خاص للموقع من اللاذقية
رزح السوريون وما زالوا تحت وطأة الاستبداد والقمع قرابة ما ينوف على نصف قرن، فتحولت سورية إلى مملكة للصمت والخواء، لكن َّهذا لم يقتل روح الثورة في نفوس السوريين المتعطشة للحرية وللحياة الحرة الكريمة التي تليق بالإنسان .
إنه طموح دفع السوريون من أجله على مدى تسع سنوات من الثورة ثمناً باهظاً فاق كل التصورات؛ فالحلم بالحرية والكرامة التي ثار السوريون من أجلهما قوبل بحرب شاملة شنها النظام على شعبه ، كانت نتيجتها مدناً بأكملها طالها الخراب والدمار، وملايينَ من المهجرين الذين خرجوا مشتتين في بقاع الأرض، ومئات الآلاف من القتلى والمفقودين والمشردين والمشوهين بمختلف العاهات الجسدية والنفسية ، وعشرات الآلاف من المعتقلين والمفقودين والمغيبين قسراً . تسع سنوات من المحنة والمرار يتحملها السوريون في كل مناطقهم، ومن كل مكوناتهم الاجتماعية وفئاتهم ومذاهبهم وطوائفهم وفي كل مواقعهم ومواقفهم . فالفساد يستشري في مؤسسات الدولة كالسرطان في الجسد المنهك، وغلاء الأسعار يكوي ظهور الجميع بنار العوز والحاجة. ثم جاءت جائحة “الكورونا ” لتفضح عجز السلطات وتقصيرها الفاضح في ميدان الصحة، وفشلها المريع في مواجهة هذه الجائحة . وبينما يستمر الخوف بكتم أنفاس الجميع، تستشيط النفوس غضباً صامتاً وتململا مكبوتاً ينذر بالانفجار .
وإذا كان هذا الواقع ينطبق على جميع المحافظات ، فإن المناطق الساحلية تتفرد بشكل خاص من المعاناة والقهر. إذ وجد أهلها أنفسهم بين أيدي الشبيحة الكبار وقوداً لحرب عبثية ظالمة شنها النظام على الشعب ، فخسروا أبناءهم وفلذات أكبادهم، فلا تكاد تخلو أسرة من قتيل أو جريح أو مفقود. ومعظم الأسر هناك تعتمد على العمل الوظيفي في دوائر الدولة. وهي بالتالي تصطدم بواقع الراتب المنخفض الذي لا يتجاوز كمعدل وسطي الأربعين دولاراً، في ظل موجة الغلاء الفاحش للمواد الغذائية الضرورية . وتجدر الإشارة إلى أمر يثير الدهشة وهو غلاء المنتجات الزراعية ذات المنشأ المحلي وفقدانها من السوق ، والتي تشكل الغذاء الأساسي للمواطن.
إضافة إلى الفضائح الكثيرة التي كشفتها وسائل الإعلام عن تهريب المواد الغذائية من السوق المحلية إلى الخارج ، ناهيك عن بيع الكهرباء إلى دول الجوار، من أجل أن ” ينعم ” المواطن السوري بالتقنين والعتمة وقلة الحيلة.
ثم جاءت ” الكورونا”، لتزيد الطين بلة . فبسبب هذه الجائحة فقدَ الكثيرون أعمالهم ومصادر دخلهم المحدودة أصلاً.
كل هذه المظاهر وغيرها كثير ، تفعل فعلها بتأجيج الإحساس بالقهر والحرمان , وتخلق المزيد من التململ والتذمر حيال الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السيِّئة والمتجهة نحو الأسوأ بفعل ازدياد وتيرة الخوف مما تحمله الأيام القادمة , ولا سيما بعد الأخبار التي خرجت للعلن عن الصراع القائم الآن بين عناصر مافيا لصوص السلطة والمال ( مخلوف-الأسد ) , وهو صراع لا يمكن التنبؤ بنتائجه ولا بالمآلات التي يمكن أن يفضي إليها , مما قد يتسبب بتفاقم الأزمة الاجتماعية والمعيشية أكثر وأكثر , وهذا ما يدفع لزيادة وتيرة القلق والخوف في صفوف الموالين خصوصاً ، من احتمال انطلاق جولة جديدة من العنف في صفوف أطراف النظام وداعميه , إذ تحوَّل هذا الحدث إلى حديث اليوم والساعة وعلى كل لسان .