انطاكيا ـ «القدس العربي»: تعاني مناطق سيطرة النظام السوري من أزمة طبية خانقة، جعلت غالبية الأدوية العامة والمخصصة منها للأمراض المزمنة شبه منعدمة، الأمر الذي دفع حكومة الأسد للتوجه نحو السوق الطبية السوداء، للحصول على الأدوية من جهات تجارية غير مهنية، حسب ما تداولته صفحات التواصل الاجتماعية المؤيدة للأسد.
وفي حادثة طبية عصفت بمناطق الأسد، أصيب عشرات الأطفال دون سنة الستة أعوام بحالات تسمم شديدة وحساسية مفرطة جراء شرائهم لأدوية منتهية الصلاحية مقدمة لهم عبر وزارة الصحة في حكومته، فيما تحدثت أنباء عن نقل بعض الأطفال للمشافي جراء تدهور أوضاعهم الطبية عقب تناول الأدوية الفاسدة.
حكومة النظام السوري طالبت عبر وزارة الصحة الصيدليات التابعة لها كافة بقرار رسمي حمل رقم /6904/، وممهور بقلم معاون وزير الصحة لشؤون الصيدلة والأدوية، الدكتورة هدى السيد، بإيقاف الأدوية المستخدمة لعلاج حالات السعال والتي تحتوي على مادة «الديكستروميتورفان» والمخصصة للأطفال دون سن الست سنوات.
كما شمل قرار وزارة الصحة المشافي التابعة لها كافة والمراكز الطبية والمديريات الصحية بما فيها تلك التابعة لقوات النظام بإيقاف، وعدم صرف المستحضرات الحاوية على مادة «الديكستروميتورفان» جراء حالات التسمم الحاصلة بين الأطفال دون سن الستة أعوام.
بدوره، قال الدكتور إيهاب السيد أحمد لـ «القدس العربي»: عشرات حالات التسمم حصلت في العاصمة السورية- دمشق منذ أسابيع، وازدادت حالات التسمم والحساسية المفرطة بشكل كبير، وفي حالات كثيرة تم إسعاف الأطفال إلى المشافي جراء تدهور أوضاعهم الصحية عقب تناولهم لأدوية السعال المنتهية الصلاحية، والمقدمة من قبل وزارة الصحة في حكومة النظام السوري.
وأشار الطبيب إلى إن دواء «الديكستروميتوفان» يستخدم بدون الحاجة لوصفات طبية لعلاج نزلات البرد والسعال، وهو من فئة المورفين، ولكن عندما تكون الحاجة لاستخدامه للأطفال دون الستة أعوام يجب استشارة الطبيب المختص قبل إعطائه للأطفال، لحمايتهم من تأثيراته الجانبية.
وزاد الدكتور السيد أحمد، غالبية الأدوية اليوم مفقودة بنسبة 85% في دمشق، وأسعار قسم كبير من الأدوية تضاعفت إلى نسبة 300%، وفي الخامس من شهر آذار/مارس الحالي رفعت وزارة الصحة السورية أسعار العديد من الأدوية ومن بينها «إلتروكسين من 280 إلى 930 ل.س، وألكاربتيك من 395 إلى 1935 ل.س، والميزاكول من 485 إلى 2160 ل.س، والكريب ستوب من 120 إلى 525 ل.س، وإمبروكسول من 170 إلى 375 ل.س»
من جانبه، تحدث الناشط الميداني في دمشق «واصل عبد الهادي» إلى غزو الأدوية غير معروفة منشأ الصيدليات التابعة للنظام السوري في العاصمة دمشق، والتي تأتي غالباً عبر طرق غير شرعية كـ «تهريب الطرود الدوائية من لبنان والعراق»، لتباع في الأسواق السوداء بشكل تجاري دون أي رقابة طبية.
وكانت قد شهدت حكومة النظام السوري منذ شهر نيسان/أبريل من العام المنصرم حتى الوقت الراهن، فضيحة طبية من العيار الثقيل، بعد أن طوت حكومتا نظام السوري السابقة والراهنة ملف فساد طبي تجاوزت قيمته 800 مليون ليرة سورية.
ملف الفساد الطبي تورط فيه عدد من مسؤولي الأسد الحكوميين وشخصيات نافذة حسب ما أكدت صحف مقربة من النظام السوري، حيث تسبب الفساد الطبي بإتلاف أكثر من مئتي ألف جرعة لقاح للأطفال في العشرين من شهر نيسان/أبريل من العام الحالي في مستودعات وزارة الصحة التابعة للأسد، بالإضافة إلى أدوية أخرى، جراء إهمال عملية التخزين والتبريد.