في الثامن عشر من آذار 2011، اندفع مئات الألوف من الشعب السوري في سياق ثورات الربيع العربي إلى شوارع المدن السورية، طلبًا للحرية والكرامة والتغيير، وطي صفحة ستة عقود من الاستبداد والشمولية، التي حكم بها نظام البعث السوريين بالعنف والبطش والإقصاء والإفقار، هي كانت ثورة، لم تكن احتجاجًا أو مجرد اعتراض على حدث عارض، ثورة حددت أهدافها منذ أشهرها الأولى، ولم يزدها عنف النظام وما مارسه وحلفاؤه من قتل وتدمير وتهجير، إلا تصميمًا على تلك الأهداف على الرغم من عظم التضحيات

    نشر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة بتاريخ 19/11 تشرين ثاني/2020 قرارًا يقضي بإنشاء ما دعاه المفوضية العليا للانتخابات، وحدد لها هدفًا  هو” تمكين قوى الثورة والمعارضة من خلال ممثلها الشرعي من المنافسة في أي انتخابات مستقبلية رئاسية وبرلمانية ومحلية، وتهيئة الشارع السوري لخوض غمار الاستحقاق الانتخابي”، هذا القرار الذي يثير الريبة والشك من حيث توقيته أو غايته، ينزع عن الائتلاف استحقاق تمثيل الثورة، فمن حيث التوقيت فالواضح لكل ذي عين، أن هذا القرار جاء تلبية لإملاءات دول راعية باتت متحكمة بقرار الائتلاف، بإطار توافقاتها ضمن تفاهمات مسار أستانة  وسوتشي، الذي لم يدخر جهدًا لإعادة تأهيل النظام، وتبرئته والجيش الروسي  من الجرائم التي ارتكبت بحق السوريين، أما غايته فتصب في محاولة المتحكمين بالائتلاف لغايات حزبية وشخصية ضيقة وعلى حساب دم السوريين وتضحياتهم، لترويض السوريين وادراجهم في الانتخابات الرئاسية، التي ينوي النظام إجراءها في الربيع القادم، على أمل أن يفرد لهم النظام بعض الحضور في ترتيبات المرحلة القادمة، وهم واهمون.

     يتجاهل المتحكمون بالائتلاف أن هناك قرارات دولية، بدأت ب جنيف1 لعام 2012، الذي أقر بأن الحل السياسي، يبدأ بتشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية مهمتها تحضير البيئة والظروف السياسية الملائمة وعودة اللاجئين وإعداد دستور والتحضير للانتخابات في نهاية المرحلة الانتقالية، وذات الشيء أكد عليه القراران 2118لعام 2013 و2254 ل عام2015 ، لكن مسيرة الائتلاف التراجعية بدأت منذ العام 2014 ، وبات أسيرًا للدول الداعمة له، ثم وافق على إدخال منصتي القاهرة وموسكو المتعارضتين في رؤية كل منهما مع رؤيته وأهدافه، التي فوضته بها الثورة إلى هيئة المفاوضات، ومضى وراء ديمستورا، الذي اختصر السلال الأربعة للحل السياسي بسلة لجنة الدستور نزولًا عند مخرجات سوتشي،  وها هي اللجنة تطوي سنتها الثانية دون أية نتائج، كل هذا يمارسه المتحكمون بالائتلاف باسم الواقعية السياسية، والعمل بنصائح الدول التي تخدم ولاشك أجنداتها الخاصة، التي ليس من الضروري أن تتطابق مع أجندة الثورة السورية وأهدافها، لكن على ما يبدو أن الائتلاف بلغت درجة ارتهانه للدول الراعية حالة العجز عن استعادة قراره المستقل، ولا يريد أن يدرك أن واقعيته السياسية المزعومة، تدفعه شيئًا فشيئًا إلى مهاوي الانتهازية، التي لن يقبلها ولن يغفرها له الشعب السوري.

    إننا في إعلان دمشق للتغيير الوطني الديموقراطي، نستنكر ما ذهبت إليه قيادة الائتلاف في قرارها هذا، ونعتبره خروجًا عن خط الثورة، تنزع عنه صفته التمثيلية لقوى الثورة والمعارضة، التي منحت له ذات يوم.

تحية لأرواح الشهداء

عاشت سورية حرة وديموقراطية

دمشق في 22 /11/2020

                                                                                      الأمانة العامة لإعلان دمشق

                                                                         للتغيير الوطني الديموقراطي