صحيح أن فيروس كوفيد 19 يضرب معظم شعوب الأرض وفي قاراتها الخمس، غير أن معاناة السوريين في ظل نظام الأسد لعصابات النهب والفساد والقتل الجماعي ترتدي ثوباً خاصاً يصدق عليه المثل الشعبي ” موت وعصة قبر “. 

  فسلطة آل الأسد التي ولغت بدم الشعب السوري بكل الأشكال منذ تسع سنوات وأكثر، وحرمته حقه في الحياة الحرة الكريمة والآمنة منذ أكثر من نصف قرن، لا ينتظرن أحد منها أن تكون حريصة على حياته ومعنية بصحته في هذا الزمن الصعب الذي تمر به المنطقة – وسورية على وجه الخصوص – بسبب تفشي مرض كورونا بشكل مستفحل فيهما، ونتيجة ارتكابات النظام المنفلتة من كل عقال أخلاقي أو اجتماعي أو قانوني أو إنساني.

   فبعد تستره لأسابيع وأشهر على وجود المرض وانتشاره، ودون أن يفعل شيئاً ذا جدوى وفعالية في الميدان الصحي لتوفير أسباب الوقاية والعلاج، حرص على عدم نشر الوقائع والإحصاءات المتعلقة بالمرض والمصابين وأماكن انتشاره وحجم الضحايا، ومنع كل الجهات والمؤسسات الصحية والعاملين فيها – تحت طائلة العقوبة – من تسريب أي أخبار أو وقائع مما يجري فيها. ومع ذلك فالأخبار التي تخرج همساً وتسريباً من محافظتي مدينة دمشق وريف دمشق تبدو مرعبة ومنذرة بالأسوأ، لجهة عدد الإصابات بالمرض وأرقام الضحايا، وأشكال العناية – وعلى الأصح عدم العناية – المزرية في المشافي والمستوصفات والمؤسسات الصحية المختصة. في ظل أزمة اقتصادية مستفحلة، تبدأ من التضخم والغلاء الفاحش وانعدام توفر ضرورات العيش بأبسط أشكاله، ولا تنتهي بالابتزاز والغش والاعتداء. إنه شكل من أشكال الموت الجماعي بصمت وعزلة وانفراد، يسببه النظام للسوريين دون أي مساءلة. مثلما فعل في جرائم القتل الجماعي التي نفذها بالنابالم والقنابل العنقودية والبراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً حتى بين الأعداء. ويشهد على ذلك أطفال زملكا وسراقب ومعرة النعمان والعديد من المدن والبلدات في مختلف أنحاء البلاد.

   وهاهو اليوم، وبعد أن بلغ السيل الزبى، ولم يعد التكتم ممكناً أو مجدياً، بدأ بنشر بعض الحقائق عما يجري، مبرئاً نفسه وسانداً إياها إلى أسباب خارجية متعلقة بحالة الحصار والعقوبات الدولية التي يتعرض لها. في وقت يعرف فيه القاصي والداني أن المنتجات الغذائية والدوائية مستثناة من تلك القرارات والإجراءات التي فرضت عليه، وكانت من نتائج جرائمه وارتكاباته بحق الشعب. فكل آلام السوريين وعذاباتهم المفتوحة بكل الأشكال والألوان من كل الجهات وفي جميع أصقاع الأرض، يتحمل نظام الأسد أسبابها ومسؤولياتها وتبعاتها بشكل مباشر أو غير مباشر؛ لأنه – وبدعم من حلفائه – من فتح باب المحنة الطويلة على السوريين، ويرفض باستمرار إغلاقه.

  ولأن انتشار المرض في البلاد على شكل وباء قاتل يبدو متسارعاً وخارجاً عن السيطرة. والمؤسسات الطبية متروكة بين معطوب ومعطل وخارج من الخدمة، ولأن آخر اهتمامات النظام تأهيل النظام الصحي ومؤسساته، وتوفير أسباب الرعاية والعناية الطبية لشعبه، فإن الأنظار والنداءات تتوجه إلى الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية لتحمل مسؤولياتها، وتفعل شيئاً في هذا المجال لمساعدة السوريين المتروكين عربياً وإقليمياً ودولياً، والمستفردين من قبل النظام وطغمته وداعميه.

 يقول كثيرون: لا حياة لمن تنادي. ليكن الله في عون السوريين على تحمل جائحتين كورونا، ونظام التوحش الأسدي.