بيان
الجولان بعد القدس!

 في سابقة هي الأخطر من نوعها، بعد قرار نقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة، دعا ترامب في تغريدة له مؤخراً ” حان الوقت لكي تعترف الولايات المتحدة بالسيادة الكاملة لإسرائيل على هضبة الجولان” التي كانت قد احتلت عام 1967، كما وقد وقع يوم الاثنين الماضي مرسوماً رئاسياً يعترف فيه بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، في سابقة تشكل انتهاكاً سافراً للقانون الدولي، الذي يعتبر الجولان أرضاً سورية محتلة، وضارباً عرض الحائط بالشرعية الدولية وخصوصاً بقرار مجلس الأمن 497 لعام 1981 الذي صدر بالإجماع، والذي أكد بصورة لا لبس فيها إلى عدم الاعتراف بضم إسرائيل للجولان السوري الذي أعلنته في نفس العام.
 يشكل هذ الانتهاك من قبل الإدارة الأميركية، مع مشروع قرار في الكونغرس لنفس الغرض، مواصلة الولايات المتحدة انحيازها الأعمى للكيان الصهيوني في مواجهة تطلعات شعوب المنطقة والشعب السوري خاصة، وفي انتهاك فاضح لمواثيق الأمم المتحدة وقرارتها ذات الصلة، واستهتاراً بمؤسساتها ودورها في حماية الأمن والسلم الدوليين.
 تأتي هذه الخطوة-بعد نقل سفارتها إلى القدس-في سياق استغلال الأوضاع الكارثية التي تمر بها المنطقة، وفي إطار تردي الواقع العربي وتهتكه على وقع ضربات الثورة المضادة، من قوى الاستبداد والتطرف والإرهاب والاحتلال، والتي حظيت بكامل الرعاية الدولية، وذلك لوأد ثورات الربيع العربي وضرب تطلعات شعوبها نحو الحرية والديمقراطية والكرامة وحياة ومستقبل أفضل. وهيّأت الظروف نحو اغتصاب حقوقها الوطنية والتاريخية في أرضها، ومصادرة مستقبلها ومستقبل أجيالها في بناء دولتها الوطنية الحرة المستقلة. كما تأتي كنتيجة لاستغلال الأوضاع التي آلت إليها سوريا اليوم من ضعف وتفكك وطني واجتماعي بعد أن دمرها نظام الأسد وحلفائه. فقتلوا واعتقلوا وشردوا أهلها واستنزفوا قدراتها، وشطبها من معادلات المنطقة وارتهانها لقوى خارجية، وشرعنة احتلالها من قبل نظام ملالي إيران وميليشياتها الطائفية، ومن قبل نظام التوحش الروسي، وتقديم أوراق اعتماده ضامناً لأمن إسرائيل والاستمرار في حماية حدودها، وهو ما جعل إسرائيل ترفض سقوط نظام الأسد الذي حمى حدودها الشمالية أكثر من أربعين عاماً.
 كما يأتي توقيت هذا الانتهاك قبيل الكشف عن “صفقة القرن” القائمة على فن الابتداع والمراوغة، وليس على المبادئ والأسس التي قامت عليها “عملية السلام” لعقود، والتي كادت المفاوضات السورية الإسرائيلية، في التسعينيات، أن تؤدي إلى استعادة الجولان للسيادة السورية لو لم تتوقف عند عقدة بحيرة طبريا، هي التي ساهم فشلها من قبل نظام الأسد في خسارة الجولان، فعلياً وعملياً.
  كما يفضح هذا التوجه الجديد لإدارة ترامب، زيف ادعاءاتها بالسعي لتحقيق السلم والاستقرار للمنطقة، فلو أنها كانت عازمة فعلاً لا قولاً على حشد الدول العربية وراء سياساتها في مواجهة مشاريع إيران في المنطقة لكان من الحكمة ألا تفجّر ملفّين لهما بُغد قومي ووطني وعاطفي في نفوس العرب، أي ملفّي القدس والجولان. هذا التوجه هو الذي يخدم ويعطي مزيداً من القوة لإيران، ويزيد التوتر في المنطقة ويضعها على فوهة بركان، وسيكون لنتائجه ارتفاع منسوب العنف والتطرف والإرهاب ويقدم لهم كل الذرائع والمسوغات.
 أننا في حزب الشعب الديمقراطي السوري، نرفض وندين كل هذه التوجهات المدمرة للإدارة الأميركية، وندعو دول العالم والمجتمع الدولي للوقوف في وجهها وإحباطها، كما نؤكد للجميع، بأن هويتنا الوطنية وانتماءنا للأرض السورية كاملة دون انتقاص هي المخزون الحقيقي لذاكرتنا الوطنية والقومية، وقد كانت وما تزال أمانة في أعناق السوريين جميعاً وعلى مر الأجيال، ولن يتوانى أبناء شعبنا العظيم، الذي قدم مئات الألاف من الشهداء والمعتقلين من أجل حريته وكرامته والخلاص من  نظام التوحش والإجرام، من أن يقدم الغالي والنفيس في سبيل استعادة الأرض ودحر الاحتلال عنها، وهذا ما تكفله كل الشرائع والمواثيق الدولية. كما نستنكر كل التوجهات الداعية للتضحية بحقوق شعبنا، وبالسلم والاستقرار لمنطقتنا على مذبح مصالح ومخططات الاحتلال ومصالح الدول الكبرى.
دمشق 28 /3/ 2019
                         الأمانة المركزية
            لحزب الشعب الديمقراطي السوري