بيان 

    يفتح التدخل التركي، في شمال شرق البلاد، فصلاً جديداً من الصراع الدولي والإقليمي على سوريا، وسيزيد من تعقيدات الوضع فيها أكثر مما هو معقد الآن، وتبعد الحل السياسي والعملية السياسية خارج المدى المنظور لتضعها في عالم الغيب. فبعد سنوات من الرفض والمراوغة الأميركية مع الاتراك لإقامة منطقة أمنة في الشمال السوري، اقتحمت القوات التركية الحدود ودخلت الشمال السوري الذي تسيطر عليه ميليشيا pyd وملحقاتها، بضوء أخضر أميركي وموافقة روسية. وهدفها المعلن من هذه العملية محاربة الإرهاب وإقامة منطقة أمنه لعودة اللاجئين السوريين. ورغم أنها ليست المرة الأولى التي تتدخل فيها تركيا بأراض سوريا، لكن هذه العملية هي الأكثر خطورة، إذ تتسم بعدم اليقينية والوضوح في التطور والمآلات، ويتمظهر فيها صراع الدول في سوريا وعليها تحقيقاً لمصالحها الخاصة، ولا علاقة لسورية والسوريين في هذا الصراع إلا من موقع الضحية. علماً أن هذا التدخل يصب موضوعياً في المصلحة الوطنية السورية بإجهاض مشروع الكانتون الكردي الذي تسعى إليه ميليشيات. Pyd  فالأهداف التركية أمنية وسياسية واستراتيجية تخصها كدولة، وتعبر عن قلقها الجدي ورغبتها في حيازة مناطق نفوذ وحصة معتبرة من الكعكة السورية طاما لا توجد توافقات دولية على حل القضية السورية.
  أما حزب pyd الذي يتلطى وراء قسد فهو ليس طرفاً وطنياً سورياً، إنما امتداد لحزب pkk التركي في السياسة والوسائل والأهداف، ويدار خارجياً من جبال قنديل. لقد اختطف هذا الحزب المنطقة كقوة احتلال، ووقف ضد الثورة السورية، وتعاون مع نظام الأسد وما يزال، فسلوكهم وتصرفاتهم كانت دائماً خنجراً بظهر الثورة مثل تصرفات النظام وداعش والنصرة والمنظمات الإرهابية الأخرى. واضطهد سكان المنطقة التي يحتلها بكل أطيافهم. فقمع تنسيقيات شباب الكرد واغتال مناضليهم (مشعل التمو وآخرين)، ومارس سياسية عنصرية ضد العرب. فدمر القرى وأحرقها وقتل المدنيين وهجرهم وأحرق السجلات العقارية، وسرق الثروات. وطالت جرائمه الكرد أيضاً من المختلفين معه، فلاحقهم ونكَّل بهم واعتقلهم وهجر الآلاف من مناصري المجلس الوطني الكردي. كما قاتل، الجيش الحر وساهم في حصار حلب. ولا ننسى سلوكه المشين عندما استعرض في الشاحنات جثث القتلى من الجيش الحر في عفرين.
    لكن ما يقلق من العملية التركية أن ضحاياها هم المدنيون من جميع المكونات، الذين يتعرضون للقتل والنزوح والتهجير. وتتضمن احتمالات لمخاطر حقيقية على سورية وطناً وشعباً. إذ تزيد في محنة انقسام السوريين، وتوسع الهوة بين العرب والكرد، وسيكون لها ارتدادات سلبية على البنية الاجتماعية والوحدة الوطنية التي حطمها نظام الأسد وتهشمت على يد داعش وحزب pyd وملحقاته. كما أنها تفتح الباب أمام بروز أشكال جديدة للتطرف والإرهاب، وقد تعمل على تعزيز النظام وعودته إلى المنطقة واستقوائه بإمكاناتها ومقدراتها. وتجدد الصراعات المسلحة والحروب بالوكالة بين السوريين.
  إننا في حزب الشعب الديمقراطي السوري نرفض جميع أشكال الاحتلال للأرض السورية والتطاول على إرادة السوريين، التي فرَّط بها نظام الأسد وجعلها مستباحة للدول والمليشيات. ونستنكر وضع السوريين وقوداً لتحقيق مصالح الدول وتنفيذ أجنداتها. وندعو
الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى الكف عن التلاعب بمصير السوريين وقضيتهم واعتماد العمل الجدي من أجل الحل السياسي وإطلاق العملية السياسية المحتجزة وفق بيان جنيف1 والقرار 2254، وهذا ما يعطي الأمل للسوريين بمستقبل أفضل،
ويحقق الأمن والاستقرار في المنطقة. فخارج الحل السياسي عبثاً يحاول البناؤون.
  

دمشق 16 / 10 /2019 

                                                                                                              اللجنة المركزية 

               لحزب الشعب الديمقراطي السوري