مثل هذا الموقف عبّر عنه، اليوم الأحد، أحد أبرز شخصيات اليمين المتطرف في الدنمارك، فسورن اسبرسن؛ العضو في البرلمان ومقرر الشؤون الخارجية عن حزب الشعب وأمين لجنة الشؤون الخارجية في برلمان كوبنهاغن.
وقال اسبرسن للقناة التلفزيونية الثانية: “نحن لم نقصف المناطق التي يوجد فيها مدنيون، لكننا مضطرون للبدء بذلك. إن داعش يختبئ خلف النساء والأطفال في المدن والقرى، وهم يعرفون أننا راقون ونتصرف بنبل بعدم قصفنا هؤلاء. يجب أن ينتهي ذلك النبل فالنساء أيضاً جزء من تلك البنية، وإذا لم نقصف بمثل ذلك فلن نربح الحرب”. وهو يقصد قتل النساء والأطفال تماماً.
والدنمارك من الدول المشاركة في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش منذ أكثر من سنة.
وفي ذروة البث التلفزيوني، حيث يتابع الملايين ذلك البث، سأل المذيع بشكل مباشر: “هذا يعني بأنه يجب قصف المناطق التي يتواجد فيها نساء وأطفال؟”، فأجاب اسبرسن بكل برودة: “نعم بالتأكيد”.
لكن برلمانياً يعمل في اللجنة ذاتها (الشؤون الخارجية التي تقرر السياسات الخارجية للبلاد)، وهو من حزب يساري يؤيد قصف داعش في العراق ودعم الأكراد بالسلاح، أكد لـ”العربي الجديد”: “نعم للأسف مسؤول لجنتنا قال هذا الكلام، وهو كان يناقش ما هو أفظع من ذلك حين كنا نناقش مشاركة الدنمارك في التحالف، والمقتصرة على العراق”.
ولم يمض وقت طويل من نهار الأحد، وعند بداية المساء حتى كان سورن اسبرسن الذي ينتمي لثاني أكبر الأحزاب الدنماركية في البرلمان، والذي تتزايد شعبيته، يتعرض لقضية حركها ضده الكاتب الدنماركي سيغرودهارتكون بلاينتر تحت بند قانون “مكافحة الإرهاب” الذي يقضي بالسجن والملاحقة القانونية لمن يحرض على القتل.
كذلك لم تمض تصريحات السياسي الدنماركي اسبرسن من دون ضجة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي التي صبت غضبها عليه من طبقة مثقفة ومن الشباب الدنماركي.
اسبرسن واحد من أكثر السياسيين تطرفاً تجاه العرب والمسلمين، ويضع صورة بن غوريون في مكتبه ويعتبره مثله الأعلى وأصدر كتاباً يمتدح فيه دولة الاحتلال بعنوان: حرب الاستقلال. وهو من أكثر المدافعين عن المستبدين العرب ويعتبرهم الأفضل لحكم “هذه الشعوب وكانت خسارة أن سقط صدام والقذافي ومبارك وتجري محاولة إسقاط الأسد”، كما أنه كثيراً ما يردد أن “إسرائيل هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”.
الكاتب الدنماركي بلاينتر كتب على صفحته “عندما تكون الديمقراطية مهددة فيجب أن نكون أكثر ديمقراطية، وبما أن الديمقراطية تعني أيضاً أن الكل تحت سقف القانون ذاته فقد قمت الآن بتقديم دعوى قضائية ضد سورن اسبرسن بخرقه قانون العقوبات المتعلق بالإرهاب”.
ويعتبر بلاينتر أن ما قاله اسبرسن عن ضرورة قتل النساء والأطفال في سورية يخرق قانون العقوبات 114 إرهاب و266 بالدعوة إلى العنف والتحريض عليه ولهذا تقدم بالدعوى إلى شرطة كوبنهاغن.
وحين سأل “العربي الجديد” عدداً من السياسيين والدنماركيين من أصول مهاجرة عما تعنيه لهم تصريحات سورن اسبرسن هذه المرة، ولماذا هي مختلفة عن سابقاتها التي تشبهها، أجمع هؤلاء على أن “الوضع لا يحتمل مثل هذا التحريض الذي يمكن لأي شخص فاقد لإنسانيته أن يقوم بالانتقام من دنماركيين آخرين على خلفية دينية وعرقية”.
ويقول محمود عبد الهادي لـ”العربي الجديد: “صحيح أننا نتصدى بمثل هؤلاء السياسيين الذين يجرموننا فقط لأننا من أصول أخرى على الرغم من أننا ولدنا هنا، إلا أنك لا يمكن أن تتناسى أن بعض الساسة والإعلام العربي يفعل الشيء ذاته بوضع الجميع في سلة داعش وتبرير القتل الجماعي”.
وتخشى الناشطة الفلسطينية من أن يدفع المهاجرون ثمن شحن الأجواء، وتضيف: “يوم أمس فقط كنا نخرج للتضامن مع فلسطين وشعبنا في هبة الأقصى، انظر على ماذا التركيز اليوم. كأن هناك من يريد تخريب جهودنا دائماً وأن يضع صورة وحشية الاحتلال في الخلفية بمثل ما جرى في فرنسا”.
قيادة حزب السياسي الدنماركي سورن اسبرسن المعروفة مواقفه المتطرفة تذهب للدفاع عنه بطريقة يقول عنها الشباب “أكثر استفزازاً من التصريحات ذاتها”.
فنائب رئيس حزب الشعب المتشدد بيتر سكوورب أسف لتلك التصريحات، بينما رئيس الحزب كريستيان ثولسن دال يحاول عبر القناة التلفزيونية الأولى تبرير تصريحات مسؤول السياسات الخارجية في البرلمان بالقول: “إن الحرب للأسف يمكن أن تصيب المدنيين عندما تريد إصابة الإرهابيين وتلك بالتأكيد ورطة ولا يوجد حل سهل، وهذا ما أعتقد أن اسبرسن عناه”. وفي الواقع لا توجد ترجمة لما قاله اسبرسن سوى تلك الترجمة التي أدهشت مقدم الحوار حين سأله وأكد عليه “نعم بالتأكيد يجب قتلهم والتوقف عن التصرف بنبل”.
ما ينطبق على اليمين القومي المتشدد في الدنمارك ينسحب على اليمين المتطرف في السويد وألمانيا، حيث يسود الجدل بالنسبة لاستقبال اللاجئين وفي الوقت ذاته ينتشر القلق بين المهاجرين واللاجئين من أن تصبح “تلك الأحزاب تشعر بانفلات يدها نحونا بفاشية لا يمكن أن تجلب سوى ردات فعل أكثر عنفاً”.
15 نوفمبر 2015 العربي الجديد