موناليزا فريحة – النهار

صعدت تركيا عملياتها العسكرية في سوريا في شكل كبير وقصفت مقاتلاتها مقاتلين أكراداً مدعومين من الولايات المتحدة في شمال البلاد بأكثر من غارة جوية، في الوقت الذي تكثف واشنطن جهودها ضد “داعش” في سوريا والعراق.
ويأتي التصعيد التركي مع بدء المعركة المنتظرة لتحرير الموصل، ووردود تقارير عن سعي واشنطن لحشد قوة لاستعادة الرقة، عاصمة الخلافة المفترضة، مع معارضة أنقرة اقتراحاً أميركياً للاستعانة ب”قوات سوريا الديموقراطية” التي يتزعمها الاكراد لهذه المهمة، مطالبة بقوات عربية لتولي العملية.
وقالت صحيفة “الوول ستريت جورنال” الاربعاء إن مسؤولين أميركيين التقوا في الاسابيع الاخيرة قادة في التحالف المناهض ل”داعش”، بمن فيهم أتراك لصوغ اتفاق على بدء هجوم قريب على الرقة.
ووسط هذه الاجواء، تعتبر الضربة التركية لمواقع قوات كردية موالية لواشنطن مفاجئة، وتعكس اختلافاً كبيراً في الأولويات بين الدول المفترض أنها تركز على الحرب ضد “داعش”.
وحصلت الغارات على مواقع “قوات سوريا الديموقراطية”، وقت كان مقاتلوها يتقدمون شرقاً من عفرين في اتجاه منبج التي لا يزال “داعش” يسيطر عليها.
وحسب قائد “وحدات حماية الشعب” محمود بارخدان أن الدبابات التركية كانت تقصف مواقع ل”قوات سوريا الديمقراطية ” وانضمت اليها مقاتلات خلال الليل، في قصف ثلاث قرى شمال شرق مدينة حلب، هي حسياء وأم القرى وأم الحوش، وتقع على مسافة نحو 30 كيلومترا غربي الباب، آخر بلدة كبيرة لا يزال “داعش” يسيطر عليها في شمال غرب سوريا.
وأكد الجيش التركي أن طائراته الحربية نفذت 26 ضربة جوية على 18 هدفا لمسلحي “وحدات حماية الشعب في شمال سوريا وقتلت ما بين 160 و200 من المسلحين.
لكن المرصد وبارخدان أوردا عدداً أقل بكثير للقتلى، قوتحدثا عن 11 قتيلاً وعشرات جرحوا.
وفي أي حال، تظهر الغارات عزم أتراك على منع الأكراد السوريين من تعزيز مكاسبهم. وهي تعتبر الأعنف على القوات الكردية منذ شنت تركيا حملتها العسكرية داخل سوريا قبل شهرين. وجاءت بعد ساعات من تحذير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أن تركيا قد تتصرف بشكل منفرد للقضاء على أعدائها في الخارج.
كما جاءت قبيل زيارة مرتقبة يقوم بها وزير الدفاع الأميركي اشتون كارتر لأنقرة غدا الجمعة.
وكانت تركيا دخلت الصراع السوري مباشرة في آب مستخدمة قوتها المدرعة والجوية لمساعدة فصائل “الجيش السوري الحر” المعارض للاستيلاء على أراض يسيطر عليها “داعش” قرب الحدود.
لكن تدخلها هدف منذ البداية أيضاً إلى منع “قوات سوريا الديموقراطية” من كسب مزيد من الأراضي، علماً أنها كانت هذه تتقدم شرقاً صوب الباب، وهي البلدة التي تسعى تركيا أيضاً الى السيطرة عليها.

15 كيلومتراً
حالياً، وبعد أكثر من شهرين من بدء عملية “درع الفرات”، صارت القوات التركية على مسافة 15 كيلومتراً في الجيش السوري في حلب، وهي تقصف القوات الكردية التي تفصل بينها وبينه، فما موقف الروس مما يحصل؟.
منذ بدء عملية “درع الفرات”، بدا أن ثمة تواطؤا تركياً-روسياً. وأفادت تقارير أن الروس أبلغوا بالعملية قبل اطلاقها، وأنهم لن يعارضوها طالما بقيت ضمن حدود جغرافية معينة وبعيدة من مواقع الجيش السوري حول حلب. ومع إعلان أردوغان صراحة أنه ينوي السيطرة على الباب التي لا تزال في قبضة “داعش” ومنبج التي حررتها “قوات سوريا الديموقراطية” من مقاتلي التنظيم، ليس واضحاً ما اذا كان حصل ضمناً على موافقة الروس أم أنه يجس النبض.
وفي اتصال هاتفي بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتركي مساء أمس، اتفق الجانبان على إخراج مقاتلي “النصرة” من حلب، في ما اعتبره البعض حلقة جديدة من صفقة تركية- روسية التي أتاحت لتركيا دخول روسيا.
ولكن مع وصول الأتراك والمقاتلين السوريين الذين يدعمونهم إلى مسافة قريبة من مواقع الجيش السوري في حلب، صار الفاصل بين الجانبين رقعة من الاراضي تسيطر عليها “قوات سوريا الديموقراطية”. ولا شك في أن وجود الأكراد على الضفة الشمالية لمواقع لجيش السوري يشكل عامل طمأنة له فيما يخوض معركته داخل حلب. ولكن في حال واصلت تركيا مع الثوار الذي تدعمهم تقدمها في اتجاه مواقع “قوات سوريا الديموقراطية”، يصير الوضع أصعب للروس الذين لن يستطيعوا السماح بعمليات عسكرية تركية كهذه

ويقول موقع “روسيا إنسايدر” ، ومقره موسكو: “حتى لو كان الأتراك غير مهتمين بمواجهة القوات السورية التي تدعمها روسيا، فإن مقاتلي “الجيش السوري الحر” لن يخسروا شيئاً في إثارة مواجهة تركية-روسية وجر أنقرة الى حرب”. فهل رسمت روسيا خطاً أحمر لأردوغان في سوريا؟

الإنذار الاول صدر عن الجيش السوري الذي هدد بإسقاط الطائرات التركية في حال قامت بتكرار اختراق الأجواء السورية، لافتاً  إلى أن “الغارات التركية أدت إلى مقتل العشرات من المدنيين”. فهل يلتزم أردوغان؟