جنيف – إبراهيم حميدي؛ الرياض – «الحياة»

يتوقع ان تبدأ مفاوضات جنيف لحل الأزمة السورية اليوم بمشاورات، في ظل شكوك حتى مساء أمس في شأن مشاركة هيئة المفاوضات التي تابعت اجتماعاتها امس في الرياض. ولن تكون مفاوضات جنيف كغيرها من عمليات السلام. ولن تشبه «جني ف-٢» عندما اجتمع وزراء خارجية وممثلو ٢٠ دولة في احتفالية كبيرة بداية عام ٢٠١٤، لإطلاق مفاوضات مباشرة بين «ممثلي النظام والائتلاف الوطني السوري» لم تؤد بعد جولتين إلى تحقيق اختراق. فأقصى ما يطمح اليه المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا هو أن يبدأ «في الأيام المقبلة» مشاورات مع أحد الأطراف السورية، الذي قد يكون «وفد الحكومة» على أمل أن يجتمع لاحقاً «في غرفة أخرى وموعد آخر» مع وفد معارض. وكان جورج صبرا، نائب رئيس وفد المعارضة الى المفاوضات أكد أمس أن وفد الهيئة لن يذهب غداً (اليوم) الى جنيف. كما أكد الناطق باسم الهيئة منذر ماخوس لوكالة «فرانس برس» أنها «لن تكون في جنيف اليوم لأنها لم تتخذ بعد قراراً بالمشاركة». (للمزيد)

ولم يكن مكتب المبعوث الدولي، حتى مساء أمس، يعرف أعضاء الوفود القادمة إلى جنيف ومواعيد وصولها. إذ إن كل طرف استمر إلى آخر لحظة في الضغط للحصول على «تأكيدات وضمانات» تعزز موقفه التفاوضي قبل بدء المشاورات لتحويلها إلى مفاوضات غير مباشرة ثم الى مفاوضات مباشرة بعد الاتفاق على جدول الأعمال في عملية قد تستمر ستة أشهر. وقال دي ميستورا في خطاب تلفزيوني مسجل وجهه الى السوريين انه يأمل في إجراء «مفاوضات خلال الايام المقبلة» محذراً من «الفشل»، قبل أن توضح ناطقة باسمه ان المحادثات – المشاورات ستبدأ اليوم.

«العقدة» الأولى، التي سعت الهيئة التفاوضية العليا المنثبقة من مؤتمر الرياض، الى حلها، تتعلق بالإغاثة ووقف قصف المناطق المدنية وإطلاق معتقلين. وحصلت الهيئة على رسالة من دي ميستورا أمس تضمنت «رأيه الشخصي» أن «القضايا الانسانية فوق التفاوض»، وسعت الهيئة الى تأكيدات بعدم وجود «صفقة تضمنت التخلي عن بيان جنيف» وعدم بحث تشكيل هيئة حكم انتقالية. وقال عضو في الهيئة لـ «الحياة» أمس: «نريد الذهاب إلى جنيف للتفاوض وليس لإيصال الإغاثة لأن المساعدات الانسانية خارج التفاوض وفوق التفاوض وواجبة التطبيق». وأضاف: «النظام يريد مقايضة المساعدات الانسانية مقابل بيان جنيف».

لم يكن هذا كافياً لاتخاذ قرار في الهيئة بالذهاب الى جنيف. السياسيون في الهيئة ميالون للذهاب أو ارسال وفد من ثلاثة اشخاص بينهم رئيس الهيئة رياض حجاب الى جنيف لإعلان موقفهم والتفاوض على شروط بدء التفاوض. العسكر متشددون «لأننا تحت ضغط الحاضنة الشعبية، كيف لنا ان نتفاوض والصواريخ والغارات على رؤوس أهلنا؟».

أما «القائمة الروسية»، فإن قادتها الخمسة انتقلوا أمس من لوزان الى جنيف، وسعوا الى تحسين شروطهم. بعث رؤساء «الجبهة الشعبية للتحرير والتغيير» قدري جميل و «الاتحاد الديموقراطي الكردي» صالح مسلم و «مجلس سورية الديموقراطي» هيثم مناع وإلهام احمد ورندة قسيس رسالة مشتركة الى الامم المتحدة، تضمنت المطالبة بـ «التمثيل نفسه بالعدد والصلاحيات» مع الهيئة التفاوضية، اي ١٥ عضواً في الوفد و١٥ احتياطياً.

وتتمسك الشخصيات المعارضة، التي تشكل «التيار الديموقراطي»، بحقها بتلقي دعوة كـ «مفاوضين كاملي الصلاحية وليس مستشارين»، ما استدعى اتصالات ورسائل وضمانات، كي تصل دعوة خطية الى جميع الموجودين الـ ١٥ في القائمة التي كان بعثها جميل الى دي ميستورا قبل اسبوع مع وفد احتياطي أسوة بما حصل مع الهيئة التفاوضية. وقال أحد المعارضين في «القائمة الروسية» لـ «الحياة»: «نريد الصلاحيات والعدد واستقلالية المرجعية نفسها».

أما في دمشق، فقد تلقى وزير الخارجية وليد المعلم دعوة لترؤس وفد الحكومة الى المفاوضات. القرار السابق كان أن يكون نائب وزير الخارجية فيصل المقداد «مشرفاً عاماً على الوفد ومقره دمشق» وان يكون رئيس الوفد هو السفير السوري في الامم المتحدة بشار الجعفري. ويتوقع ان يصل جنيف اليوم، بأولوية، هي «محاربة الارهاب» و «توجيه سياسي واحد، هو ان المعارضة لن تأخذ على مائدة المفاوضات ما لم تحصل عليه في ساحات الوغى».

وفي حال وصلت الوفود، يبدأ دي ميستورا مشاوراته اليوم في شكل تصاعدي للوصول الى المفاوضات. وتتضمن الخطة ان يقدم خطته لتطبيق القرار ٢٢٥٤ بتفويض دولي وتفاهم اميركي – روسي. ثم يطلب أجوبة عن تصورات كل فريق للمفاوضات.

وفي الرياض أوضح القيادي السوري المعارض محمود الكسر أن اجتماع الهيئة العليا خرج بمجموعة من الرؤى، أهمها «وجوب المشاركة في المفاوضات على أن يكون بلا إملاءات أو شروط تحاصر الوفد، وأن الدول التي تساند النظام لا تملك بديلاً، وحتى لو أنشأت بديلاً فإنه لن يكون مجدياً ولا يتمتع بالشرعية».

وقال في اتصال مع «الحياة» أمس: «الهيئة العليا لم تتفق على صيغة بعينها، إلا أن التصور العام هو الذهاب إلى المفاوضات، وخصوصاً أن التوجه الدولي يصب في اتجاه المشاركة مع حق عدم قبول أي نقاط يراها الوفد لا تصب في مصلحة الشعب السوري». وزاد: «أكثر ما يثير القلق هو تحركات دي ميستورا وتوجيهه دعوات في شكل انفرادي لحضور المفاوضات، وألاّ يتم التفاوض في شكل مباشر، بل من طريق جلسات جانبية»، مضيفاً أن «دي ميستورا وجه دعوات في شكل منفرد إلى هيثم مناع وصالح مسلم وقدري جميل، وهم محسوبون على نظام بشار في شكل أو آخر، وعندما أغلق عليه الطريق من وفد الرياض أعاد توجيه الدعوة إليهم بصفتهم مستشارين، إذ يحق له تحديد مستشارين كما يشاء، لكن لا يوجد سوى وفدين فقط هما وفد النظام والوفد الممثل للمعارضة، الذي هو من ثمرات مؤتمر الرياض».