إلى جانب كونه عيدًا للمرأة، احتضن يوم الثامن من آذار/ مارس 1920 مناسبة سورية عظيمة، وربما الأعظم، هي ميلاد الدولة السورية ذاتها، فقبل هذا التاريخ لم تكن سورية كدولة موجودة، بل كانت جزءًا إمبراطوريات كبرى، كانت آخرها الإمبراطورية العثمانية التي انتهت مع نهاية الحرب العالمية الأولى 1918.
في هذا اليوم من عام 1920 قام محمد عزة دروزة، وهو من نابلس/فلسطين، بقراءة بيان استقلال سورية الكبرى باسم (المملكة السورية العربية) على الجماهير المحتشدة في ساحة المرجة أمام مبنى بلدية دمشق، رافضًا الانتداب الفرنسي المعلن.
وقد صدر هذا البيان عن (المؤتمر الوطني السوري) الذي امتدّ عمره من 7 حزيران/ يونيو 1919 ولغاية 19 تموز/ يوليو 1920، وكان أول سلطة تشريعية سورية، وأول صيغة برلمانية في المنطقة العربية. فقد شكّل المؤتمر لجنة لوضع دستور دائم للبلاد، ونصّ بيانه على تحويل البلاد إلى دستورية مدنية، وكفالة الحريات السياسية والاقتصادية، وحقوق الطوائف الدينية، والتساوي بين المواطنين، وعلى لا مركزية الإدارة. كما تطرق البيان لحقوق الشعوب في تقرير مصيرها، ومبادئ الرئيس الأمريكي ويلسون، ورفض المشاريع الصهيونية أو أي تقسيم لسورية.
ضمَّ المؤتمر نحو تسعين عضوًا من أنحاء سورية الكبرى كلها، ومن بينهم محمد فوزي باشا العظم، إلياس عويشق، سعد الله الجابري، محمود البارودي، يوسف لينادو (من يهود دمشق)، هاشم الأتاسي، خالد البرازي، رياض الصلح، إبراهيم هنانو…، وآخرين كانوا من أهم رجالات سورية.
وضمت خارطة الدولة السورية الوليدة آنذاك أراضي سورية الحالية، ولبنان وفلسطين والأردن، إضافة إلى بعض المناطق في جنوب تركيا الحالية.
دامت هذه الدولة، التي تعدّ أول دولة سورية مستقلة، أقل من 5 أشهر، إلى أن دخلت القوات الفرنسية إلى دمشق في 24 تموز/ يوليو 1920، بعد معركة ميسلون.
من الملاحظ سعي السلطة الحاكمة لمحو ذاكرة السوريين قبل تاريخ 8 آذار 1963، وكأن سورية ولدت في يوم ميلاد البعث، وما قبله مرحلة جاهلية لا أكثر، مثلما تجري اليوم محاولة محو ذاكرتهم بعد آذار 2011.
هل هناك مناسبة أهم من ذكرى تأسيس دولتنا، خصوصًا مع مرور مئة عام عليها اليوم 8 آذار 2020؟!