U.S. President Donald Trump delivers an statement about missile strikes on a Syrian airbase, at his Mar-a-Lago estate in West Palm Beach, Florida, U.S., April 6, 2017. REUTERS/Carlos Barria

واشنطن، أنقرة، بيروت، طوكيو، نواكشوط، بكين ـ رويترز
شنت الولايات المتحدة أمس (الخميس) عشرات الضربات الصاروخية على قاعدة جوية تسيطر عليها قوات النظام السوري في حمص رداً على الهجوم الكيماوي الذي وقع الثلثاء في منطقة تسيطر عليها المعارضة ما أغضب روسيا التي قررت تعليق العمل باتفاق للسلامة الجوية مع الولايات المتحدة.
وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه أمر بضربة عسكرية على قاعدة جوية في سورية انطلق منها هجوم كيماوي هذا الأسبوع، موضحاً أنه «يجب أن لا يكون هناك شك في أن سورية استخدمت أسلحة كيماوية محظورة وأخلت بالتزاماتها بموجب اتفاق الأسلحة الكيماوية وتجاهلت دعوة مجلس الأمن». وتابع «من مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة منع وردع انتشار واستخدام الأسلحة الكيماوية المميتة».
وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن الجيش الأميركي أطلق 59 صاروخاً من طراز «توماهوك» من مدمرتين تابعتين للبحرية الأميركية في البحر المتوسط فأصابت أهدافاً عدة منها المدرج وطائرات ومحطات وقود في قاعدة جوية.
وأضاف الكابتن جيف ديفيز للصحافيين «استهدفت هذه الصواريخ طائرات ومرآب طائرات ومناطق لتخزين الوقود والإمدادت اللوجيستية ومخازن للذخيرة وأنظمة دفاع جوي وأجهزة رادار»، موضحاً أن الجيش الأميركي أجرى حوارات عدة مع القوات الروسية قبل الضربة مستخدماً خط اتصال أنشئ في وقت سابق لمنع حدوث اشتباك من طريق الخطأ في سورية خلال المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)». فيما أعرب مشرعون أميركيون من الحزبين «الجمهوري» و«الديموقراطي» عن تأييدهم للهجمات على سورية.
ودانت روسيا الضربات الأميركية على القاعدة، معتبرة أنها شكلت انتهاكاً للقانون الدولي وأضرت بشدة بالعلاقات بين واشنطن وموسكو. وقالت الخارجية الروسية في بيان إن روسيا ستعلق العمل باتفاق للسلامة الجوية مع الولايات المتحدة في الأجواء السورية، وأنها تريد عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن لمناقشة الضربات الصاروخية والتي وصفتها بالخطوة «الطائشة».
وقالت الرئاسة السورية إن الهجوم الصاروخي الأميركي زاد من تصميم سورية على دحر جماعات المعارضة المسلحة وتعهدت تصعيد وتيرة العمليات ضدها.
وقال بيان للرئاسة «هذا العدوان زاد من تصميم سورية على ضرب هؤلاء العملاء الإرهابيين وعلى استمرار سحقهم ورفع وتيرة العمل على ذلك أينما وجدوا». ووصف البيان الهجوم الأميركي بأنه «ما هو إلا تصرّف أرعن غير مسؤول ولا ينمّ إلا عن قصر نظر وضيق أفق وعمى سياسي وعسكري عن الواقع وانجرار ساذج وراء حملة وهمية دعائية كاذبة».
وقال الناطق باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ديمتري بيسكوف إن بوتين «يعتبر التحرك الأميركي عدواناً على دولة ذات سيادة بذريعة مختلقة ومحاولة لصرف انتباه العالم عن أعداد القتلى المدنيين في العراق». وتابع «روسيا لا تعتقد أن سورية تملك أسلحة كيماوية… التحرك الأميركي سيشكل حتماً عقبة حقيقية أمام تشكيل تحالف دولي لمحاربة الإرهاب» وهي فكرة روج لها بوتين مراراً.
لكن لجنة الشؤون الدولية في مجلس النواب الروسي قالت إن من غير المرجح أن تؤدي الهجمات الصاروخية التي شنتها الولايات المتحدة على قاعدة جوية سورية إلى إلغاء زيارة يعتزم وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون القيام بها إلى موسكو الأسبوع المقبل.
وقال «الكرملين» إن الرئيس فلاديمير بوتين اجتمع مع مجلس الأمن الروسي اليوم، وبحثوا بقاء سلاح الجو الروسي في سورية في أعقاب الضربات الصاروخية الأميركية.
وذكر «الكرملين» في بيان «عبر الاجتماع عن القلق البالغ إزاء العواقب السلبية التي لا يمكن تجنبها على المعركة ضد الإرهاب العالمي نتيجة العمل العدواني». وأضاف أن المجلس بحث بقاء قوة جوية روسية في سورية لدعم عمليات مكافحة الإرهاب التي يقوم بها الجيش السوري. ودعت روسيا أيضاً إلى اجتماع طارئ لقوة عمل الأمم المتحدة حول الضربات في سورية.
ونددت طهران أيضاً بالهجوم الأميركي، وصرح الناطق باسم وزير خارجيتها بأن بلاده «تدين بقوة أي ضربات أُحادية الجانب من هذا النوع»، موضحاً أن مثل هذه الإجراءات ستقوي شوكة الإرهابيين… وستعقد الوضع في سورية والمنطقة».
وأيَّد الأردن واليابان وأسترليا وإيطاليا وبولندا وإسرائيل الضربات الجوية، بينما «تفهمت» ألمانيا الرد الأميركي. وقال وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل إن بلاه تتفهم الضربات على القاعدة الجوية «خصوصاً بعدما كان مجلس الأمن عاجزاً تماماً عن الرد على الاستخدام الهمجي للأسلحة الكيماوية ضد الأبرياء».
وأكدت كل من فرنسا وبريطانيا أن واشنطن أبلغتهما مسبقاً عن الضربات الصاروخية، فيما أعربت الصين عن قلقها، داعيةً الجهات المعنية إلى الالتزام بالتسويات السياسية. فيما دعت مصر أميركا وروسيا إلى احتواء الصراع في سورية.
وأثنى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على الهجوم الذي شنته الولايات المتحدة على قاعدة جوية سورية، ووصفه بأنه تطور مهم لكنه قال إنه غير كاف بمفرده وإنه ينبغي اتخاذ «خطوات جادة» لحماية الشعب السوري.
وقال أردوغان خلال تجمع حاشد في إقليم هاتاي جنوب البلاد «نراها خطوة إيجابية وملموسة ضد جرائم نظام الأسد. هل هي كافية؟ لا أراها كافية. حان الوقت لاتخاذ خطوات جادة لحماية الشعب السوري البريء».
وتابع الرئيس التركي قائلاً «يملك المجتمع الدولي القدرة على وقف النظام والمنظمات الإرهابية. أتمنى أن يكون الموقف الفعال الذي أبدته الولايات المتحدة في إدلب بداية في ما يتعلق بمثل هذه التطورات».
من جهتها، أعربت المعارضة السورية عن تأييدها للضربات الأميركية، لكنها قالت إن هجوماً أميركياً واحداً غير كاف.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن سفارة موسكو في دمشق قولها إنه ليس لديها أي معلومات حتى الآن عن إصابة جنود روس نتيجة الضربات، فيما ذكرت «الوكالة العربية السورية للأنباء» (سانا) أن تسعة مدنيين بينهم أربعة أطفال قتلوا في الهجوم في قرى قرب القاعدة الجوية. وأضافت أن سبعة آخرين أصيبوا وأن أضراراً بالغة لحقت بمنازل في المنطقة.
وقال وزير الإعلام السوري رامز ترجمان إن الضربة كانت محدودة وإنه لا يتوقع تصعيداً عسكرياً، فيما أعلنت قناة «الميادين» أن قيادة الجيش السوري أخلت القاعدة الجوية من غالبية الطائرات قبل القصف الصاروخي.
وكان مسؤول أميركي فضل عدم الكشف عن اسمه قال إن الخيارات التي يمكن لترامب اتخاذها قد تشمل منع الطائرات التي تستخدمها قوات الرئيس السوري بشار الأسد من الطيران أو استخدام صواريخ «كروز» ما يسمح للولايات المتحدة بضرب أهداف من دون نشر طائرات مأهولة فوق سورية. وتابع إن وزير الدفاع جيمس ماتيس ومستشار الأمن القومي للبيت الأبيض إتش.آر مكماستر أجريا محادثات موسعة في هذا الشأن.