عندما نتحدث عن الأخوان المسلمين في سورية، فنحن ندرك تماماً أننا نمس طيفاً واسعاً في المعارضة السورية، و لهذا وجب التنويه أننا لا نستهدف المعتقدات المذهبية لدى الجماعة، فهذ شأن خاص، لكننا نسلّط الضوء على قضايا تمس الثورة السورية، و الشعب السوري، و الوطن السوري.
مجموعة العمل الوطني
نشأت هذه المجموعة في بداية الثورة السورية, حيث أسسها نخبة أخوان سورية في القاهرة كان أبرزهم حسب الرسالة التي سنبرزها بعد قليل أبو عبدو الحاكمي وحضور أبوأنس “البيانوني” وأبوحازم “رياض الشقفة” وأبوبشير “محمد فاروق طيفور” وأحمد رمضان, وكان هدفها الرئيسي قيادة الثورة وتوجيهها نحو إيصال الأخوان المسلمين إلى سدة الحكم عسكرياً وسياسياً وإعلامياً, قولاً واحداً, لذلك حصلت هذه المجموعة على دعمٍ مطلق من جماعة الأخوان المسلمين, وغير متناهي من قطر وأخوان مصر وغيرهم, حتى أصبحت قوة لايستهان بها, لها الكلمة الفصل في كل ما يجري على ساحة الثورة سياسياً وعسكرياً, وكانت أبرز إنجازاتها التي عرفها العامة, هو المجلس الوطني السوري, ثم الائتلاف, ولاحقاً الحكومة المؤقتة, وبالتأكيد سيقول البعض أن هذا الكلام مبالغة فيه, وأن هناك قوىً أخرى شاركت في إنجاز تلك المؤسسات, وليس فقط الأخوان, إلا أن الحقيقة وبكل تجرد أن أغلب التيارات التي شاركت في تأسيس هذه المؤسسات التي مثّلت الثورة, كانوا عبارة أوراق في يد هذه المجموعة, باستثناء التيار المنافس لهم المتمثل بالمنتدى السوري الذي كان كل من مصطفى الصباغ و غسان هيتو و ميرزا, وآخرين قد شكلوه كحلفٍ قويٍ في وجه مجموعة العمل الوطني, وبرزت خلافاتهم المفصلية في الائتلاف والحكومة المؤقتة ابتداءاً من المناسفة على رئاسة الائتلاف والأمانة العامة, وصولاً إلى الحكومة المؤقتة والتي استطاع هيتو أن يحسم الأمر لصالحه بالتصويت في الائتلاف, إلا أن مجموعة العمل بقيادة أحمد رمضان وأبو أنس البيانوني تمكنوا من تجميد عمل الحكومة فترةً جعلت هيتو يتنازل عنها لمصلحة أحمد طعمة, التابع الوفي لأحمد رمضان, وهنا وللإيضاح, فإن أحمد طعمة إلتقى أحمد رمضان في الرياض قبل فترة لا تقل عن ستة أشهر من الحديث عن الحكومة المؤقتة علناً, واتفقوا وبوجود شخصيات عربية رفيعة المستوى, على أن يكون أحمد طعمة هو مرشح الأخوان المسلمين لرئاسة الحكومة, وبالتأكيد لدينا ما يثبت كلامنا ويؤكد صحته.
ولم يقتصر عمل المجموعة على الشأن السياسي, بل كان أكثر تشعباً وعمقاً, حيث أنشأت المجموعة عدة مؤسسات إعلامية ثورية, وانتشرت في كل أرجاء سورية, واستحوذت على عدة مواقع إخبارية سورية كانت برأي المجموعة مؤثرة على مجريات الأحداث, إضافة لسيطرتها على قطاع التعليم في المناطق المحررة وإنشاء عدداً من المدارس الخاصة في حلب, و الأخطر من كل ذلك هو سيطرتها الكبيرة على عددٍ من الكتائب في الجيش الحر, التي عملت لاحقاً على أسلمتها وتحويلها إلى كتائب لخدمة مصالحها, وهنا بدأت المشكلة الكبرى, إذ فتحت هذه العملية الباب أمام من هبَّ و دبَّ من الإسلاميين والشيوخ والسلفيين المتطرفين, تمويل كتائب إسلامية, ونقلت الصراع في سورية إلى منحى جديد يحمل طابعاً جهادياً قاعدياً يهدف إلى إقامة الخلافة الإسلامية, وليس ثورياً سورياً بهدف الإطاحة بالنطام.
فشهدت ولادة عشرات الكتائب الإسلامية, وإعدامات وإغتيالات للضباط المنشقين بحجج واهية وجاهزة مسبقاً, مثل التخابر مع النظام, ليصبح قادة الكتائب في سورية في أغلبهم من فئة المشايخ بدلاً من الضباط المنشقين, الذين إحيلوا باكراً إلى التقاعد, ووضعوا في مخيمات تحت المراقبة, وكان أخطر ما نتج عن هذه الخطوات المتعاقبة, هو ظهور القاعدة في سورية, وبمعنى آخر, دخول المخابرات العالمية ومخابرات النظام على الخط بقوة, حيث أنتجوا جبهة النصرة, وداعش وعشرات الكتائب الشديدة التطرف, وشوهت شعارات الثورة, وأجبرت الشباب السوري في الداخل على التورط فيها, وهو طريق اللاعودة.
وهنا برز الدور الإعلامي للمؤسسات التي امتلكتها مجموعة العمل, حيث كان عملها ممنهجاً على تسويق كل ما يخدم مصالحها, وساهمت بشكل كبير, في تحويل فكر الثورة إلى فكر الخلافة, وشباب الحرية إلى شهداء الخليفة.
تميزت مجموعة العمل الوطني بقيادة أحمد رمضان والبيانوني بشراء الذمم, فكان أحد أهم أهدافها, البحث عن الشخصيات الوطنية, والشخصيات المؤثرة والتي يمكن أن يكون لها أثرٌ وتأثير, وشراءها مهما كلف الأمر, وهذا تحديداً من مسؤولية مجموعة صغيرة, اسمها مجموعة العمل الخاص, والتي كانت تتألف من شخصيات النخبة لديهم, أمثال بلال طيفور وأحمد رمضان وعبيدة النحاس ومحمد السرميني وياسين النجار وسداد عقاد وأبو أنس البيانوني وأخرين, وكانت هذه المجموعة هي المسؤولة عن شراء الذمم, وإدارة كل ما يجري على الأرض تقريباً, والتمويل دائماً متوفر, والدول المموّلة غالباً ما تعتمد عليهم في مثل هذه القضايا.
فشل مجموعة العمل الوطني
منذ أشهر قليلة أعلن أعضاء مجموعة العمل الوطني فشلها, و تحديداً بعد انتقال مركز الثقل من قطر إلى السعودية, حيث تم حلّ مجموعة العمل الوطني بعد اعتراف الأعضاء بضعف الأداء في الفترة الأخيرة, و الذي كان أحد اهم أسبابه, بروز داعش والنصرة كقوتين مفصليتين على الارض, و تفكك لواء التوحيد في حلب وتدخل المخابرات العالمية في إدارة الصراع في سورية وهنا نقصد ( الموك) التي سحبت البساط عملياً من تحتهم, وهذا لا يعني عدم تنسيقهم معها.
ساهمت مجموعة العمل الوطني الأخوانية الروح, بتفكيك الجيش السوري الحر, وخلق صراع داخلي في قلب المعارضة السورية, وإفشال المجلس الوطني, والائتلاف, والحكومة المؤقتة, التي يغلب عليها أتباع مجموعة العمل أمثال محمد السرميني ومحمد ياسين النجار وأحمد طعمة وغيرهم.
عمدت المجموعة على تسريب معلومات عن طريق السرميني إلى الإعلام عبر المواقع التي تم شراء ذممها, وبهدف الإضرار بالخصوم, و كان لهذا الأمر أثرٌ شديد الضرر على روح العمل في المعارضة, وهنا لا أعني تسريبات الإئتلاف والمجلس الوطني, وإنما تسريبات تمس شخصيات معينة في المعارضة بهدف إزاحتها عن طريقهم في الاستحواز على كل مؤسسات المعارضة كوحدة التنسيق والدعم مثلاً.
ويخرج المراقب العام للأخوان المسلمين في سورية اليوم ليعلن أنهم لن يكرروا أخطاء الأخوان في مصر, و هل هناك أكبر و أبلغ مما فعل الأخوان في سورية, وهل نفهم أن الأخوان يا شيخنا “المراقب العام”, سيحكمون سورية, بالتأكيد نفهم ذلك, فموت مجموعة العمل الوطني لم تكن النهاية, لأن جماعة الاخوان المسلمين, أنشأت مجموعة الفكر الاستراتيجي, و التي يقودها أبو راشد, و يشارك فيها أغلب أعضاء مجموعة العمل الوطني, ولكنها تعمل بشكل أكثر حرفية, بعد تقييم الأخطاء, ودراسة الواقع الجديد الذي ساهموا سابقاً وبشكل كبيرٍ في خلقه.
واليوم يطالب مجلس شورى الأخوان في سورية , في معرفة سبب فشل مجموعة العمل الخاص, وهم بالفعل فتحوا تحقيقاً خاصاً للوقوف على الأخطاء التي أدت إلى هذا الفشل الذريع, وبالتأكيد ولأنهم بطبيعتهم القيادية أشبه بتنظيم حزب البعث, فإن فكرة محاسبة الرموز ملغيةٌ تماماً من قاموسهم, لذلك هم يطلبون من مؤسسي المجموعة, تقديم إفاداتهم , كاستبيان تقويميٍ فقط, ويعدونهم أنها فقط مسألة تنطيمية ولن تستخدم شهاداتهم إلا في الأطر التنظيمية, بما يعني أنها لن تؤثر على سجلاتهم, وما تسببوا للشعب السوري من معاناة هو بالتأكيد في ميزان حسناتهم, ولا مجرم إلا النظام.
كي لا نطيل عليكم أكثر, سنضع لكم فحوى اعتراف رسمي من مجلس شورى الاخوان المسلمين السوريين, بمسؤولية مجموعة العمل عن حالة الفوضى الإسلامية التي حصلت في سورية, ونشكر مسبقاً, من أرسل إلينا هذه الرسالة, لغيرته على وطنه سورية, وخروجه من مصالح حزبه الضيقة.
استبيان تقويمي
حول فشل مشروع توحيد الجهود مع مجموعة العمل الوطني
الأخ الكريم أبوأنس حفظه الله
لقد كنتم في مطلع أيام الثورة جزء من جهد طيب تم بعد اجتماع في القاهرة فيما نعلم بإشراف الأخ أبو عبدو الحاكمي وحضور الأخوة أبوأنس وأبوحازم وأبوبشير وأحمد رمضان …
ووضعتم صيغة فيما علمنا لتوحيد الجهود بين الجماعة الأم و (مجموعة العمل الوطني ) وتم التوافق على الصيغة من الجميع لإدارة الأزمة ثم باءت هذه الجهود بالفشل ، وقادت المشهد الإسلامي في سورية إلى التشرذم بل أحيانا إلى التشاكس ..
الأخ الكريم إن لجنة التقويم المكلفة من قبل مجلس الشورى بتقويم أداء القيادة في تلك المرحلة تتوجه إليكم بوصفكم أحد المشاركين في هذه المحاولة الجادة والهادفة لتسجيل شهادتكم الشرعية المباشرة في تحديد سبب فشل هذه المحاولة ومن كان وراء فشلها المباشر . وتقديركم لانعكاسات هذا الفشل …
مؤكدين أن هذه الشهادة لن تستخدم إلا في الأطر التنظيمية المختصة . شاكرين لكم تعاونكم ..
–عن لجنة التقويم :
عضو اللجنة عبدالملك العلبي
االمصدر موقع السوري اليوم
http://asoury.net/2015/11/27/%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%B3-%D8%B4%D9%88%D8%B1%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D8%B3%D8%AA%D8%AC%D9%88%D8%A8-%D9%85%D8%AC%D9%85%D9%88%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%84/?fbclid=IwZXh0bgNhZW0CMTEAAR12xk_X_OHBPH9wPnko3ZHNHFnrx8BBS7O-JzoxwfrJyW8rwbtbM7XRQrA_aem_AWUsIUxQhQ5nW_6NPELpalu_O8JiIgELfchrEeQvKAbEj9dgjLhCHJa_cy_7vNmXcvVxabNE0TzaAkvPlTZe9kb8