أعلنت “الهيئة العليا للتفاوض” عن تشكيل وفد المعارضة لمفاوضات “جنيف-3″، قبيل أيام من الموعد المختلف عليه لانطلاق المفاوضات. وضمّ الوفد خمسة أسماء من ممثلي الفصائل العسكرية، الأمر الذي دفع موسكو إلى الاعتراض على بعض الأسماء واصفة إياها بأنها تمثل “تنظيمات إرهابية” مثل “جيش الإسلام”، وحركة “أحرار الشام الإسلامية”, وسط تهديدات بفرض وفد ثالث إذا لم ترضخ المعارضة لتعديل وفدها.
حول آخر التطورات السياسية المتعلقة بموضوع المفاوضات، قال رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، عضو “الهيئة العليا للتفاوض”، خالد خوجة، لـ”المدن”، إن الهيئة العليا تتمسك بمجموعة من الشروط لا يمكن التخلي عنها قبل الذهاب إلى المفاوضات، وهي إجراءات بناء الثقة، وأشار إلى أن الخطوة الثانية بعد تحقيق تلك الإجراءات هي الذهاب إلى المفاوضات، وليس المحادثات، كما بات يكرر المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا مؤخراً، في محاولة لتضليل العملية التفاوضية بين نظام ومعارضة، وتحويلها إلى محادثات بين أكثر من طرف.
في هذا الإطار، أشار خوجة إلى ضرورة إتمام ما يعرف بـ”اجراءات بناء الثقة”، والتي تشمل وقف القصف، وفك الحصار، وإطلاق سراح المعتقلين، مؤكداً على ضرورة تحمّل الأمم المتحدة لمسؤوليتها في هذا السياق. وقال خوجة “إن هذه ليست شروطاً ولكنها ظروف إنسانية مطلوبة لإجراء أي مفاوضات”. واعتبر أن المفاوضات يجب أن تجري وفق قرار مجلس الأمن رقم 2118 الذي ذكر فيه تشكيل هيئة حكم انتقالية، مؤكّداً أن الهيئة العليا شكّلت وفدها المفاوض، الذي يتصدره ممثل عسكري، وفق هذا المفهوم.
أما عن التهديدات الروسية بدعم وفد ثانٍ إذا لم يتم تعديل الوفد الحالي، فأكّد خوجة أن زيادة أي أشخاص أو القيام بتشكيل وفد ثانٍ هو نسف للمفاوضات. وشدد على أن روسيا “قوة محتلة، فإذا أرادت أن تضيف أسماء فيجب أن تكون بوفد النظام”، مشيراً إلى أن “كل الألاعيب لتمييع وفد المعارضة مرفوضة من الهيئة العليا”، خصوصاً أن الوفد هو نتاج إجماع بين أطياف عديدة من المعارضة حضرت إلى مؤتمر الرياض، ولم ينفرد الائتلاف بتشكيله كما تحاول موسكو أن تصور الأمر، فمن أصل 34 عضواً في الهيئة العليا للتفاوض هناك 9 فقط من الائتلاف.
وعن تصريحات وزير الخارجية الروسية سيرغي لافرورف الذي أعتبر أن “جيش الإسلام” و”أحرار الشام” منظمتان إرهابيتان، قال خوجة “إن روسيا وإيران دولتان محتلتان، وبطبيعة الحال تعتبران أي منظمة تقوم بمقاومتهم منظمة إرهابية”، مشيراً إلى أن روسيا تدعي قصف “داعش” في حين تقوم بضرب الجيش الحر والمدنيين على الأرض، معتبراً أن تنظيم “داعش” ازداد قوة خلال الفترة الأخيرة. وأضاف “روسيا خلال الاشهر الثلاثة الماضية، نفّذت 15360 ضربة جوية، كان بإمكانها القضاء على داعش، إلا أن 10 في المئة فقط من هذه الضربات كانت على مناطق تواجد داعش (..) في حين باقي الضربات استهدفت المدنيين والجيش الحر”. وأشار إلى أن موسكو تدعم منظمات تقوم بعمليات إرهابية مثل “قوات سوريا الديموقراطية”، التي وثّق عدد من المنظمات الدولية مثل “العفو الدولية”، إضافة إلى “المجلس الوطني الكردي”، قيامها بعمليات إرهابية، في حين تعتبرها موسكو حليفة لها وتريدها ضمن وفد المعارضة. واعتبر خوجة أن هذا يوضح عدم إمكان قيام المفاوضات وفق شروط الاحتلال، وأن الولايات المتحدة تركت المبادرة لتتولاها روسيا، وأن دي ميستورا ملتزم بالسياق نفسه. وأكد على أن المعارضة “لن تقبل بأي شروط في ظل سيطرة الاحتلال على أطر وصيغ التفاوض”، مطالباً بضرورة الالتزام بقرار جنيف، وقرار مجلس الأمن الرقم 2118 الذي أشار إلى هيئة حكم انتقالية واضحة.
وعلى الرغم من كل تلك التعقيدات، قال خوجة إن وفد المعارضة جاهز للمفاوضات، وأشار إلى أنه لم يتسلّم، إلى الآن، أي دعوة للمفاوضات، واعتبر أن تاريخ انعقاد المفاوضات غير مهم، ما لم يكن النظام مستعداً لفك الحصار والالتزام بخطوات بناء الثقة.
ضمانات المعارضة
أما عن الضمانات التي يمكن أن تقدمها المعارضة السورية في المفاوضات، فقال خوجة إن الضمانات الوحيدة هي إلتزام الأمم المتحدة بتنفيذ قراراتها، معتبراً أنها فشلت حتى الآن بهذا الإلتزام، ملمّحاً إلى قرار وقف استخدام السلاح الكيماوي، الذي لا يزال النظام يستخدمه بين الحين والآخر. وشدد على أن الالتزام يجب أن يكون من قبل الطرفين، مشيراً إلى إعلان الفصائل المعارضة عن جهوزيتها للالتزام. وأوضح أن الحديث “ليس فقط عن وقف إطلاق النار، بل عن وقف القصف، وفك الحصار، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية، إضافة إلى إطلاق سراح المعتقلين الذين وصل عددهم إلى 250 ألفاً”.
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت المعارضة تسعى إلى تشكيل قوة تنفيذية، عسكرية، تفرض تطبيق أي نتائج تتوصل إليها المفاوضات في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، أجاب خوجة أن الحديث عن هذا الموضوع “مبكر جداً”، ولكن في جميع الحالات السابقة “قامت الأمم المتحدة بإرسال مراقبين دوليين، ولكن هذا الموضوع أيضاً معقد جداً، حيث تطرح أسئلة حول الدول التي تشارك بإرسال مراقبين، وإن كان يمكن تسليح المراقبين أو لا، وإمكان تدخلهم في حال حدوث خروق”. وأشار إلى أن هذا الموضوع “يجري تداوله في أروقة الأمم المتحدة منذ بداية تشكيل الجيش الحر، إلا أنه لم يطرح للنقاش بشكل جدي، لكن هناك إشارة له في قرار مجلس الأمن رقم 2254”.
إدارة المناطق الخارجة عن سيطرة النظام
وعن المناطق الخارجة عن سيطرة النظام وطرق إدارتها، أشار خوجة إلى وجود ما يعرف بـ”الهيئات الشرعية” في بعض مناطق تواجد “جبهة النصرة”، وخاصة في إدلب، في حين أن باقي مناطق المعارضة يوجد ما يعرف بـ”الإدارة المحلية”، التي تتبع لها الشرطة و”دور العدل”. وبحسب خوجة، فإن عدداً من المحاكم تعمل وفق الدستور السوري الحالي، بينما يتبع عدد آخر قوانين دستور 1950، وهو ما طرحته المعارضة، على اعتبار أن الدستور مقرّر من الجامعة العربية وتتبعه عدد من الدول العربية. وأشار إلى صعوبة توحيد المحاكم حالياً في ظل التشتت الجغرافي لأماكن سيطرة المعارضة، ولكنّه أكّد على الجهوزية العالية الموجودة لدى الفصائل، وقبول نسبة كبيرة منها بدستور عام 1950، ولفت إلى أنه في حال التوصل إلى تشكيل هيئة حكم انتقالي فإن دور الائتلاف سينتهي وفق نظامه الداخلي.