بغداد ــــــــ علي البغدادي ووكالات
قطعت القوات الحكومية العراقية امس، آخر خطوط إمداد تنظيم «داعش» من الموصل باتجاه سوريا، وبالتالي أتمت عملية عزله تماما داخل هذه المدينة التي تعتبر آخر معاقله في الشمال العراقي. وفر عشرات الآلاف من المدنيين العراقيين من تلعفر مع اقتراب مقاتلي «الحشد الشعبي» من البلدة التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» والواقعة على الطريق بين الموصل والرقة، المدينتين الرئيسيتين اللتين أعلن فيهما التنظيم الخلافة في العراق وسوريا.
وغداة تدمير غارة للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة آخر أكبر الجسور التي تعبر نهر دجلة في الموصل، أفادت قوات مكافحة الإرهاب التي تخوض معارك في شرق المدينة، عن تقدم ملحوظ على الجبهة.
فقد اكد قائد في قوات البيشمركة الكردية تطويق مدينة الموصل من جهاتها الأربع، وعزلها تماما عن مناطق نفوذ تنظيم «داعش» في الطرف الاخر من الحدود في سوريا.
وقال قائد الفوج الثامن في قوات البيشمركة في منطقة سنجار، لقمان ابراهيم، إن «طلائع قوات الحشد الشعبي التحمت مع قوات البيشمركة المرابطة في منطقة أم الشبابيط» التي تبعد مسافة نحو 120 كيلومترا شمال غرب الموصل.
وأضاف أنه «تم عزل مدينة تلعفر (56 كيلومتراً غرب الموصل) أيضا عن مدينتي سنجار التي تسيطر عليها البيشمركة وفصائل أخرى (من بينها «حزب العمال الكردستاني» التركي و»وحدات حماية الشعب الكردية» السورية) والبعاج التي ما زالت تخضع لسيطرة داعش»، مشيراً الى ان «الأرتال التي كانت تهرب من تلعفر نحو الحدود السورية، توقفت حركتها وتراجع مسلحو «داعش« إلى داخل المدينة«.
ومن شأن عزل الموصل عن سوريا، قطع الإمدادات التي كان «داعش» يتلقاها من الطرف الآخر من الحدود. كما أنها ستزيد من الأزمة الإنسانية داخل الموصل، باعتبار أنه كان الطريق الوحيد لوصول المواد الغذائية إلى المدينة التي يعيش فيها نحو 1,5 مليون شخص.
وكانت القوات العراقية المشاركة في عملية تحرير الموصل حاصرت المدينة من الشمال والشرق والجنوب على مدى الأسابيع القليلة الماضية، لكن «داعش» كان لا يزال يرتبط بمناطق نفوذه من جهة الغرب.
واعلنت ميليشيات «الحشد الشعبي» في بيان امس قطع الطريق الرابط بين الموصل والرقة السورية نهائياً لتصل إلى قضاء سنجار بعد عزل الموصل عن بقية مدن العراق.
وقال القيادي في الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس في فيديو نشر على صفحة الفصائل على «تويتر» إنه «تم قطع طريق تلعفر – سنجار». وتقع تلعفر تحت سلطة تنظيم «داعش» في حين تقع سنجار تحت سيطرة الاكراد.
وكانت ميليشيات «الحشد الشعبي» قد اطلقت اول من امس المرحلة الرابعة من عمليات استعادة غرب الموصل، وتمكنت من استعادة السيطرة على قريتي الشريعة الجنوبية والشمالية، غرب المدينة.
ولا تزال بلدة تلعفر، الواقعة على بعد نحو 50 كيلومترا غرب الموصل، خاضعة لسيطرة المتشددين.
وهذا التطور الأخير، سيصعب بشكل كبير على تنظيم «داعش» أي محاولة لنقل مقاتليه أو معداته بين الموصل ومدينة الرقة، معقل التنظيم المتشدد في سوريا.
في غضون ذلك، فر عشرات الآلاف من المدنيين العراقيين من تلعفر مع اقتراب مقاتلي الحشد من البلدة التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» والواقعة على الطريق بين الموصل والرقة.
وقال مسؤولون محليون إن الفرار الجماعي من تلعفر يثير قلق منظمات الإغاثة الإنسانية، إذ ان بعض المدنيين الفارين يتوجهون إلى مناطق أبعد واقعة تحت سيطرة «داعش»، ما يجعل من الصعب وصول المساعدات لهم.
وتحاول وحدات الحشد تطويق تلعفر التي تقطنها أغلبية تركمانية ضمن الهجوم الدائر لاستعادة الموصل آخر مدينة كبيرة تعد معقلا لتنظيم «داعش» في العراق.
وقال نور الدين قبلان نائب رئيس مجلس محافظة نينوى، عن تلعفر والمتمركز الآن في العاصمة الكردية أربيل، إن نحو ثلاثة آلاف أسرة فرت من تلعفر، وتوجه نصفها تقريبا نحو الجنوب الغربي في اتجاه سوريا، والنصف الآخر تحرك شمالا إلى أراض واقعة تحت سيطرة الأكراد.
وأضاف: «طلبنا من السلطات الكردية أن تفتح معبرا آمنا للمدنيين»، مشيراً إلى أن تنظيم «داعش» بدأ مساء يوم الأحد السماح للناس بالمغادرة بعدما أطلق قذائف الهاون على مواقع وحدات «الحشد الشعبي» في المطار، جنوب المدينة وردت قوات الحشد الشعبي.
وفي سياق متصل، كشف النائب السني عبد الرحمن اللويزي عن نية القيادة العسكرية استبدال قطعات الحشد الشعبي في غرب الموصل، بقطعات من الفرقة 15 التابعة للجيش العراقي.
وقال اللويزي الموجود منذ ايام في المحور الغربي ان «هناك معلومات شبه مؤكدة عن أن الحشد لن يدخل تلعفر لحساسية المدينة»، مضيفاً انه «سيترك للحشد تحرير كل المحور الغربي، وربما سيعطى مهمة تأمين الحدود«. وبحسب اللويزي، فإن «الحشد يقترب من تلعفر بمسافة 5 كيلومترات بعد تحرير مطار المدينة«.
ومن شأن ذلك أن يعيد العملية مرة أخرى تحت توجيه وتحكم النظام السياسي والعسكري الوطني العراقي، ما يبعد رد فعل عنيف من حكومة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وقد تكون المسألة الشائكة المرتبطة بتلعفر، وليس الموصل في نهاية المطاف هي التي ستقرر ما إذا كانت هذه الجهود لطرد «داعش« من نينوى ستكلل بالنجاح أو تزرع ببساطة بذور صراع فوري بين الفصائل التي تقود عملية الاستعادة.
وفي مدينة الموصل، تواجه قوات مكافحة الإرهاب في الساحل الايسر صعوبة واضحة في إحداث توازن بين استهداف المسلحين والحفاظ على أرواح السكان الذين يقدر عددهم بنحو 400 ألف شخص.
وقال مصدر عسكري عراقي ان» القوات العراقية في مهمة شاقة بسبب كثافة المدنيين وخلع المسلحين زيهم الافغاني التقليدي وحلق لحاهم والاختلاط مع السكان»، مؤكدا أن «القوات تسيطر على 45 في المئة من الساحل الأيسر الآن، لكن «داعش« يهاجم بزي مدني ويصعب تمييزه عن الاهالي«.
ويستخدم مسلحو «داعش« الأنفاق لمهاجمة القوات المحررة، كما يتحصنون فوق أسطح المباني السكنية كفرق قناصة لعرقلة تقدم القوات العسكرية.
وأعلنت قيادة عمليات معركة الموصل أن القوات الأمنية تواصل تقدمها على جبهات القتال، وتمكنت من استعادة قرية الطواجنة في محور الزاب (جنوب الموصل) وقرية يرغنتي في المحور الشرقي للمدينة من سيطرة «داعش«.
وكان الفريق الركن عبدالأمير رشيد يارالله قائد عمليات معركة «قادمون يا نينوى« قد اعلن امس أن القوات الأمنية استعادت قريتي قرة تبة وحاوين جنوب الموصل وقتلت العشرات من عناصر «داعش«، كما فجرت 5 عجلات مفخخة كانت مركونة داخل القريتين.
وفي سياق متصل، اعلنت خلية الاعلام الحربي عن قتل زياد خروفة، (وزير إعلام «داعش« لولاية نينوى») بضربة جوية نفذها طيران الجيش على مواقع التنظيم في مدينة الموصل، مشيرة الى ان القيادي القتيل «مسؤول عن إنتاج الأفلام ومواقع الإصدارات للتنظيم في الموصل.