عضو الامانة المركزية لحزب الشعب الديمقراطي السوري

باريس ـ «القدس العربي» من هشام حصحاص: نفى عضو الهيئة العليا للمفاوضات في المعارضة السورية جورج صبرا لـ «القدس العربي» الانباء التي تحدثت عن تواصل النظام السوري مع المعارضة قبيل المحادثات التي تجري في العاصمة الكازاخية الاستانة، مؤكداً ان المعارضة لا تنتظر شيئاً من تلك المحادثات، متمنياً ان تفضي تلك المحادثات إلى وقف اطلاق النار في الأراضي السورية، مشيراً إلى ان المعارضة لن تتنازل عن مطلبها برحيل النظام بما في ذلك الرئيس السوري بشار الأسد.
وعبر عن اسفه من عودة بعض القيادات في المعارضة السورية إلى «حضن النظام»، (في إشارة إلى العقيد مصطفى الشيخ)، معتبراً ان تلك الأمور لن تؤثر على مسار الثورة السورية.
وقال صبرا في الحوار الذي أجرته معه «القدس العربي» انه «لا يمكن لإيران أن تكون وسيطاً أو جزءاً من الحل، لأنها أصل المشكلة»، معبراً عن تقديره لمواقف السعودية وقطر ودول الخليج عامة في دعم الثورة في «لجم ودحر التغول الإيراني»، وفيما يلي نص الحوار:
■ تبدأ اليوم الاثنين في كازاخستان، محادثات أستانة. ماذا تنتظرون من هذا الاجتماع؟
□ في الحقيقة لا ننتظر الشيء الكثير من محادثات أستانة. لكننا نتمنى، شيئاً مهماً وأساسياً وهو وقف إطلاق النار، وذلك بفرض هدنة كاملة وشاملة في كل التراب السوري، من أجل حقن دماء السوريين. ثانياً نريد أيضا تأمين دخول المساعدات الانسانية، للمناطق المحاصرة، وإسعاف الجرحى والمرضى، وفتح الباب أمام الوكالات الدولية لمعاينة كل ما يحدث.
■ هل صحيح أن النظام السوري تواصل معكم قبل بدء محادثات أستانة؟
□ أبداً. هذا غير صحيح على الإطلاق. لم يحصل أي تواصل، ولم يتم فتح أية قناة اتصال مباشرة معنا. حتى في المفاوضات السابقة التي جرت في جنيف كانت قنوات التواصل بطريقة غير مباشرة وعبر وساطة المبعوث الأممي ستيفان ديمستورا. ربما سيكون أول لقاء مباشر بين العسكريين الذين يمثلون قوى الثورة والنظام السوري في أستانة.
■ ما موقفكم من تعيين محمد علوش على رأس الوفد المفاوض في أستانة، وهل حظي بدعمكم؟
□ أولاً ليس أمراً غريباً أن يتم تعيين السيد محمد علوش على رأس الوفد المفاوض، فهو قيادي كفء ومن أبرز القيادات الثورية، وسبق له أن عينته الهيئة العليا للمفاوضات كبيراً للمفاوضين في محادثات جنيف، كما أنه يمثل «جيش الاسلام»، باعتباره فصيلاً منضوياً في الهيئة العليا للمفاوضات. إنه تعيين صائب وقوي لأنه ينسف كل المزاعم التي كانت تتهم «جيش الإسلام» و»أحرار الشام» بأنها تنظيمات إرهابية.
هذان التنظيمان انخرطا في العملية السياسية وفي الوقت نفسه يقاتلان على الأرض، ويحملان أهداف الثورة السورية.
■ بعض القيادات التي كانت ضمن المعارضة السورية عادت لترتمي في حضن روسيا والنظام السوري من جديد، مثل مصطفى الشيخ. كيف تفسرون الأمر؟
□ مضى ست سنوات على اندلاع الثورة السورية، ومرت بمراحل عدة من النضال. بعض هؤلاء نفسهم قصير والبعض الآخر من القيادات السياسية لم يجد نفسه في هذه المرحلة الصعبة. بالنسبة لمصطفى الشيخ وغيره ممن أعلنوا توبتهم وعادوا للنظام، فهذا أمر مؤسف، والثورة السورية أكبر من أي شخص، وهذا لن يؤثر على مسارها المستمر الساعي لإسقاط كل أشكال الاستبداد، وسعينا من أجل بناء سوريا جديدة، وطناً حراً لكل السوريين.
■ ألا تخشون أن يقوم النظام السوري وروسيا بمحاولة فرض أمثال هؤلاء «المعارضين» في المفاوضات المقبلة؟
□ (يضحك) هذا جهد روسي منذ زمن. تعمل موسكو على فبركة وتصنيع معارضة للسوريين لكن هذا الأمر مكشوف ومفضوح، ولن تستطيع خداع الشعب السوري. يمكن لروسيا أن تفرض من تشاء في وسائل الإعلام لكن الوقائع شيء آخر، والدليل أنها في محادثات أستانة، استدعت الفصائل المسلحة الحقيقية التي لها ثقل في الميدان وعلى الأرض ولم تستدع أشباه المعارضة.
■ في أستانة لن يبحث الشأن السياسي، وبالتالي تبقى محادثات جنيف أمراً لا مفر منه؟
□ نعم هذا صحيح . محادثات أستانة لن تتطرق للملفات السياسية، وكل ما يتعلق بالانتقال الديمقراطي في سوريا، سيتم بحثه في جنيف، حيث بدأت العملية السياسية وحيث صدرت القرارات الدولية. وقد حدد المبعوث الأممي السيد ستيفان ديمستورا، تاريخ الثامن من شباط/فبراير المقبل لاستئناف المفاوضات. لكن هذا الأمر مرهون بمدى نجاح محادثات أستانة، المتمثل في وقف إطلاق النار الشامل ودخول المساعدات.
■ هل هذا يعني أن رحيل الأسد لا يزال أولوية بالنسبة لكم؟
□ من دون شك. أؤكد أننا لن نتخلى عن مطلبنا برحيل ما تبقى من النظام السوري المجرم. لا نريد رحيل بشار الأسد وحده ولكن نريد رحيل مجرمين آخرين أكثر دموية منه. فهذا قرار الشعب السوري ولا يمكن لأحد مساومتنا عليه. لن يكون هناك حل سياسي، أو انتقال ديمقراطي بوجود نظام بشار الأسد.
نريد سوريا جديدة، دولة مدنية لا مكان فيها لبشار الأسد ولا مكان فيها للتنظيمات الإرهابية، وذلك تطبيقاً لمخرجات بيان جنيف1، الذي تحدث عن تشكيل هيئة انتقالية كاملة الصلاحيات، من أجل سوريا الغد.
■ ما موقفكم من مشاركة إيران في أستانة؟
□ كنا نتمنى لو لم يتم إشراك النظام الإيراني في محادثات أستانة لأن إيران شريكة في الجرائم التي ترتكب في سوريا. لا يمكن لإيران أن تكون وسيطاً أو جزءًا من الحل، لأنها أصل المشكلة. النظام السوري انتهى منذ زمن، وإيران عن طريق أذرعها العسكرية، عبر الحرس الثوري والميليشيات الطائفية، هي من يدير المعارك وتعيث في سوريا فساداً وسفكاً للدماء.
إيران لا تريد الحل السياسي وترفض بيان جنيف1 لعام 2012، الذي يعتبر الأساس الذي بنيت عليه العملية السياسية.
■ هل ما زلتم تعولون على الدور التركي، الداعم للثورة السورية؟
□ طبعاً لا شك في ذلك. تركيا احتضنت منذ اليوم الأول الثورة السورية، ومؤسسات المعارضة السورية. كما أنها استقبلت أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري على أراضيها. نحن ممتنون للقيادة التركية بكل ما قدمته لنا من مساعدة سياسية ونصرة لشعبنا.
تركيا مؤهلة لأن تلعب دور الوسيط من أجل نصرة الشعب السوري في قضيته، كما أن لها 900 كلم من الحدود مع سوريا، وبالتالي فهي معنية بالسلام والاستقرار في المنطقة.
■ لم تعد تركيا أكثر اندفاعا كما كانت من قبل، ولم تعد تتحدث عن رحيل الأسد. هل تخشون تحولاً في موقفها؟
□ لا شك أن تركيا تواجه ضغوطاً دولية كبيرة، وللأسف أحست بالخذلان من طرف حلفائها في الغرب، أقصد أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. كما أن تركيا تواجه تحديات أمنية كبيرة بسبب التهديدات الإرهابية. ونحن نتفهم كل ما تتعرض لها تركيا من ضغوط. ونحن واثقون من أن تركيا لن تتخلى عن موقفها الداعم للثورة السورية، لأن قيام دولة ديمقراطية مدنية تعددية في سوريا، في صالحها أيضاً.
■ هل تؤيدون التدخل العسكري التركي في مدينة الباب؟
□ العملية العسكرية في الباب تدخل ضمن عملية درع الفرات، للجيش السوري الحر المدعوم من طرف تركيا من أجل دحر تنظيم داعش. بالنسبة لنا النظام السوري وداعش وجهان لعملة واحدة، ونحن أيدنا هذه العملية العسكرية لأنها معركة من أجل الحرية وتحرير أرضنا المغتصبة من طرف تنظيم إرهابي ونظام إجرامي مستبد.
■ كيف تقرأون غياب الدور العربي، وخصوصاً جامعة الدول العربية؟
□ الأمر مؤلم جداً، فجامعة الدول العربية في حالة موت سريري، والدول العربية منقسمة. بعض هذه الدول خائف من شعوبها والبعض الآخر خائف من الضغوط الدولية، باستثناء دول الخليج خصوصاً السعودية وقطر اللتين قدمتا الكثير للثورة السورية. نعول على الدور السعودي والخليجي بشكل عام، في لجم ودحر التغول الإيراني ووصفه لسوريا بأنها المحافظة رقم 35.
■ دعمت فرنسا الثورة السورية وطالبت مراراً برحيل الأسد، لكن هذا الموقف قد يتغير في حال فوز اليمين المحافظ في الانتخابات الرئاسية المقبلة؟
□ نعم كان الموقف الفرنسي مشرفاً جداً وداعماً للثورة السورية ومطالب الشعب السوري بالتحرر منذ البداية، واستقبلنا الرئيس فرانسوا أولاند مراراً، كان آخرها خلال اجتماع أصدقاء الشعب السوري، وعبر لنا عن وقوف فرنسا إلى جانب اللاجئين في محنتهم، وتقديم المساعدات الانسانية العاجلة لهم. كما عملت فرنسا على وقف إطلاق النار وفرض هدنة لكن النظام الروسي أجهض محاولتها. فرنسا تبقى أكبر صديق للشعب السوري، خارج إطار الأخوة العربية.
لا أعتقد أن أي رئيس فرنسي منتخب يمكنه الخروج عن المواقف الفرنسية المعهودة بدعمها للديمقراطية والحرية وحقوق الانسان. كما أنني، لا أظن أن أي رئيس فرنسي منتخب سواء كان من اليمين أو اليسار، يسعى لمصلحة بلاده، يمكنه أن يضع نفسه في عربة يقودها القطار الروسـي.
كما أشك في أن يقدم فرانسوا فيون في حال انتخابه رئيساً لفرنسا، على تطبيع العلاقات مع نظام دموي ومستبد، لأن الشعب الفرنسي لن يقبل هذا الأمر، ولأن بشار الأسد لم يعد يمثل نظاماً، بل أصبح شبكة إجرامية سلمت سوريا لإيران وميليشياتها.
■ هل تخشون من إدارة ترامب الجديدة، أن تساهم في الإجهاز على ما تبقى من الثورة السورية؟
□ ليس لدينا ما نخشاه أو نفقده، بقدوم الرئيس الأمريكي الجديد ترامب. فإدارة أوباما كانت سيئة بما يكفي خلال ست سنوات من عمر الثورة، وأفسحت المجال لدمار هائل في سوريا. نتمنى أن تكون الإدارة الجديدة واعية بمخاطر التدخل الايراني في المنطقة، بسبب الضوء الأخضر للادارة القديمة، وبسبب تحرير الولايات المتحدة لمليارات الدولارات لنظام الملالي بعد الاتفاق النووي المبرم مع طهران. نتمنى أن يضع ترامب حداً لهذه العجرفة الايرانية خصوصاً أنه هدد بنسف هذا الاتفاق.