يطل لبنان بعد استقالة حكومة الرئيس حسان دياب على وقع الانفجار الكبير في مرفأ بيروت، على مشهد سياسي جديد مفتوح على كل الاحتمالات. وقد سُجلت حركة اتصالات ومشاورات واسعة النطاق محلياً كما عربياً ودولياً من أجل التعجيل في إطلاق الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية شخصية لتأليف حكومة جديدة. فمقابل جولة وزير الخارجية المصري سامح شكري على القيادات السياسية منبهاً إلى أن لبنان بات امام فرصة اخيرة للخروج من أزمته، وحاملاً نصيحة بضرورة تغيير النهج المتبع من اجل تحقيق ذلك، علم ” النهار العربي” ان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اجرى في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة سلسلة اتصالات بعدد من القيادات اللبنانية استكمل فيها مبادرته نحو قيام حكومة حيادية تتمتع بثقة المجتمع الدولي من جهة والمجتمع اللبناني من جهة اخرى. وينتظر ان يتوج التحرك الدولي، بعد التحرك الاوروبي والعربي بزيارة مساعد وزير الخارجية الاميركي ديفيد هيل لبيروت. وهي الزيارة التي يفترض ان تبلور ملامح التحرك الفرنسي، وتكشف رزمة الشروط التي ستؤسس للمرحلة المقبلة وتحدد هوية الرئيس المقبل للحكومة.  
  مصادر سياسية رفيعة مواكبة لحركة الاتصالات الجارية كشفت ان النتيجة الأولية لتلك الاتصالات هي التفاهم على ضرورة التعجيل في تحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة. وعلى هذا الأساس، علم ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري سيزور القصر الجمهوري في بعبدا للقاء رئيس الجمهورية والتشاور في تحديد هذا الموعد، وذلك منعاً لتكرار التجربة التي خاضها لبنان اخيراً عند تسمية حسان دياب حيث استغرق تحديد الموعد للاستشارات خمسين يوماً.  

ولم تستبعد المصادر ان يصار الى تحديد الموعد خلال الساعات الثماني واربعين المقبلة، وخصوصاً أن ثمة مواكبة فرنسية ودولية حثيثة لهذا الموضوع. وقد عبٓر التيار السياسي لرئيس الجمهورية عن رغبته في تسهيل المشاورات والتأليف، في حرص على توجيه رسالة الى الخارج بأن هذا التيار لن يشكل عقبة امام الجهود الدولية المبذولة لاستعادة لبنان استقراره. 
  ولكن المصادر لم تَر في اداء هذا التيار ترجمة فعلية لهذا التوجه، اذ كشف اللقاء الثلاثي الذي جمع رئيس التيار الوزير السابق جبران باسيل برئيس المجلس نبيه بري ومسؤولاً في حزب الله ان باسيل أبدى استعداده للسير بترشيح السفير نواف سلام لترؤس الحكومة. وجاء طرح باسيل ليقطع الطريق على اي محاولة او مساعٍ يُتهم بري بأنه يبذلها الى جانب الزعيم الدرزي وليد جنبلاط من اجل عودة رئيس الوزراء السابق سعد الحريري الى السرايا الحكومية. 
  ولم تقلل المصادر من اهمية هذه المعلومات، مشيرة الى انه وخلافاً لما يعلنه عبر الاعلام، ليس الحريري بعيداً عن مناخ العودة الى ترؤس الحكومة، وهو يضع مجموعة من الشروط لا تزعج “حزب الله”، الذي يرغب ويفضل ان يكون الحريري على رأس السلطة التنفيذية عند صدور حكم المحكمة الدولية الخاصة باغتيال والده الرئيس رفيق الحريري، وليس خارجها. 
  أما بالنسبة الى شروط الحريري للعودة الى رئاسة الحكومة والتمكن من الإطلالة على المجتمعين العربي والدولي فتختصرها المصادر بثلاثة: تشكيل حكومة حيادية تنفيذ الاصلاحات المطلوبة على الصعيدين الاقتصادي والمالي، التحضير لإجراء انتخابات نيابية مبكرة. 
  وتعتقد المصادر عينها ان الحريري يعول على دعم فرنسي، من شأنه ان يعبد له الطريق امام السير بهذه الشروط، علما ان العقبة الوحيدة امام تنفيذها يكمن في رفض رئيس المجلس السير بالشرط الثالث المتصل بالانتخابات المبكرة، حيث ترى المصادر ان بري يدرك ان تقصير ولاية المجلس سيعني خروجه من السلطة لإدراكه صعوبة عودته الى رئاسة اي مجلس جديد.