مرتكزات العمل الوطني

لإنقاذ البلاد وتحقيق أهداف الثور

 

أدت الظروف الإقليمية والدولية والذاتية التي عصفت بالثورة، والأوضاع التي آلت إليها البلاد جراء ما ارتكبه النظام وحلفاؤه وداعموه من الروس والإيرانيين وميليشياتهم من جرائم فادحة بحق الشعب، إلى تسليم مقدّرات البلاد للدول المتعدّدة التي تحتلّ أرض سورية، وتنتهك سيادتها واستقلالها.

ونتيجة للتبدّد الحاصل في قوى الثورة والمعارضة، والتشوّه والعطالة وفقدان الاستقلالية في مؤسساتها السياسية والعسكرية، مع نمو روح التطرّف والفئوية والعنف التي ترعرعت في الجسد السوري نتيجة عنف النظام وميليشياته والمنظمات الإرهابية الأخرى؛ فإن النضال الوطني التحرري في هذه المرحلة يحتاج إلى مرتكزات وطنية، تحدّد الأهداف والوسائل المعتمدة لتحقيقها. منها مرتكزات ثابتة وموضوعية وأخرى جديدة، تفرضها الوقائع المستجدة على بلادنا وحياة شعبنا خلال سنوات المحنة. وهي مرتكزات لا غنى عنها لتكوين عتبة مشتركة للسوريين من أجل الانطلاق باتجاه العملية السياسية وإجراء التغيير لبناء سورية الجديدة.

1 – الحفاظ على الهوية الوطنية وعلى وحدة سورية أرضاً وشعباً، واستعادة وصيانة استقلالها وسيادتها.

2 – سورية جزء من العالم العربي، وتشكّل الثقافة العربية والإسلامية وكل الثقافات السورية الأخرى، وما ينهله شعبنا من مناهل المعرفة والفكر الإنساني العالمي، معيناً مشتركاً لقيم السوريين العليا، وعلاقاتهم الاجتماعية وعيشهم المشترك وإنتاجهم الفكري والثقافي الخلّاق.

3 – تتساوى مكوّنات الشعب السوري كافة (السياسية والدينية والإثنية والطائفية والمذهبية) في الحقوق والواجبات، مع ضمان الاحترام الكامل لعقائدها وثقافتها وتراثها وعاداتها وتقاليدها كمصدر غنى للنسيج السوري في الدولة والمجتمع. والمواطنة هي العلاقة الأساس والأرفع التي تجمع كل السوريين وتوفّر لهم العدالة وتكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون

4 – قامت الثورة السورية المجيدة من أجل الحرية والعدالة وكرامة الإنسان. وهي ثورة وطنية اجتماعية مدنية ضد الظلم والفساد والاستبداد. لا تحمل أي صفة فئوية طائفية أو مذهبية، بل تخصّ جميع السوريين وتعنى بهم.

5 – تحتاج سورية -ويعمل أبناؤها -لإقامة نظام وطني عصري وعادل، يحقّق المشاركة الشعبية في صياغة السياسات الوطنية في الدولة والمجتمع. وبناء دولة مدنية ديمقراطية، يتمّ تداول السلطة فيها وفق الإرادة الشعبية، وعبر انتخابات حرّة ونزيهة. مع رفض كل أشكال المحاصصة بما فيها السياسية والطائفية. ويعتمد نظام الحكم الحياة الدستورية وسيادة القانون. ويستند إلى مبدأ الفصل بين السلطات، واستقلال القضاء، وضمان الحريات والحقوق المدنية والسياسية المتساوية للجميع.

6 – تعتمد الدولة السورية مبدأ اللامركزية الإدارية في إدارة شؤون البلاد، بما يوفّر صلاحيات وافية وحقيقية وفعّالة لإدارة جميع المناطق والمحافظات من قبل أبنائها بالذات، عبر السلطات المحلّية المنتخبة مباشرة من الشعب، دون أن ينعكس ذلك سلباً على وحدة البلاد.

7 – الدولة كيان سياسي محايد، تبقى على مسافة واحدة من الأفراد والجماعات المكوّنة لها، والتي تعيش فيها. تدار السلطة فيها وتمارس بطريقة تداولية وفق إرادة الشعب ومصالحه، التي يعبّر عنها بحرية كاملة عبر انتخابات حرّة ديمقراطية ونزيهة.

8- حرية الاعتقاد والتعبير والوصول إلى المعلومات وتكوين الأحزاب السياسية وإنشاء الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني حقّ للجميع في إطار القانون ووفق دستور البلاد، وبما لا يتعارض مع مبادئه. مع التأكيد على دور منظمات المجتمع المدني في بناء الدولة والمجتمع.

9- تتمتّع المرأة بكامل حقوقها العامة والفردية في إطار المساواة التامة مع الرجل. وتعمل الدولة على تمكينها، وتضمن إسهامها الفاعل والمكفول دستورياً وقانونياً في جميع المؤسسات الرسمية والهيئات الاجتماعية ومواقع صنع القرار.

10-اعتبار القضية الكردية قضية وطنية سورية، يجب معالجتها على قاعدة الوحدة الوطنية والحقوق المتساوية مع الجميع، والعمل على ضمان الحقوق اللغوية والثقافية للمواطنين الكرد دستورياً.

11-الشعب السوري مصدر السلطات والمخوَّل باختيار الطريقة التي يوضع بها الدستور عبر ممثّليه الحقيقيين الذين ينتخبهم بحرية. وهو وحده صاحب الحقّ في إقراره ومنحه الشرعية واعتماده.

12-تحتكر الدولة حقّ حيازة السلاح واستخدامه. ولا تسمح تحت أي مبرّر بوجود الميليشيات. وتوفّر الشروط القانونية والواقعية لنشاط الأفراد والجماعات في الإطار السلمي القانوني وتحت سقف الدستور. وتتيح لهم إمكانية التعبير والاحتجاج بالطرق السلمية. وتترك للمجتمع فضاء العقائد والثقافات والأفكار.

13-تلتزم الدولة السورية بالمعاهدات والمواثيق والعهود الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، وخاصة تلك التي هي طرف فيها. وتلغي جميع التشريعات المتناقضة معها، كما تلتزم باحترام الحقوق الدينية والثقافية واللغوية المشروعة لجميع مكوّناتها. وترعاها في إطار من التضامن الاجتماعي والاحترام المتبادل والوحدة الوطنية.

14-تؤدّي سورية مقتضيات عضويتها في جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وهيئة الأمم المتحدة والمنظمات المتفرعة عنها. وتنضم إلى نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية، وتضمن عدم تكرار انتهاكات حقوق الإنسان على الأرض السورية.

15-سورية لكل السوريين من هم بداخلها، ومن هاجروا أو هُجِّروا منها. ولهم كامل الحقّ في العودة الآمنة إلى بيوتهم وأرضهم وممتلكاتهم والعيش فيها دون قيد أو شرط. مع إلغاء القرارات والقوانين ذات العلاقة والمتخذة بعد آذار من عام 2011، وهذا يتضمّن

قرارات المنح والاستملاك والتجنيس التي تمّت بعد ذلك التاريخ، بما في ذلك منح الجنسية لغير السوريين. وإبطال قرارات وإجراءات مصادرة الممتلكات والتغيير الديمغرافي والتهجير القسري أو الطوعي، الفردي والجماعي. وإلغاء جميع النتائج المترتّبة عليها باعتبارها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ومنح الجنسية السورية لجميع السوريين مكتومي القيد والذين امتنع عليهم الحصول عليها بموجب الاحصاء الاستثنائي في محافظة الحسكة عام 1962، ومعالجة الآثار القانونية المترتبة على ذلك.

16-الحلّ في سورية سياسي بالدرجة الأولى وبرعاية الأمم المتحدة، وفق بيان جنيف لعام 2012 والقرارات الأممية ذات العلاقة، وعبر تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية، مع ضرورة توفير الضمانات الدولية لإقرار هذا الحلّ وتنفيذه.

17-إن عملية الانتقال السياسي في سورية هي مسؤولية السوريين بدعم ومساندة المجتمع الدولي، بما لا يتعارض مع السيادة الوطنية. وتهدف إلى تأسيس منظومة حكم جديدة، تحقّق التمثيل العادل لسائر أبناء الوطن، وبناء دولة تقوم على مبدأ المواطنة والفصل بين السلطات واستقلال القضاء وضمان الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين جميعاً، دون أن يكون لرأس النظام وأركان نظامه ورموزه مكان فيها.

18-تشكّل العدالة الانتقالية شرطاً أساسياً لنجاح عملية الانتقال السياسي. وترتدي أهمية قصوى في تحقيق الأمن والاستقرار والمصالحة الوطنية، وردع نزعات الثأر والانتقام المحتملة، مع ضرورة إنصاف الضحايا وردّ المظالم إلى أهلها، تمهيداً لعملية المساءلة والمحاسبة عبر المؤسسات الرسمية وأجهزة القضاء.

19- الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية وإصلاحها لضمان تكافؤ الفرص، مع وجوب إعادة تشكيل وهيكلة مؤسساتها الأمنية والعسكرية، بما يضمن بناءها على أسس وطنية واحترافية، ووضعها في إطار النظام العام وتحت سلطة القانون. بحيث تنحصر مهامها في الدفاع عن الوطن والشعب وحماية أمن الوطن والمواطن، والحفاظ على حرية واستقلال سورية وسلامة أراضيها. وتخضع في ذلك للسلطة السياسية وقرارات الحكومة الشرعية. وتلتزم الحياد السياسي، إذ يمنع على أفراد الجيش والأجهزة الأمنية ممارسة النشاط السياسي أو الانتماء إلى أحزاب أو تيارات سياسية ما داموا في الخدمة.

20- حلّ جميع المليشيات والجماعات السورية المسلحة (العسكرية وشبه العسكرية). وإخراج كافة المقاتلين والمليشيات غير السورية، وجميع الجيوش الأجنبية من سورية.

21- منع كافة أشكال التدخل الخارجي في شؤون البلاد، من أي جهة كانت وتحت أي عنوان، وإلغاء سياسات التبعية والانحياز والولاء التي أسّسها النظام ورسّخها.

22-محاربة الإرهاب بكل أشكاله ومصادره، والتصدّي للمرتكزات والحواضن الفكرية والسياسية والتنظيمية التي تغذّيه كالتطرف والطائفية والفساد والاستبداد، والعمل على تجفيف مصادر دعمه وتمويله.

(من فصول الوثيقة البرنامجية التي اقرها المجلس الوطني للحزب أواسط كانون الأول 2020 )