باريس – رندة تقي الدين، موسكو – سامر الياس، لندن، إسطنبول – «الحياة»، رويترز

غداة القمة التركية – الروسية – الفرنسية – الألمانية التي استضافتها إسطنبول السبت، صعّدت أنقرة ضد المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في شرق نهر الفرات، في وقت علمت «الحياة» أن صوغ البيان الختامي للقمة شهد شداً وجذباً بين الروس من جهة والأطراف الثلاثة الأخرى.

 

وأوضحت وكالة «الأناضول» التركية أن القوات التركية قصفت مواقع لـ «وحدات حماية الشعب الكردية» على الضفة الشرقية للفرات في شمال سورية. وذكرت أن القصف استهدف منطقة زور مغار غربي منطقة عين العرب (كوباني) شمال سورية، وعزت التصعيد إلى «منع أنشطة إرهابية».

جاء ذلك بعد ساعات قليلة من تشديد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار على أن بلاده «لن تسمح بأي خطوات أو أمر واقع يُفرض في المنطقة رغماً عنها». وقال في رسالة نشرها على صفحة الوزارة لمناسبة الذكرى الخامسة والتسعين لتأسيس الجمهورية التركية، إن «القوات المسلحة التركية ستواصل مكافحتها المنظمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيمات (فتح الله) غولن وبي كا كا/ كا جي كا وداعش، التي تستهدف وحدة البلاد».

في المقابل، اعتبر القيادي في «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) حقي كوباني أن استهداف تركيا مدينة كوباني «بمثابة مد يد العون لتنظيم داعش الإرهابي الذي بات يقترب من هزيمته النهائية بسبب الضربات القاسية التي يتلقاها»، مؤكداً أن حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان تريد إحياء «داعش» مجدداً لرصّ صفوفه وشنّ الهجمات على المناطق الآمنة. ودعا المجتمع الدولي إلى «اتخاذ الإجراءات الكفيلة بصدّ الحكومة التركية عن مهاجمة المناطق الآمنة في سورية». وشدد على أن «قسد لن تقف مكتوفي الأيدي حيال الهجمات التركية، إيماناً منها بأن الدفاع عن المدنيين حقٌّ مشروعٌ».

وقال لـ «الحياة» عضو العلاقات الخارجية في حزب “الاتحاد الديموقراطي” إبراهيم إبراهيم: «في الوقت الذي يتجه فيه العالم إلى حل سياسي وتهدئة في الملف السوري، تصر تركيا على افتعال أزمات تحت إدعاءات لا يراها سواها». وأضاف: «هذا التصرف جنوني نحو تعقيد الأزمة السورية. تركيا تستفيد من حال الحرب والدمار في سورية، ولا تريد الاستقرار لتبقى سورية وشعبها تابعين وضعيفين».

إلى ذلك، قال مصدر فرنسي رفيع متابع لـ «قمة إسطنبول»، إن المفاوضات مع الجانب الروسي حول البيان الختامي «كانت بالغة الصعوبة في شأن النص الخاص بمنع استخدام السلاح الكيماوي»، مضيفاً: «عارض الروس في البداية الإشارة إلى ذلك في البيان الختامي، ثم وافقوا على وضع صيغة مخففة»، معتبراً ما ورد في البيان «التزاماً مهماً حول منع استخدام السلاح الكيماوي».

وتطرق المصدر إلى ملف الهدنة في مدينة إدلب (شمال غربي سورية)، واصفاً إياه بـ «الملف الأصعب في المفاوضات لأن الكل كان متفق على الإشارة إلى وقف النار، لكن باريس وبرلين أعربتا عن رغبة في أن تؤدي القمة إلى تعميق وقف النار، وتركيا أيضاً كانت تعتبر أن انعقاد هذه القمة كانت فرصة لذلك». لكن المصدر لفت إلى «تحفظ روسي على الموضوع في حجة أن مكافحة الإرهاب يجب أن تستمر»، مشيراً إلى أن «موسكو رفضت تحمل التزامات إضافية من مضمون مذكرة التفاهم التي وقعتها مع أنقرة، فيما أصرت باريس وبرلين على تجنب كارثة إنسانية وإعطاء المزيد من الوقت للتفريق بين المجموعات المسلحة، وهو ما كانت أنقرة تؤيده».

وأضاف المصدر: «بالنسبة إلى لجنة الدستور السوري، كانت أيضاً المفاوضات صعبة جداً، لأن روسيا قالت لهم إن بإمكانكم أن يحددوا موعداً زمنياً لهذه اللجنة، وأنها هي التي عليها أن تفاوض النظام السوري، وأن من الصعب جداً أن تحصل على تقدم في هذا الملف الذي يتطلب وقتاً طويلاً وصبراً كبيراً، وأنه إذا تم تحديد موعد قريب لهذه اللجنة من دون تحقيق الهدف، ستضيع الصدقية، وهذا غير عملي». وزاد: «فرنسا وألمانيا وتركيا ردت بأن اجتماعهم لممارسة ضغط وتوجيه رسالة مشتركة تُظهر أن روسيا ليست وحدها من يمارس ضغطاً على النظام السوري، وأن على الدول المجتمعة أن تُظهر رغبة سياسية في إنشاء هذه اللجنة بأسرع وقت». وأشار المصدر إلى أن ماكرون ومركل «مارسا ضغوطاً قوية للحصول على تاريخ محدد لتشكيل لجنة الدستور.

وفي ما يخص المساعدة الإنسانية، قال المصدر: «تم الاتفاق على أن يتم ذلك في وقت أسرع». لكنه قال إن الروس يطلبون منذ أشهر أن تعيد فرنسا وألمانيا إعمار سورية.