الأقلية المسلمة في الغرب وتنازع الولاءات

مناف الحمد

توجد ثلاثة أشكال لتعارض التشريع والعقيدة الإسلاميتين مع المواطنة الليبرالية :

أولاً – مشكلة الإقامة في دولة غير مسلمة.
ثانياً – الولاء لمثل هذه الدولة.
ثالثاً – التضامن مع غير المسلمين.

بالنسبة للإقامة في بلد غير مسلم يضع المفكرون الإسلاميون ستة عوائق:
لا يجوز أن يخضع المسلم لقوانين غير إسلامية
 إن المسلمين لا يجوز أن يشعروا بالنقص تجاه غير المسلمين.
 إن المسلمين يجب أن يتجنبوا تقوية غير المسلمين.
 إن المسلمين ممنوعون من تشكيل روابط صداقة مع غير المسلمين.
 إن المسلمين يجب أن يتجنبوا بيئة الإثم.
 أنه في بيئة غير مسلمة سيكون من الصعب منع ضياع الدين في الأجيال اللاحقة.
الفقهاء المسلمون الذين أباحوا الإقامة في دولة غير مسلمة اشترطوا شرطين:
الأول: أن يكون المسلمون آمنين على أشخاصهم ودينهم وممتلكاتهم.
والثاني: أن يكونوا قادرين على إظهار الدين.
ويكمن الالتباس في مصطلح إظهار الدين الذي قد يعني حريات دينية محمية من قبل السلطات الليبرالية، وقد يعني استقلالاً وحكماً ذاتياً.
فقهاء آخرون اعتبروا الإقامة في بلد غير مسلم مسموحة على اعتبار أنها فرصة لنشر الإسلام ويكمن الخطر هنا في:
1- النظر لغير المسلمين كمسلمين ممكنين وليس كمواطنين أحرار متساوين.
2- أنها لا تمنع من أسلمة الدولة إذا وجدت المجموعة نفسها أكثرية.
3- أن هذا يوحي بالتزام ضحل بالمجتمع التعددي وبالدولة التعددية، وأن القبول بهما ليس أكثر من إجراء تكتيكي وليس قبولا مؤسسا على اقتناع بالتعددية.
يمكن مناقشة موضوع الإقامة في بلد غير مسلم نقاشاً قائماً على ما يلي:
أولاً-النصوص المقدسة التي تنص على تحريم الإقامة لا تفضي إلى النتائج التي يستخلصها الفقهاء وفي الوقت عينه توجد نصوص تؤدي إلى نتائج مناقضة لنتائجهم، وقد تكون أكثر وثوقيه من النصوص التي تنص على مناصرة الهجرة من البلد غير المسلم.
ثانياً- من الممكن انجاز واجب إظهار الدين في غياب سلطة سياسية مسلمة وفي ظل سلطة قانونية وسياسية غير مسلمة.
ثالثاً-إن المنافع التي يجنيها المسلمون من نشر الإسلام من خلال إقامته م في بلد غير مسلم لا يمكن أن تكون السبب الوحيد الذي يبرر إقامته م.
الآية في سورة النساء “إن َّالَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً” لا يمكن استنادا إلى سياقها ان تكون ملزمة بالهجرة فأبو داوود يقول: كانت الهجرة مستحبة في بداية الإسلام والآية من سورة النساء نزلت عندما كان المسلمون مضطهدين وهاجر النبي إلى المدينة وأمر المسلمين بالهجرة ليكونوا معه ويعلموا دينهم وكان ثمة خوف من قريش ولكن عندما فتحت مكة أصبح فرض الهجرة غير موجود واصبحت مستحبة.
يوجد نوعان للهجرة:
الأول- أنها انتهت كإلزام
والثاني- أنها أصبحت مستحبة وهو ما يؤيده معظم فقهاء المالكية فقد نسخ واجب الهجرة بعد فتح مكة
كما شكك أبو داوود في مصادر فرض الهجرة حيث يقول: “إن إسناد الحديث ” لا هجرة بعد موت النبي ” إسناد متصل أما إسناد حديث معاوية لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها” فهو مرسل.
وابن العثيمين من المحدثين يناقش المسألة بقوله:
إذا قلنا انه حرام على المسلمين الإقامة بين غير مسلمين أين الدولة الإسلامية التي ستقبلهم وتسمح لهم ان يستوطنوا فيها؟ لا يوجد.
جادل بعض الفقهاء بأن الإقامة مسموحة إذا كان المسلم آمناً ، ولكن الهجرة مستحبة لتجنب العواقب السلبية للإقامة، وقال فقهاء آخرون انه إذا استطاع المسلم إظهار دينه تصبح إقامته في البلد غير المسلم مستحبة وتصبح تلك البلد غير المسلمة المتوفر فيها إمكانية إظهار الدين جزءا من دار الإسلام وهو استنتاج قائم على قاعدة ان الإسلام دين كوني وان الأرض كلها لله.
ويبرز هنا عدة أسئلة:
 ما الذي يقصده الفقهاء من الفتنة في الدين وما الذي يقصدونه بـ إقامة الدين أو إظهار الدين؟
 هل يشكل تبرير الإقامة في بلد غير مسلم بالاعتماد على واجب الدعوة إلى الإسلام تبريرا متوافقا مع المفهوم الليبرالي للمواطنة؟
 وهل تتفق مع القيود الليبرالية على السلطة الأبوية والطائفية على الأعضاء أم أنها تعني شكلا من الاستقلالية الذاتية داخل الدولة غير المسلمة بحيث تطبق القوانين الإسلامية في مناطق الاستقلالية الذاتية؟
يقول أبو الفدا في معرض مناقشة المسألة:
“لا يوجد إجماع بين الفقهاء على مستوى الحرية الضروري للمسلمين في بلد غير مسلم وغموض هذه التعابير يشير إلى أنهم لم يرغبوا في توضيح قاعدة قابلة للتفاوض تكون صعبة التطبيق وخصوصا في حالة بلد مسلم محتل من قبل غير مسلمين ولم يحددوا ما لمقصود بواجب ” العيش وفقا للشريعة “في بلد غير مسلم هل يعني سلطة سياسية ملزمة أم حرية مضمونة من قبل الدولة الليبرالية تسمح بهذه الحياة”
أما الشيخ محمد الحانوتي عضو مجلس الفقه في أمريكا الشمالية فيتساءل:
ما المقصود ب “إظهار الدين”؟ هل المقصود به ممارسة الطقوس والعبادات، أم سلطة سياسية تطبق المعاملات؟
تمايز رأي النووي الشافعي عن رأي المالكية وعدد من الأحناف الذين لم يعتبروا الهجرة ضرورية إذا طبقت قوانين الإسلام على المسلمين؛ حيث ميز النووي بين مستويات للحرية الدينية على أساس التمايز بين حماية النفس وبين ما اسماه الاعتزال حيث اعتبر الأخير يتطلب سلطة سياسية ملزمة
إنهم قادرون على حماية النفس والاعتزال إذن يكون ملزما أن يقيموا في دار الحرب لأن وضعهم القانوني هو فعليا دار إسلام وإذا هاجروا تصبح دار حرب وهو محرم وحيث يكونون مقيمين فإن من الضروري أن يدعوا المشركين إلى الإسلام من خلال النقاش أو القتال”
والحالة الثانية حيث يكون المسلم مقيما بدون شكل من الاستقلالية الذاتية فإن:
” إذا كانوا قادرين على حماية أنفسهم لكن بدون شكل من الاعتزال أو الدعوة للقتال فإن الهجرة ليست ملزمة. في الحقيقة إذا كان المرء يأمل انه ببقائه يمكن أن ينشر الإسلام في مكان إقامته فان من الواجب ان يقيم هناك وان لا يهاجر بقدر ما يأمل في أن الإسلام يمكن أن يسود هناك في المستقبل. إذا كان المرء ضعيفا في دار الكفر وغير قادر على إظهار دينه فإن إقامته هناك محرمة”
من الواضح أن النووي يفضل الحالة الأولى وهي غير متوافقة مع المفاهيم الليبرالية ويجعل الثانية مرجوحة مع أنها يمكن أن تكون متوافقة.
فيما خص العائق المتمثل في أن الإقامة يمكن أن تتسبب في عدم ضمان إسلام الأجيال التالية فهي معادية للبرالية السياسية التي تعتبر أن للمجتمعات الحق في تأكيد أن تتبنى الأجيال التالية مفهوم الخير نفسه لأن هذا سيكون على حساب حقوق وحريات هذه الأجيال.

والحالة التي تشبه في غموضها حالة الندوي يمثلها يوسف القرضاوي فهو مثل الندوي لا يرفض التعددية والقيود الليبرالية لكن مناظرته بين هجرة المسلم إلى أوربا والهجرة الباكرة إلى الأراضي التي يشار إليها اليوم بالعالم الإسلامي تطرح أسئلة حول مستوى الالتزام بالمجتمعات ذات الأكثرية غير المسلمة فماذا لو لم يكن ثمة أفق جدي لتحول مجموعات في تلك الدول فهل سيبقى القرضاوي على قناعته؟
ماذا لو أصبح المسلمون أكثرية في إحدى تلك الدول؟
هل سيناقش القرضاوي موافقا على أن المسلمين ملزمون بالبقاء على دولة حيادية ليبرالية تضمن لمواطنين آخرين حرية استفاد منها المسلمون؟
وفي رأي جد متميز عما سبق يقول طارق رمضان أن الدعوة هي الواجب على المسلمين
” واجب المسلمين أن ينشروا الرسالة وأن يجعلوها معروفة لا أكثر ولا أقل
فكرة الدعوة تستند إلى مبدأ أن من حق كل إنسان أن يختار بالاستناد إلى المعرفة وان هذا هو السبب في انه مطلوب من المسلم أن ينشر المعرفة بالإسلام بين المسلمين وبين غير المسلمين”
يربط رمضان بين مفهوم الدعوة وبين الشهادة فبمعناها الضيق تشير الشهادة إلى دعامة الإسلام الأولى وبالنسبة لرمضان هي تعبير كامل وشامل للمسلم عن نفسه ككائن أخلاقي.
فقد علمنا الرسول إن العالم كله مسجد فحيثما استطاع أن يقول الشهادة بأمان ويقيم واجباته الدينية فلا ضير في وجوده حيث استطاع ذلك.
بالنسبة للقرضاوي:
” من الضروري بالنسبة للمسلمين بتمييزهم فضيلة امتلاك رسالة كونية في غرب يقود العالم اقتصاديا وسياسيا وثقافيا ان يكونوا في الغرب لمساعدة مسلمين آخرين يعيشون هناك مسبقا وان يدعوا إلى الإسلام وأيضا للتأثير عليهم لمصلحة المسلمين أفضل من ترك الغرب القوي والمؤثر عرضة لاختراق اليهود”
رمضان يبدأ بالتأكيد على مركزية الغرب في العالم وعلى التأثير الإسلامي هناك:
” استقر المسلمون في الغرب في المركز في القلب في مقدمة النظام الذي ينتج أجهزة رمزية للتغريب في مكان محدد جدا في المركز يصبح مبدأ الشهادة محوريا ويأخذ معناه الكامل”
كما لا يكتفي رمضان بذلك ولكنه يؤكد على واجب المسلمين في المشاركة في الغرب بشكل ديالكتيكي:
” البيئة الاوربية مكان للمسؤولية بالنسبة للمسلمين وهذا هو بالضبط معنى فكرة فضاء الشهادة” (دار الشهادة).
وعندما يشرح رمضان محتوى الواجب الإسلامي عن الارتقاء بالخير والمساواة والعدالة فهو يأخذ مهمة سياسية: يفهم الواجب الإسلامي في حمل الشهادة كواجب أن تكون متضمنة في المجتمع حيث مناطق البطالة، التهميش، الإهمال، إصلاح التشريع، النظم السياسية، والاجتماعية والاقتصادية وهكذا هذا هو بالضبط نوع الأهداف المدنية المتناسبة مع النظام السياسي الليبرالي.
وهو لا يشابه المدارس الإسلامية التقليدية فرمضان انخرط في البحث عن اتفاق متشابك عابر للعقائد الشاملة وفق المصطلح الراولزي.
موقف رمضان يمكن أن يكون أكثر ليبرالية مما هو مطلوب من قبل الليبرالية السياسية فلا يوجد شيء غير متوافق في رغبة المرء في تحويل آخرين إلى مفهومه للخير والحقيقة
هنا كمفهوم للهجرة ليس محددا بسياق جغرافي أو سياسي لكنه يرى الهجرة ك مفهوم روحي مؤسس على واجب فردي لتجنب الإثم وهو يستخدم في تبريره تقاليد نبوية.
وقد بحث ابن تيمية ” مجموع فتاوى شيخ الإسلام” في الأصل الاشتقاقي لـ الهجرة وهو يرى إن هجرة المسلم من دار الحرب معناها تجنب الأفعال الشريرة وفاعليها باستثناء في حالة الهيمنة أو المصلحة
في نظر ابن تيمية سؤال الهجرة لا ينظر في الجواب عليه إلى الحقائق الديموغرافية والسياسية والمؤسساتية كمحدد مطلق لأن الوضع الموضوعي بالنسبة لابن تيمية هو حضور الإثم والفساد سواء كان المجتمع مسلما أم غير مسلم فواجب المسلم تجنبه أو رفضه أو توبيخه أو تغيير هذه الحالة بالاعتماد على قوته النسبية.

الولاء لدولة غير مسلمة
توجد خمسة أو ضاع في الفقه الإسلامي تناقش مسألة الولاء لدولة غير مسلمة:
 لا يمكن للمسلم ان يصارع مسلما آخر في خدمة غير مسلمين بغض النظر عن السبب
 الحرب التي تهدف إلى توسيع الرقعة المحكومة من قبل التشريع الإسلامي هي فقط الشكل الشرعي للجهاد
 يمكن للمسلم حتى لو كان مقيما خارج حدود الدولة الإسلامية أن يساهم في الجهاد الشرعي إذا دعي إلى ذلك من قبل الإمام الشرعي
 لا يمكن للمسلم أن يقدم سببا لغير المسلمين يقويهم أو يتبنى أحكاما غير إسلامية
 لا يمكن للمسلم أن يضحي بحياته إلا في أحوال معينة لا يمثل الدفاع عن المجتمع غير المسلم
واحدة منها
تنكر هذه المبادئ على المسلم المقيم في دولة غير مسلمة تطوير أي روابط ولاء ولو بالحدود الدنيا خصوصا عندما تنتقص من ولائه لمجتمعه المسلم.
إن تضامن المسلمين عابر لحدود المواطنة
الفكرة الأساسية للتضامن الأكبر مع مسلمين لا تنتج بالضرورة عقيدة مضادة لمتطلبات المواطنة من منظور الليبرالية السياسية لأن التضامن المجتمعي هو إحدى مكونات مفهوم الخير فالليبرالية السياسية لا تتطلب التزاما عاطفيا صارما عميقا مع مجتمعه السياسي ونظام حكمه.
تعترض الليبرالية السياسية فقط في حال كان الاهتمام بمجتمعه يرتب مواقف أو أفعالا تنتهك الحقوق السياسية الشرعية وحاجات مجتمع المواطنة.
فيمكن للمواطن أن يستثني نفسه من أي حرب تشن خارج الوطن وليست دفاعا عن النفس بدون أن يتهم بعدم الولاء ويمكن أن يبرر عقاب المواطن بسبب عدم الطاعة بواسطة إجراءات منصوص عليها تشريعيا
حتى من وجهة نظر ليبرالية سياسية لا يمكن أن يقال إن المواطن الذي لا يفضل أن يقتل أو يقتل إلا عندما تكون دولته في خطر متهم بعدم الولاء
وبشكل مشابه يمكن أن توجد أفعال غير مستحقة للعقاب في الديمقراطية الليبرالية فيمكن أن يكون ظلما عقاب مواطن يعلن ببساطة عقيدة الجهاد التي تنطوي على أن الحرب من قبل قوات مسلمة ضد دولة غير مسلمة لغرض تحقيق مصالح المسلمين حرب مشروعة أو انه يؤمن بصحة أو أمر التضامن مع أي مسلم في كل حالات الصراع بين مسلمين وغير مسلمين بدون أن يحرض على العنف ضد دولة المواطنة.
وبرغم عدم استحقاقه للعقاب فإن عقيدته تلك سوف تؤكد انه لا يحمل عقيدة شاملة تدعم المفهوم الليبرالي للمواطنة
ثانيا-إذا كانت مساهمته في جهود الحرب لا يمكن فصلها عن نجاح هذه الجهود فهو يؤسس لجزء من عقيدة متوافقة مع الليبرالية
ثالثا-يعتبر المسلم أنه من الإثم أن يضحي بحياته لسبب غير منصوص عليه في النصوص المقدسة لذا فالليبرالية السياسية تتطلب على الأقل أن يعتبره مسموحا المساهمة في جهود الدفاع عن النفس بطرق أخرى
من وجهة النظر الليبرالية إذا فضل المواطن المسلم عدم الانخراط في الحرب بناء على أو أمر إلهية تمنعه من اقتراف إثم يتمثل في خدمة دولة غير مسلمة ولكن على أن لا يكون غير مبال أو مزدر لمصالح مشروعة لتلك الدولة فهذا لا يتناقض مع مفهوم المواطنة الليبرالي.
فيما يتعلق بالسورة التي تبرر الجهاد التوسعي يسارع كتاب محدثون إلى استنتاج أن الفصل كله يتعامل مع الخصومة بين المجتمع المسلم وبين العرب المشركين على أنها تقليد تفسيري كلاسيكي واضح وخصوصا في ظل انتهاك المشركين للعهود مع الدولة المسلمة
حتى ضمن هذا السياق فالقرآن صريح أن العقود لا تحل مع هؤلاء المشركين الذين دخلتم معها في حلف ولم يخونوكم ولم يساعدوا أحدا ضدكم لذا أنجزوا التزاماتكم معهم حتى النهاية لأن الله يحب البر
ويقول الأمريكي المسلم شرمان جاكسون انه يجب معاملة الآيات في سياقها لان المعالجة القرآنية للحرب عكست الوقائع الأساسية والاجتماعية والتاريخية للقرن السابع الهجري”
” المواعظ القرآنية للقتال والتشديد على الولاء المطلق العائد للمجتمع الإسلامي تعكس الحاجة إلى خرق الاعتمادية العسكرية والسيكولوجية والعاطفية للمسلمين الأوائل للنظام القديم بإجبارك على تأكيد التزامه بالإسلام عن طريق إرادة القتال بالتوافق مع النموذج الموجود للحياة وتكامل الدين الجديد”
وهو مثل بقية المحدثين يرى إن الآيات القرآنية جاءت في سياق حرب البقاء مع الأعداء المكيين
يرى جاكسون تطبيقا لهذه الدروس للتقليد الفقهي الأخير حيث يجد المرء مفهوم دار الحرب وجهاد الطلب (جهاد توسعي، تبشيري) لان حالة الحرب قد وسمت العالم ما قبل لحديث بشكل عام.
الفقهاء المسلمون عكست كتاباتهم الاستمرار في عكس المنطق لحالة الحرب وافتراض إن الجهاد ليس وسيلة فقط لضمان الأمن والحرية للمسلمين ولكن وسيلة لتحقيهما”
المهم إن عقيدة الاعتراف المتبادل بدول غير مسلمة لم توجد في التقليد الفقهي القروسطي الذي ظل ما هو مركزي فيه هو الفكرة اليوتوبية عن عالم محكوم بالإسلام.
يحرض جاكسون مناهج أصول الفقه لدعم دعواه بضرورة تغيير العقائد الإسلامية وهو يعتبر ان الدينامية القانونية هي افتراض طبيعي للقانون الإسلامي وبالاقتباس من فقيه مالكي من فقهاء القرن الثالث عشر شهاب الدين القرافي الذي يعتبر إن تبني أحكام مستنتجة على أساس تقليد حتى بعد تغير التقليد (العرف) هو انتهاك للإجماع ”
إذا صح هذا فان أوصاف القرآن وتفسيرات الفقه للحرب كلاهما استندا إلى تفاعل مع ظروف محددة مؤقتة ومع تغيرها فالمطلوب ان تراجع القواعد الفقهية الكلاسيكية تراجع
ها برماس يعتقد إن براغماتيات التواصل توصل المشتركين إلى احترام متساو ورفض للإلزام وحرية في تشكيل الرأي ” التعددية الثقافية، فحص سياسات الاعتراف”
يوجد فروق هامة بين الحداثة والدعوة أولها: إن أخلاقيات الحداثة تقدم من قبل المدافعين عنها كبحث عن الحقيقة ليست مفترضة مسبقا
ثانيا الدعوة ليست تبادلية بالضرورة يناقش ها برماس بتعاطف ويضع نفسه في موضع الآخر لكن هذا ليس هو الدعوة إلا بطريقة محدودة جدا
بالرغم من أن منظري الدعوة يتحدثون عن الاستماع ومعرفة الآخر لكن هذا إما إنه أداتي لهدف تحويل أو إخلاص لكنه غير متعلق بالبحث عن الحقيقة
الفكرة إن الحوار لا يمكن أن تنتج معرفة أخلاقية أكبر أو تغييرا في قلب المسلم الداعية
فأدبيات الدعوة مفعمة بتحذيرات حول المسموح له بالانخراط في الدعوة وضرورة التجهيزات الأخلاقية والفكرية التي يجب أن يعمل مقدما لتحصينه من معارضة أكيدة سيواجهونها وضد الانخراط في نقاشات كثيرة جدا مع غير مؤمنين خشية أن يستغرقوا في مناظرات ظلامية

يقول ابن البياع إن الدائرة التي تصنع وتؤلف ميثاق المواطنة تعطي خيرا كثيرا مطلوبا دينيا ومرغوبا من الطبيعة يتضمن: الحق في الحياة، العدل، المساواة، الحرية، حماية الممتلكات، الحماية ضد الاعتقال العشوائي والتعذيب، الحق للفقير في الضمان الاجتماعي والعجز والمرض تعاون أفراد المجتمع للرفاه العام وكل الالتزامات والواجبات التي تتبع مثل دفع الضرائب الدفاع عن الأرض ضد العدوان طاعة القوانين وتبني عقد المواطنة كلها تقع تحت الالتزام الديني بالعقود ومتطلباتها والتي هي بنفسها تقع تحت الولاء للدين
بالطبع هذه الأهداف المطلوبة من قبل الدين والمحاطة بالدائرة الخارجية للالتزامات الدينية الإسلامية
من الواضح أنها ليست فقط دنيوية سياسية بالمعنى الراولزي لكن أيضا تستدعي وصفا للذات الليبرالية إنه أكثر وضوحا من هذا هو يقوم بسرد: قيم عظيمة للعلمانية والحيادية التي تعتبر إيجابيا تتضمن:
 احترام المواثيق
 الحيادية بين الأديان
 الاعتراف بالحقوق الإنسانية الجمعية والفردية وحماية الدولة لها
 حق الاختلاف والتنوع والتحول من سمات الأفراد والمجتمعات
 الحق في دخول المحكمة لنيل الحقوق
 التزامات الفرد باحترام القانون ودفع الضرائب والمشاركة في الجهود الوطنية لبناء المؤسسات والدفاع ضد العدوان
أخيرا يدافع عن العلمانية ضد بعض نقادها المسلمين يضع تعريفا للعلمانية
الآية 2 في سورة 5 يقول ابن البياع أنها تشير إلى علاقة مع مشركي مكة الذين كان المسلمون في حرب معهم
من الواضح كيف يمكن لمثل هذه السور أن تعطي ضمانة لمبدأ مدني للتعاون بشكل عالمي على أرضية تضامن لكنها لا تزال بعيدة عن عرض ابن البياع المتحمس للعلمانية للحيادية والمواطنة الحديثة
بعد أن يعدد ابن البياع القيم العظيمة للعلمانية والحيادية النقاط الست يراقب إن كل هذا لا يتناقض مع القيم العظيمة التي أوحى بها الدين خاصة الإسلام الذي يدعو إلى اللطف والحب والأخوة الإنسانية البر والمحبة والأخوة الإنسانية وتكريس وطن المرء والمواطن شرعية بواسطة العقل والوحي
من الصعب هنا أن لا نتذكر دعوى راولز حتى بدون أرضية ميتافيزيقية واضحة فإن قيم التعاون الاجتماعي المنصف هي ببساطة قيم عظيمة جدا والتي تملك نداء حدسيا للشخص الذي يتمتع بها
ابن البياع في نقاشه لعدم التحريم فيما خص الولاء والانتماء ضمن سياق علماني يجعل للشر درجات وطبقات ضياع الدين المشاركة في آثام وأفعال محرمة عقد روابط وعاطفة مغير مسلمين تصبح شرا واجب التجنب إذا كانت على حساب روابط مع مسلمين ” من دون لمؤمنين”
ويؤكد ابن البياع: أي تعاون مع أشخاص في مصلحة مشتركة ورد اذى لا يتعارض مع قوانين أخلاقيات يدخل في قول الخير للناس
رأي عبد القادر مع اقتباس وهو أكثر دقة علمية ليست آيات الموالاة مطلقة والتحريم ينصب على غير المؤمنين الذين يقاتلون الله ورسوله والمؤمنين
جهود عبد القادر مهمة فهو يكتب: كلمة الكفر يمكن أن لا تكون مهيمنة لكن التحالف ليس موالاة ما لم يكن منفعة لغير المؤمنين وصعود كلمتهم كلمة الكفر عبد القادر مقارنة بين الهجرة إلى الحبشة واللجوء إلى بلاد غير مسلمة وأوجه التعاون المسموحة
الموالاة كما يفهمها رضا وعبد القادر تأخذ شكلين:
 السرور بكفرهم أو التعاطف معهم بسببه
 الاعتماد عليهم
الأول يتضمن بسبب الحقيقة لمعتقدهم أو عدم رؤية فرق بين الإسلام وبين معتقدهم فيما يخص الحقيقة”
ابن تيمية يتحدث عن الموالاة بالقلب ويشدد على أن كره المسلمين ينصب فقط على ما يتبناه الكافر من معتقد وليس على شخصه
أما التعرف عليهم إقامة علاقات شخصية مع أولادهم زوجاتهم فليس داخلا في باب الموالاة
الثاني لا يتضمن مجرد تشكيل علاقات ثقة مع الكفار لكن الخضوع لهم ومجاملتهم والتذلل لهم أو طلب المساعدة أو التحالف معهم ضد المسلمين محاكاتهم تمجيدهم ونشر معتقدهم وأفكارهم
بالنسبة لعبد القادر لا تعني المعاملة الحسنة الولاء أو المساعدة في الدين أو الاعتراف بأن الأديان قبل محمد مقبولة عند الله وان الإسلام يمكن أن يقف في جهة واحدة معها ضد الإلحاد
آخرون فسروا التحريم مؤخرا بـ تبني سمات الكفار المتعلقة بدينهم معتقداتهم طقوسهم وليس الجوار أو المواطنة
هل هذا الفهم للأشكال المسموحة من الصداقة مع كفار يتوافق مع روابط مواطنة بشكل عام ومع مفهوم الليبرالية السياسية بشكل خاص؟
يقدم قيما على أخرى إسلامية تبقى تحت استفهام فيما إذا كان العيش تحت سلطة نظام سياسي ينص على شكل من الخضوع
من الشروط التي يضعها عبد القادر لصوغ تحالف هو أن يبقى كلمة الإسلام هي العليا ظاهرة على كلمة الكفار وهذا يعني إن التحالف الذي كان في ذهنه هو تحالف بين دول وإلا فكيف يتوقع فقهاء المسلمين أن تكون كلمة الإسلام هي العليا في دولة غير مسلمة؟ لكن إلى أي مدى تكون فيه المواطنة شكلا من تحالف رسمي أو عقد من المعقول أن نسأل فيما إذا كان ظهور الأهداف غير الإسلامية أو العقائد على أخرى إسلامية قادرا على جعل روابط المواطنة غير مقبولة؟
ان تعيش في دولة غير مسلمة كأقلية هل يشكل هذا نوعا من الخضوع المحرم؟ ولا يهم شكل الحكومة الموجودة في مثل هذا البلد
عبد القادر ورضا والقرضاوي وابن البياع وآخرون يسمحون بالقامة في مثل هذه الدول أما يبررون شكلا من ” أجنبي مقيم” وفقا له يمكن للمسلمين أن يقيموا في هذه الدول لكن يبحثون عن تجنب أي شكل من التكامل السياسي أو يفتحون الباب لمعنى المواطنة في دول معينة لا ينتج عنه شكل من الموالاة التي يرفضونها
يوجد سببان قويان للنقاش إن النظام الليبرالي السياسي يقترب كثيرا من تجنب الشروط التي يعتبرها منظرون إسلاميون مرفوضة
الشرط الأساسي الأول هو النص على إن الشكل غير المقبول من الموالاة هو تشكيل تحالفات سياسية على حساب مسلمين ” من دون” وفي معارضة للمسلمين
مصطفى الطحان مثلا: ” من الضروري أن ولاء المسلم لا يكون لمجتمع آخر على حساب مجتمعه”
الشرط الثاني إذا طلب من المسلم أن يتحالف مع غير مسلمين بمعنى ديني أو عقدي يقدم أهدافا أو ظهور عقيدة الآخر
الليبرالية السياسية لا تطلب من مواطنين مسلمين ولا واحدا من هذين فمن حق المسلم أن لا يعد نفسه خائنا لمصالح المسلمين لأن هذا من مصلحة دولته غير المسلمة أو المجتمع السياسي في حالات كانت القوات المسلمة معتدية ضد دولة مواطنة غير مسلمة رأينا كيف إن المواطن المسلم يمتلك سببا دينيا قويا لمعارضة مثل هذه الأفعال والمساهمة في جهود الدولة غير المسلمة في الدفاع عن النفس بقدرات مدنية. بدوره ناقشت إن الدولة الليبرالية يمكن أن تستوعب رغبة المواطن المسلم في عدم قتل المسلم الآخر بالنسبة للشرط الثاني كان لدينا سبب للإشارة إلى ميزة التزام الليبرالية السياسية بالحيادية والامتناع المعرفي في التنصل من أي دعوى بحقيقة ميتافيزيقية كأساس للعدالة
في عدم الطلب من المواطنين أن يحوزوا تأكيدات مثل هذه لكي يشاركوا سياسيا وفي عدم تأسيس أهداف جماعية تتطلب مناصرة لعقيدة ميتافيزيقية معينة.
ترد الليبرالية السياسية بحسم أنها لا تتطلب من المواطنين المسلمين تصريحا أيا كان بأفضلية دين أو عقيدة أو طريقة حياة.
يوحي النقاش السابق عن الموالاة برغبة المسلمين في التحرك من حالة أجنبي مقيم إلى مواطن في دولة ليبرالية سياسية أكثر منه في نظام غير مسلم آخر
نقاش أشكال الولاء أو “صداقة مدنية” مع غير المسلمين المقبولة إسلاميا إيجابية من التعاون الفعال من اجل منفعة متبادلة
ما أناقشه هو انه يوجد اهتمام من جانب المدارس الإسلامية بالتفكير بالعلاقات الأخلاقية مع غير المسلمين مع مجتمعات غير مسلمة ودول غير إسلامية بطرق تتجاوز قيود المدارس الكلاسيكية.

التضامن

توجد تيارات في الفكر الإسلامي تركز على الأشكال المسموحة من التعاون السياسي بين المسلمين وغير المسلمين ضمن الليبرالية
الاستراتيجية المهيمنة للتبرير تتراوح بين نقاشين:
1- إنه لا يوجد تحريم في التعاون مع غير المؤمنين في قضايا دنيوية وان السعي نحو أشكال من الرفاه والعدل هي بنفسها أمر ديني
2- بالرغم من هذا النقاش مقدم من مدرسة يمكن أن تكون محافظة جدا فهم يختلفون عن الأخوة الدينية التي تطالب باستخدام الحريات السياسية لتقديم مفاهيم الأخلاق الإسلامية في التركيز بشكل أو لي على استخدام المؤسسات غير الإسلامية باتجاه أهداف دنيوية بالرغم من هذا غالبا غموض خلال تعريف الأهداف والقيم التي يسعى إليها

محمد مبارك الشنقيطي يستشهد بقصة يوسف لتبرير المشاركة السياسية في دول غير مسلمة فالتعاون مع غير المسلمين في علاقات عالمية مسموح طالما سيجلب منافع للمسلمين وسوف يساعد على تأسيس عدالة أو درء ظلم لا يوجد شيء محرم في مشاركة المسلمين في الانتخابات التي تجري في دول غير مسلمة خاصة عندما تعود هذه المشاركة بمنافع على المسلمين أو تصد أذى.
إذا كان الحاكم ظالما فان المدارس مقسومة إلى قسمين بخصوص السماح بقبول المنصب منه: الموقف الأول انه مسموح طالما إن المستلم للمنصب يتصرف بعدل فيما أوكل إليه لأن يوسف عين من قبل فرعون ولان الاعتبار للعدالة والشرعية ي تصرفاته وليس في أفعال الآخرين
الموقف الثاني انه ليس مسموحا بسبب ما يسنه من ولاء للظلم ودعم للظالم وتنفيذ خططه
هذا الفريق الذي يتبنى الموقف الثاني يعطي تفسيرين لتعيين يوسف من قبل فرعون:
الأول إن فرعون هذا كان صالحا بينما فرعون موسى كان مستبدا.
الثاني إن يوسف كان متحررا من الخضوع له.

يعالج حسين فضل الله هذه المشكلة باقتراح انه يوجد نوعان من الظلم:
الأول: انتهاك مباشر لحقوق الناس في المجتمع
الثاني: تصرف معارض أو مهمل لشرع الله
غير المسلمين يمكن أن يكونوا عادلين بهذا المعنى الذي لا يضطهد الناس أو يحرمهم من حقوقهم الاجتماعية بينما لا يزالون ظالمين تجاه أنفسهم وتجاه الله
حتى معارض الولاء للحكام الظالمين أو لدعمهم كالماوردي يسمحون بأن يكون فرعون موسى صالحا وملك الحبشة عادلا حتى قبل تحوله إلى الإسلام.
يقدم الغنوشي رؤية واضحة غير مثالية لكيفية سعي المسلمين لمفهوم عدالة إسلامي في دولة غير مسلمة:
تعتمد الحكومة الإسلامية على عدد من القيم والتي تنتج إذا أنجزت نظاما كاملا أو قريبا من الكمال ولكن إذا لم يكن ممكنا لمثل هذه القيم ان تنفذ كلها فالبعض يجب ان يكفي في ظروف معينة لكي توجد حكومة عادلة الحكومة العادلة حتى إذا لم تكن إسلامية تعتبر قريبة إلى الحكومة الإسلامية لان العدل هو أهم سمة للحكومة الإسلامية لطالما قيل إن العدل قانون الله.
تعتمد رؤية الغنوشي على رؤية تشريعية للشاطبي الأندلسي بشكل خاص ترى إن القانون الإلهي قد نزل ليحمي المصالح البشرية الأساسية الخمس الحياة والملكية والعقل والنسب وفي البداية الدين

النقاش الأول مثل هذا هو الذي وضح بواسطة الغنوشي المعتمد على قراءته لفقه الشاطبي هذا النقاش يتبنى إن واجب المسلم هو العمل باتجاه الحفاظ على ما يمكن الحفاظ عليه من أهداف الشريعة المفهومة بشكل واسع كـ ضروريات البشر الخمس الأساسية. هذا التأكيد على غاية التشريع الإلهي يخدم في صرف الانتباه عن كلا الأحكام التقنية الخاصة للتشريع الإسلامي والأشكال غير الإسلامية للسلوك المسموح به في دول غير مسلمة
بدلا من ذلك يمكن أن ترى الحكومات الإسلامية كـ عادلة بشكل كاف لان مصالح البشر العامة التي تحميها مثل المصالح المتضمنة لدى الغنوشي في سياق أكثرية مسلمة أو أقلية الاستقلالية التطور التضامن الاجتماعي الحريات المدنية حقوق الإنسان التعددية السياسية استقلالية القضاء حرية النشر وحرية النشاطات الإسلامية يمكن أن تنتج شكلا شرعيا للحكم بأن يدعو إلى حكومة عقل مقابل حكومة الشريعة.
محاولات الغنوشي ورمضان وابن البياع تبدو أنها الأكثر تطوراً من حيث القدرة على مواكبة المفهوم المعاصر للمواطنة الليبرالية ومتطلباته وتبقى المشكلة في الاستعلاء الإيماني الذي يحكم تعامل المسلم مع غيره وفي النظرة اليوتوبية إلى العالم كعالم محكوم بالزيف والخطأ.