيديو وغيرها من الصور.
وعلى الرغم من أن أرقام الضحايا التي وثقتها المنظمة أقل مما وثقته الجهات الحقوقية السورية، إلا أنها تؤكد ما أوردته هذه الجهات عن استهداف متعمد من الطائرات الروسية للمدنيين. وكذب تقرير المنظمة الدولية الادعاءات الروسية في أنها تستهدف مقاتلي “تنظيم الدولة” في سورية فقط. وقالت إنها “أجرت بحوثاً عن 25 هجوماً وقع في خمس محافظات هي حمص، وحلب، وإدلب، واللاذقية، وحماه”. لافتة أيضاً أنها استعانت بمشورة خبراء في الأسلحة بشأن الذخائر التي وجدت بالمناطق المستهدفة.
ويؤكد التقرير الذي حصلت “السورية نت” على نسخة منه وجود “إخفاقات فادحة (من قبل روسيا) في احترام القانون الدولي الإنساني”، ويضيف: “في بعض الهجمات يبدو أن القوات الروسية هاجمت مدنيين أو أهدافاً مدنية بصورة مباشرة بضربها مناطق سكنية بدون وجود أهداف عسكرية واضحة، وحتى مرافق طبية، مما أسفر عن وقوع وفيات وإصابات في صفوف المدنيين، وفي هجمات أخرى يبدو أنها ضربت أهدافاً عسكرية ومدنية بلا تمييز، أو تسببت بأضرار غير متناسبة للمدنيين عندما ضربت أهدافاً عسكرية”.
واعتبرت المنظمة أن مثل تلك الهجمات الروسية تمثل جرائم حرب، سيما وأن المنظمة قالت إنها حصلت على أدلة تثبت استخدام القوات الروسية بشكل غير قانوني للقنابل غير الموجهة في مناطق مكتظة بالسكان، وذخائر عنقودية عشوائية بطبيعتها.
ونقل التقارير شهادات لمدنيين وعمال في الدفاع المدني تحدثوا فيها عن الاستهداف المتعمد من قبل روسيا للمناطق السكنية، خصوصاً المجزرة التي ارتكبها الطيران الروسي باستهدافه سوقاً شعبياً في مدينة أريحا بمحافظة إدلب يوم 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، وتسببت بحسب إحصاءات المنظمة عن استشهاد 49 شخصاً وجرح آخرين.
وفي السياق ذاته، نوهت المنظمة إلى أن البيانات الروسية التي تتحدث بشكل دوري عن الضربات في سورية، كانت تنكر تماماً استهداف الطيران للمدنيين السوريين، وفيما يبدو أن تقرير المنظمة يحرج السلطات الروسية رفضت سفارة روسيا في لندن التعقيب على التقرير أو لقاء أحد من المنظمة لمناقشته، حسبما ذكر التقرير.
وفي حديثها عن الأسلحة الروسية المنتشرة في سورية واستخدامها ضد المدن السورية، أشارت منظمة العفو إلى أن القوات الروسية استخدمت أسلحة “بشكل غير قانوني”، وسلطت الضوء على استخدام الذخائر العنقودية، والقنابل غير الموجهة، فضلاً عن استخدام صواريخ كروز التي أطلقت من البحر وسقطت في سورية.
وختمت المنظمة تقريرها بالطلب من روسيا التقييد التام بأحكام القانون الدولي الإنساني، وضمان عندم استهداف المدنيين والأهداف المدنية بما فيها من منازل ومرافق طبية، ووضع حد للهجمات العشوائية وغير المتناسبة.
كما طالبت باتخاذ كافة الاحتياطات الممكنة لتخفيف الأذى الذي يصيب المدنيين والضرر الذي يلحق بأهداف مدنية، وضمان إجراء تحقيقات مستقلة ومحايدة في الحالات المفصلة (المذكورة) في هذا التقرير وغيره، وتحقيق “جبر الضرر التام لضحايا الهجمات غير القانونية وعائلاتهم، بما في ذلك التعويض وإعادة الحق إلى نصابه، وتأهيل المرضى وضمانات عدم تكرار الانتهاكات، بالإضافة إلى المطالبة بالإفصاح عن الأهداف التي ضربت وأسفرت عن وقوع خسائر في صفوف المدنيين، أو التي دمرت أهدافاً مدنية أو ألحقت أضراراً.