باسل محمد: السياسة
كشف قيادي بارز في تيار رجل الدين الشيعي العراقي مقتدى الصدر لـ«السياسة«، أمس، أن العملية العسكرية الروسية المتصاعدة في سورية تواجه صعوبات جدية على المستوى الميداني، نتيجة عدم دقة الضربات الجوية التي تنفذها مقاتلات روسية والصواريخ التي تطلق من بوارج روسية في مياه البحر الأبيض المتوسط.
وقال القيادي العراقي الشيعي ان من بين المشكلات التي تواجهها العملية العسكرية الروسية، ضعف القوات البرية السورية في استثمار الضربات الجوية والصاروخية لتحقيق تقدم ميداني كبير، مشيراً إلى أن جزءاً كبيراً من الضربات الروسية استهدف أهدافاً مدنية ومواقع تابعة للمعارضة السورية المعتدلة التي يمكن أن تكون جزءاً من الحرب على تنظيم »داعش« وجزءاً من أي تسوية سياسية تسمح بتشكيل حكومة انتقالية، وهو ما يعتبر إخفاقاً عسكرياً وسياسياً في آن.
وبحسب معلومات القيادي، فإن الحوارات السرية التي جرت بين القيادات الإيرانية والسورية والعراقية والروسية تضمنت بشكل صريح فكرة أن انتصار العملية العسكرية الروسية هو الذي سيفرض تسوية سياسية محددة المواصفات كما يريدها رئيس النظام بشار الأسد، فيما سيؤدي فشل الخيار العسكري إلى رحيل الأسد عن الحكم سواء بتسوية سياسية أو بعملية عسكرية بديلة ينفذها الغرب هذه المرة لإطاحة رئيس النظام وفرض خريطة طريق لتسوية شاملة في سورية.
وأكد القيادي أن العملية العسكرية الروسية بمثابة حياة أو موت بالنسبة للأسد ونظامه كما للنفوذ الإيراني في سورية ولبنان، مرجحاً أن تتصاعد الضربات الروسية في الفترة القريبة المقبلة لتعزيز إمكانية انتصار الأسد بهدف فرض التسوية السياسية التي يريدها حلفاؤه على المجتمع الدولي.
وكشف القيادي الصدري للمرة الأولى أن من بين السيناريوهات المطروحة التي يدرسها المحور السوري – الإيراني – الروسي هو أن ينتقل الأسد إلى محافظة اللاذقية الساحلية حيث تنتشر القوة العسكرية البرية الروسية هناك وبالتالي يمكن أن يتم التفاوض على شكل التسوية السياسية من هناك، في حال فشلت العملية العسكرية الروسية وتقدمت فصائل المعارضة السورية و«جبهة النصرة« و«داعش« باتجاه دمشق.
وما يعزز هذا الاحتمال هو أن الروس أبلغوا الأسد أنهم لن يكون باستطاعتهم نشر قوات في دمشق وأن على قواته وحلفائها من الميليشيات العراقية واللبنانية و«الحرس الثوري« الإيراني أن يتولوا مهمة الدفاع عن دمشق، وإلا فلا خيار أمام الأسد سوى الرحيل إلى اللاذقية في حال دخل المعارضون العاصمة.
وأكد القيادي العراقي أن لا ضمانات قوية للأسد من روسيا بأنها ستفعل ما أكثر مما تفعله حالياً لحماية دمشق من السقوط، لأن المشكلة ستكون ليس في قلة الضربات الجوية والصاروخية الروسية بل الأمر كله يتعلق بوضعية القوات السورية النظامية وبعدم وجود معنويات للقتال وبهرب أعداد كبيرة منهم من الجبهات.
وحذر من أن فشل العملية العسكرية الروسية في سورية معناه على المستوى العراقي أن تنظيم »داعش« سيستثمر هذا الفشل لتعزيز هجماته على القوات العراقية، كما أن معنويات هذه القوات وميليشيات »الحشد« الشيعية الداعمة لها ستصاب بخيبة أمل كبيرة، مستبعداً أن تدخل قوات إيرانية برية إلى دمشق للدفاع عنها لأن هذه القوات لا تستطيع في الأساس خوض حرب برية وحرب عصابات في المدن السورية.
وخلص القيادي العراقي إلى أن فشل الرهان العسكري الروسي في سورية سيشكل صدمة قوية لإيران وحلفائها في المنطقة، لأنه آخر رهانات طهران لتستعيد بعض المبادرة السياسية، ما يمكنها من التحرك من الدفاع الى الهجوم، ولكن هذا الخيار يبدو ضعيفاً للغاية في ظل المعطيات على الأرض بعد شهر على انطلاق العملية العسكرية الروسية.