بيان بمناسبة الذكرى الرابعة عشرة للثورة السورية المجيد
ولم تعد الحرّية حلماً بعيد المنال، ولا هزيمة الأسدية أمنيّة مستحيلة.. فَعَلها السوريّون، وانتصروا.. لم يبقَ في الوطن متجبّر مستبدّ يتعهّد تمرير مشاريع الخارج، أو ألعوبة لتنفيذ أهداف الآخرين على حساب السوريين، حاضرهم ومستقبلهم..
ذكرى الثورة المدمّاة قبل عام، آلت اليوم تاجَ فرحٍ بالنصر، صنعته التضحيات، وحاكَه الصمود، وحَبَكَ خيوطه التصميم، ليزهر النضال ويعبق ياسمين دمشق رياحيناَ في كل بقعة من أرض سورية، وتزيّنه أوسمة العزّ والإباء للشهداء، ويزهو بتحمّل معاناة قلّ مثيلها في الثورات. لقد شمخ النصر وخفقت راياته بتضحيات السوريين وآلامهم، واستثمارهم المتغيّرات الإقليمية والدولية السانحة التي كانت، من قبلُ، تَحول دون انتصار ثورة الحرية والكرامة.
بعد أكثر من خمسة عقود من الاستبداد والطغيان، تمكّن الشعب السوري من اجتثاث الأسدية كوباء، بثورة أذهلت البعيد قبل القريب، لكثرة انعطافات مسيرتها ومتغيّرات تفاصيلها وتعدّد المتداخلين فيها، فأهدَت شعوب العالم، والعربية في مقدّمتها، زمناً جديداً ودرساً في التضحية والثبات لتحقيق النصر، فيما أرادت الأنظمة أن يكون الدرس السوري، وما حلّ بالسوريين، تأديباً وإرهاباً لشعوبهم.
تحقّق هدف الثورة الأول بإسقاط نظام الاستبداد، وثمة أهداف مهمّة دونها مصاعب جمّة، وتحتاج تكاتف جميع السوريين، بكل مكوّناتهم الإثنية والدينية والطائفية؛ لأن المشهد السوري مركّب يزيده تعقيداً تعدّد الفاعلين وتنوّع مصالحهم، وهو ما يكاثر الأخطار على سورية الواحدة أرضاً وشعباً، فما زال يمثُل في الداخل خطر ” الفلول ” الأسدية المتربّصة، والمجموعات الإرهابية التي نكّلت بالمدنيين في ساحلنا السوري، وألاعيب إيران الطائفية التي فقدت أهمّ ركائزها الجيوسياسية عبر ميليشياتها وفلول حزب الله. والخارج لا يقلّ تأثيراً، فالعقوبات “الأوروبية والأميركية” باتت تحاصر السوريين وتزيد معاناتهم الحياتية، وتعيق نهضة اقتصادهم وإعمار ما خرّبته الأسدية وأفسدته في كل مجال، إضافةً إلى استغلال إسرائيل الواقع الجديد خدمةً لأجندتها، فقضمت مساحات من الجنوب، وسيطرت على كامل الجولان، سعياً لفرض شروطها مستقبلاً، وتعهّدت بحماية “الأقليات”، تأجيجاً لحرب أهلية، نرى بدايات افتعالها في الأيام الفائتة، تنفيذاً لمشروعها “تقسيم سورية”. ولكن وعي السوريين سيفوّت عليها الفرص، ويقطع طرق الوصول بالتلاحم والتكاتف والتوافق.
نحن حزبَ الشعب الديمقراطي السوري، نهنّئ الشعب السوري، ونهنّئ أنفسنا بسقوط الأسدية والأبدية، ونتعاون مع كل القوى الوطنية والديمقراطية لبناء دولة المواطنة التي تعي مخاطر المرحلة، لا سلطة الغَلَبة التي يعميها الثأر، ونرى ضرورة مواصلة الحوار الوطني دون إقصاء، ومباشرة المرحلة الانتقالية، حيث صدر الإعلانٍ الدستوري، رغم تحفظاتنا على بعض بنوده. كما ننتظر العمل على تشكيل حكومةِ جامعة لكلّ السوريين، والتي سيناط بها معالجة القضايا الملحة بالنسبة للسوريين، وانتخاب أو تشكيل هيئة تأسيسية تضع دستوراَ دائما للبلاد مُتوافق عليه، وتفعيل العدالة الانتقالية، ومحاسبة المجرمين، وكشف مصير المغيّبين، وعودة الاجتماع السوري لحياة مدنية وسياسية واقتصادية، تتكامل فيها مكوّناته وتتطوّر، بظلّ الحياة الدستورية وسيادة القانون في دولة المؤسسات والحريات الفردية والعامة دولة المواطنة والتعدّدية، لجميع السوريين.
دمشق 15/ 3/ 2025
اللجنة المركزية
لحزب الشعب الديمقراطي السوري