قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الخميس)، إنّها بدأت تغيير تركيبة قواتها في سوريا في اطار عملية لتقليص وجودها لم يُعلن عنها مسبقا.
ونُقل عن الوزارة قولها إنّه تم سحب أول ست قاذفات من طراز سوخوي-24 وان أربع طائرات هجوم أرضي من طراز سوخوي-25 أقلعت متجهة إلى قاعدة حميميم الجوية السورية في محافظة اللاذقية ضمن عملية تناوب مقررة. وأضافت أنه سيجري سحب المزيد من الطائرات وأفراد الجيش المتمركزين في القاعدة.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أعلن وقفًا لاطلاق النار في سوريا في أواخر ديسمبر (كانون الاول)، وقال إنّ روسيا ستسحب بعض قواتها من سوريا.
وفي الاسبوع الماضي قال رئيس هيئة أركان الجيش الروسي فاليري غراسيموف، إنّ قوة بحرية روسية بقيادة حاملة الطائرات أدميرال كوزنيتسوف بدأت الانسحاب من شرق البحر المتوسط.
وأعلن النظام السوري أمس (الاربعاء)، التوصل إلى اتفاق مع الفصائل المقاتلة ينص على دخول الجيش إلى منطقة وادي بردى، تمهيدًا لانتقال ورش الصيانة لإصلاح الضرر اللاحق بمضخات المياه إلى دمشق. لكن الفصائل المعارضة نفت التوصل إلى أي اتفاق في هذه المنطقة التي تشهد معارك بين الطرفين منذ ثلاثة أسابيع، في موازاة تأكيد مصدر ميداني في المنطقة استعداد مئات المدنيين للمغادرة.
وكانت تصريحات نقلتها وسائل إعلام تابعة للنظام، أفادت بأنّ “الاتفاق المبدئي الذي جرى التوصل إليه يقضي بتسليم المسلحين أسلحتهم الثقيلة وخروج المسلحين الغرباء من منطقة وادي بردى”. وينص أيضا على أن تدخل اثر ذلك قوات النظام إلى المنطقة “لتطهيرها من الالغام والعبوات الناسفة تمهيدًا لدخول ورشات الصيانة والاصلاح إلى عين الفيجة لاصلاح الاعطال والاضرار التي لحقت بمضخات المياه والانابيب”.
وتقع منطقة وادي بردى على بعد 15 كيلومترا شمال غربي دمشق وتضم المصادر الرئيسية للمياه إلى دمشق، التي تعاني منذ 22 ديسمبر، من انقطاع تام للمياه عن معظم احيائها جراء المعارك بين طرفي النزاع.
في المقابل، نفى رئيس الدائرة الإعلامية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية احمد رمضان لوكالة الصحافة الفرنسية، التوصل إلى اتفاق مماثل. قائلًا: “تلك المعلومات عارية عن الصحة وهي جزء من حرب نفسية يمارسها (الاحتلال الإيراني) عبر واجهات تابعة للنظام”.
وأكد المرصد السوري لحقوق الانسان بدوره عدم التوصل إلى “اتفاق شامل” بين دمشق والفصائل المعارضة، مشيرًا في الوقت ذاته إلى ضمان ممر آمن للسكان الراغبين بالخروج.
وحسب مصدر ميداني في المنطقة، فإن نحو 600 مدني كانوا قد وصلوا إلى “خيمة” تابعة لقوات النظام يتم فيها التدقيق بالاوراق الثبوتية وتسوية الاوضاع.
وتتهم دمشق الفصائل المعارضة ومقاتلي جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقًا) بقطع المياه عن دمشق بعد يومين من اندلاع المعارك، في حين تقول الفصائل إنّ قصف قوات النظام أدّى إلى تضرر مضخة المياه الرئيسية، نافية أي وجود لجبهة فتح الشام.
وابرم النظام السوري في الاشهر الاخيرة اتفاقات مصالحة عدة في محيط دمشق، في عملية تنتقدها المعارضة باعتبار أنّها تقوم على تكتيك “الجوع أو الاستسلام”، وتجبر المقاتلين على القبول بها بعد أشهر أو سنوات من الحصار المحكم والقصف المستمر.
ميدانيا، صعدت قوات النظام غاراتها امس، على مناطق عدة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في شمال سوريا وقرب دمشق، تزامنا مع تأكيد موسكو أنّ مفاوضات السلام المرتقبة في استانا ستعقد في 23 من الشهر الحالي.
وبعدما تراجعت وتيرة الغارات والمعارك على الجبهات الرئيسية منذ بدء الهدنة في 30 ديسمبر (كانون الاول)، بموجب اتفاق بين موسكو أبرز داعمي دمشق، وانقرة الداعمة للمعارضة، أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان امس بأنّ “الطائرات الحربية التابعة لقوات النظام صعدت قصفها بعد منتصف الليل على مناطق عدة في محافظة حلب (شمال)”.
واستهدفت الغارات وفق المرصد، بلدات عدة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في ارياف حلب، أبرزها الأتارب وخان العسل في ريف حلب الغربي.
وفي محافظة ادلب (شمال غرب) التي يسيطر عليها ائتلاف فصائل مسلحة مع جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقًا)، استهدفت طائرات حربية تابعة لقوات النظام بلدة تفتناز بعد منتصف الليل.
وأفاد المرصد عن مصرع ثلاثة مقاتلين من فصيل مسلح جراء الغارة.
وتشهد الجبهات الرئيسية في سوريا منذ 30 ديسمبر، وقفا لاطلاق النار بموجب اتفاق روسي – تركي. ومنذ ذلك الحين، تراجعت وتيرة الغارات والقصف على معظم المناطق تحت سيطرة الفصائل المعارضة من دون أن تتوقف بالكامل.
ويستثني الاتفاق، وهو الأول بغياب أي دور لواشنطن التي كانت شريكة موسكو في اتفاقات هدنات سابقة لم تصمد، التنظيمات المصنفة “ارهابية” وعلى رأسها تنظيم “داعش”. وتصر موسكو ودمشق على أن الاتفاق يستثني أيضا جبهة فتح الشام، وهو ما تنفيه الفصائل المعارضة الموقعة على الاتفاق والمدعومة من انقرة.
ومن شأن استمرار الهدنة أن يسهل انعقاد محادثات السلام التي يتضمنها اتفاق وقف اطلاق النار والتي من المقرر عقدها في استانة عاصمة كازاخستان.
وبعد أيام من تحذير تركيا من أنّ “الانتهاكات المتكررة لوقف اطلاق النار” قد تهدد المحادثات، أوضح مصدر دبلوماسي روسي أمس، لوكالة الصحافة الفرنسية، أنّه “في الوقت الحالي ليس هناك معلومات بشأن ارجاء اللقاء”. وأضاف “وعليه فإنّ موعد 23 يناير لا يزال ساريا”، لافتا إلى أنّ “المفاوضات ستتم بين النظام ومجموعات المعارضة المسلحة”.
ويفترض أن تلي محادثات استانة جولة مفاوضات في جنيف في الثامن من فبراير (شباط)، برعاية الامم المتحدة.
وتشهد سوريا نزاعا داميا تسبب منذ اندلاعه في العام 2011 بمقتل أكثر من 310 آلاف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية وبنزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.