تحدت نظام بشار الأسد بصوتها ولم تخشَ فروعه الأمنية، وتصدرت شاشات وسائل الإعلام خلال ظهورها في معظم تظاهرات حمص إلى جانب الناشط وحارس مرمى سوريا (سابقاً) عبد الباسط ساروت.

إنها الفنانة السورية، فدوى سليمان، التي توفيت أمس، في العاصمة الفرنسية، باريس، بعد صراع طويل مع مرض عضال (السرطان)، وفقاً لما ذكره فنانون سوريون قريبون منها، وبينهم فارس الحلو.

وكتب فارس في حسابه على «فايسبوك»: «الزميلة والصديقة والبطلة فدوى سليمان. ننعى إليكم وفاة الفنانة السورية التي أجبرت العالم على رؤية الحقيقة إثر مرض عضال. الرحمة والسلام لروحها الثائرة».

وكانت فدوى من أوائل الفنانين السوريين الذي أعلنوا انضمامهم إلى الثورة السورية في مراحلها الأولى، قبل أن تغادر إلى باريس بعدما أصبحت حياتها وحياة عائلتها مهددة من النظام في سوريا.

بعد تدهور الوضع الأمني في حمص، توجهت الفنانة الراحلة خارج البلاد، لتكمل رسالتها الثائرة على نظام القتل والاستبداد، واختارت العاصمة الفرنسية للإقامة فيها أعواماً انتهت بوفاتها اليوم في أحد مستشفياتها.

وكانت فدوى التي تنتمي إلى الطائفة العلوية، وجهت رسالة إلى الفنانين قالت فيها إن «على كل الفنانين أن يخرجوا عن صمتهم تجاه الثورة، وخصوصاً المستقرين منهم خارج سوريا، ولديهم الضمانات المادية التي تكفل عيشهم».

ومنذ انخراط الفنانة الراحلة في مساندة الثورة السورية، عبّرت عن مواقفها الصارمة من نظام الأسد، فرأت بأن هذا النظام، ومنذ عهد حافظ الأسد، قد «أقام حكمه على التفرقة» فضلاً عن استغلاله «للأقليات» كما تقول.

وكشفت الفنانة، كيفية قيام نظام الأسد بـ«تفريغ» طائفته التي ينحدر منها، مثلما فرّغ بقية الشعب السوري، بقولها إن نظام الأسد استغلّ أفراد الطائفة التي ينحدر منها، واعتمد «عليهم كمورد بشري في صناعة الجيش» فزاد «في إفقارهم» و«فرّغ» طائفته مثلما «فرّغ» بقية أطياف المجتمع السوري. على حد قولها، في تصريحات صحافية مصوّرة.

ومنذ وصلت الفنانة الراحلة إلى فرنسا، عام 2012، اشتركت في تظاهرة حاشدة مناهضة لنظام الأسد، وقالت عبر الميكرفون: «خاين خاين خاين.. النظام السوري خاين» و «من يخون أي نقطة دم في سوريا هو الخائن». وكرّرت إطلاق أشهر شعار للثورة السورية بقولها: «واحد واحد واحد.. الشعب السوري واحد». ثم ذكرت مدينة حمص السورية التي كانت تحتضن أكبر التظاهرات السلمية ضد نظام الأسد، وتظهر فيها الفنانة الراحلة في مرات كثيرة، وقالت: «يا حمص نحن معك للموت».

وللفنانة الراحلة مواقف سياسية وفكرية وصفت بالجريئة والجوهرية، نظراً لما تتضمنه من تسمية للأشياء بمسمياتها الحقيقية، كما يقول معارض سوري. حيث دأبت الفنانة على الإشارة إلى «طائفية» نظام الأسد.

ومما قالته في سياق فضح التركيبة الطائفية للنظام السوري الذي لا يوفّر مسعى لتشويه صورة الثورة السورية، إن ذلك النظام، ومنذ عهد حافظ الأسد، استغلّ فقر طائفته، وهي طائفة العلويين، وقسّم البلاد طائفياً. وكذلك كشفت في تصريحات مختلفة أن نظام الأسد «لم يخدم طائفته، بل جهّلها وفقّرها وساقها إلى الجيش». حسب تصريحها.

وقالت سليمان، إن نظام الأسد نفسه هو من ساهم «بعدم نشر العلمانية» بل إنه «استغلّ الأقليات كورقة رابحة، وسوّق نفسه حامياً لها» متسائلة باستنكار: «حامياً لها مِن مَن؟».

وأكّدت الفنانة سليمان أن نظام الأسد «ربط طائفته به». مع أن الذي يحصل في سوريا «ليس حرباً على الطائفة». مؤكدة في تصريح متلفز، بالقول إن من يموتون من «العلويين» لصالح نظام الأسد، إنما «يموتون لأجل رجل مجنون في السلطة». على حد قولها.

واختصرت الفنانة موقفها من نظام الأسد، لدى سؤالها عن اشتراكها في تظاهرات مناهضة لنظام الأسد مطالبة بإسقاطه، مع أنها من طائفته، بقولها: «الشعب السوري ليس طائفياً، بل نظام الأسد هو الطائفي» وأكّدت أنها لا تنتمي لأي طائفة، مثلما أن الديكتاتورية «لا دين لها ولا طائفة». على حد قولها.

وكانت نقابة الفنانين التابعة لنظام الأسد قد طردت فدوى منها مع عدد من الفنانين السوريين الذين أيدوا الثورة السورية.

وتخرجت فدوى (مواليد 1970) من المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، ودرست دورة إخراج مسرحي في فرنسا. وشاركت في العديد من الأعمال التمثيلية والصوتية.

وأعرب سوريون عن حزنهم لوفاة سليمان، مذكرين بشجاعتها ومواقفها المناهضة لظلم نظام بشار الأسد.

وكانت الراحلة سليمان تخفي مرضها، إلا أنها اختفت كلياً ولم تظهر على الشاشات منذ أكثر من عامين، وقالت عنها إحدى صديقاتها إنها لم تعلن موضوع مرضها القاتل، لأنها لا تريد أن ينظر إليها الآخرون بعين الشفقة والرحمة، وأحبت أن تبقى تلك المرأة الثائرة القوية فقط في أذهان الناس.

آخر أعمال فدوى كان مسلسل (أمل) الذي يجسد قصصاً من بداية ثورة الشعب السوري ضد جلاديه، واشتهرت قبل الثورة بأعمال الدوبلاج أكثر من شهرتها كفنانة أمام العدسات.

(السورية.نت، كلنا شركاء، العربية.نت)