رامي سويد

العربي الجديد

جددت قوات “حماية الشعب” الكردية، مدعومة بمجموعات صغيرة من مليشيا “جيش الثوار”، المتحالفة معها ضمن ما يُسمّى بـ”قوات سورية الديمقراطية”، عمليتها العسكرية ضد مناطق سيطرة المعارضة السورية بريف حلب الشمالي منذ مساء الأحد. سيطرت “حماية الشعب”، على قرية عين دقنة، الواقعة إلى الشمال من مدينة تل رفعت، على طريق مدينة أعزاز، لتقطع الطريق الرئيسي الذي يصل بين المدينتين، قبل أن تنسحب قوات المعارضة، صباح أمس الإثنين، من بلدة كفرنايا وقرية الشيخ هلال، جنوب تل رفعت، لتعزز مواقعها في المدينة، التي يتصدّى أبناؤها من مقاتلي “الجبهة الشامية” و”لواء الفتح”، التابعين للمعارضة، لهجمات “قوات سورية الديمقراطية”.


تتزامن هجمات القوات الكردية وحلفائها على مثلث تل رفعت ومارع وأعزاز، الخاضع لسيطرة المعارضة، مع غارات روسية غير مسبوقة

تتزامن هجمات القوات الكردية وحلفائها على مثلث تل رفعت ومارع وأعزاز، الخاضع لسيطرة المعارضة مع غارات روسية غير مسبوقة على هذه المنطقة، تسببت بدمار البنية التحتية فيها بشكل كامل وبتهجير نسبة كبيرة من سكانها.

تؤكد مصادر “المجلس المحلي في تل رفعت”، لـ”العربي الجديد”، أن “غارات الطيران الروسي وهجمات القوات الكردية وحلفائها على المدينة، تسبّبت خلال الأسبوع الأخير، في تهجير أكثر من خمسين ألفاً، كانوا يقطنون في المدينة، التي لم يبق فيها سوى بضع مئات من سكانها، مع مقاتلي قوات المعارضة، الذين ما زالوا يدافعون عنها”.

تلفت المصادر إلى أن “حركة النزوح من مناطق سيطرة المعارضة في ريف حلب الشمالي إلى مناطق سيطرة المعارضة في ريف حلب الغربي، مروراً بمنطقة عفرين، التي تسيطر عليها القوات الكردية شمال غرب حلب، ما زالت مستمرة. يتواصل يومياً تدفق ما بين 800 إلى ألف نازح، عبر عفرين إلى ريف حلب الغربي”.

لا يزال القصف الروسي الجوي مستمراً على المثلث، بعد شنّ الطائرات الحربية الروسية أكثر من عشرين غارة جوية، أمس، على مدينة تل رفعت وضواحيها، التي تشهد الاشتباكات بين قوات المعارضة والقوات الكردية وحلفائها، بعد يوم واحد من شنّ الطيران الروسي أكثر من 15 غارة جوية على المدينة، يوم الأحد.

يتواصل القصف الروسي، أيضاً، في مدينة أعزاز، القريبة أيضاً، بعد شنّ الطائرات الروسية خمس غارات جوية، ومنها قصف بصاروخ يعتقد أنه من نوع “كروز” على مستشفى الأطفال في أعزاز، تسبّب في مقتل أربعة من الموظفين والمراجعين وإصابة آخرين بجراح. بالتالي خلّفت الغارات الروسية على أعزاز نحو ثمانية قتلى، هم من النازحين إلى المدينة.

ومع تراجع وتيرة القصف المدفعي التركي، الذي استهدف نقاط تمركز القوات الكردية في مطار منغ العسكري وفي بلدة منغ وقرية مرعناز القريبة منها، وهي مناطق استحوذت عليها القوات الكردية من قوات المعارضة السورية، أعاد رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، تأكيده على أن “تركيا لن تسمح للقوات الكردية بالسيطرة على أعزاز”.


تبدو القوات الكردية المستفيد الأكبر من كل ما يجري، فقد تمكنت من استغلال حالة الإنهاك، التي أصابت قوات المعارضة

إلا أن تصريحات داود أوغلو، لا يبدو أنها ستكون ذات أثر، خصوصاً مع حالة الإنهاك التي أصابت قوات المعارضة شمال حلب، إثر تعرّض مناطق سيطرتها لأكثر من ألفي غارة جوية بأقل من أسبوعين، مع قتال قوات المعارضة في وقت واحد ضد قوات النظام السوري والمليشيات الإيرانية والعراقية الحليفة لها وضد القوات الكردية وحلفائها وضد حزب الله وضد تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش).

يبدو أن قوات النظام اكتفت بالسيطرة على خط إمداد مؤمن من مناطق سيطرتها شمال حلب إلى بلدتي نبّل والزهراء، عبر بلدات دوير الزيتون وتل جبين ومعرستا الخان وماير. على أن تنطلق في عملية عسكرية جديدة من بلدة الزهراء وتسيطر على تلال وقرية الطامورة، فيما يبدو أنه تحضير من قوات النظام لمهاجمة بلدة عندان، التي تسيطر عليها المعارضة شمال غرب حلب، في طريق قوات النظام، لفرض حصار على مناطق سيطرة المعارضة في مدينة حلب وربما التوجه نحو بلدة الدانة، بهدف قطع الطريق بين معبر باب الهوى، الذي تسيطر عليه المعارضة مع تركيا ومناطق سيطرة المعارضة في ريف إدلب.

في هذه الحالة، تبدو القوات الكردية المستفيد الأكبر من كل ما يجري، فقد تمكنت من استغلال حالة الإنهاك، التي أصابت قوات المعارضة بعد مئات الغارات الروسية على مناطقها، التي دمّرت بناها التحتية وقطعت خطوط إمدادها، لتبدأ بعدها بتوسيع مناطق سيطرتها من خلال قضم المزيد من مناطق سيطرة المعارضة شمال حلب.

وبعد أن كانت القوات الكردية تسيطر على منطقة عفرين وريفها شمال غرب حلب، مطلع الشهر الجاري، باتت اليوم تسطير على بلدات دير جمال ومريمين والمالكية وكفرنايا ومنغ ومطارها العسكري، وتتحضر للقضاء على وجود قوات المعارضة في ريف حلب الشمالي بشكل كامل.